في الذكرى السنوية العاشرة لليوم العالمي لمناهضة عمل الأطفال، شددت منظمة الأممالمتحدة للطفولة اليونيسف إلى ضرورة العمل للتصدي لمشكلة الفقر الكامنة وراء الأسباب المؤدية إلى ظاهرة عمل الأطفال. ورأت اليونيسف أن تحسين فرص الحصول على التعليم الجيد، وخصوصاً بالنسبة للفتيات في الأوضاع الريفية الفقيرة، يشكل أحد الجوانب الرئيسية لنهج شامل وفعال لمعالجة المشكلة. وفي مختلف أرجاء العالم، حيث تنخرط قرابة 100 مليون فتاة في ظاهرة عمل الأطفال، تضطلع الكثيرات منهن بأنواع من العمل شبيهة بتلك التي يضطلع بها الصبية، لكنهن في أحوال كثيرة تتحملن أيضاً المزيد من الصعاب وتواجهن المزيد من المخاطر. وعلاوة على ذلك، تتعرض الفتيات في أغلب الأحوال لبعض أسوأ أشكال عمل الأطفال، ويكون ذلك عادة في أوضاع عمل خافية عن الأعين أو خلف جدران المصانع أو في عمق الحقول أو حتى خلف الأبواب داخل منازلهن أنفسهن. وتقول مديرة قطاع حماية الطفل في اليونيسف سوزان بيسيل ”إن كثيراً من الفتيات يعملن في الوظائف الزراعية والصناعية نفسها التي يعمل بها الصبية، لكن الفتيات تتحملن عبئاً أكبر من خلال العمل المنزلي المجاني لساعات أطول سواء داخل بيوتهن أو العمل في أماكن أخرى“. وتضيف قائلة ”إن ما تخفى ملاحظته بالنسبة للعامة هو الأعمال المنزلية التي تقوم بها الفتيات لدى أسر غير أسرهن فهذا العمل يعرض الفتيات لمخاطر أخرى متنوعة“. وهناك عدد من العوامل الثقافية والاجتماعية الاقتصادية التي تؤثر على قرار الأسرة بأن تلحق بناتها بالتعليم. كما أن هناك عوامل أخرى قد تحد من فرص الفتيات، وخاصة حين يبلغن سن المراهقة، من قبيل ضمان السلامة أثناء الذهاب إلى المدرسة والعودة منها، أو عدم توفر المياه والمرافق الصحية المناسبة في المدارس. ووفقاً لبيانات منظمة العمل الدولية، فإن أسوأ أشكال عمل الأطفال تنطوي على ممارسات من قبيل بيع الأطفال أو الاتجار بهم، والتجنيد الإجباري للجنود الأطفال، واستغلال الأطفال أو عرضهم للعمل في مجال الدعارة أو إنتاج المواد الإباحية، واستخدام الأطفال أو جلبهم أو عرضهم للاستغلال في أنشطة غير مشروعة أو أي أنشطة يحتمل أن تضر بهم. وجاء في أحدث تقرير عالمي لمنظمة العمل الدولية عن عمل الأطفال أنه في العام 2004 بلغ عدد الأطفال الذين يشاركون في أعمال خطرة تضر بسلامتهم وصحتهم ونمائهم 126 مليون طفل. ويتعرض للاستغلال في هذا المجال أشد الفئات ضعفاً كالفتيات واليتامى والفئات العرقية أو فئات الأقلية وأطفال الشوارع، والذين يشكلون الغالبية بين التلاميذ المنقطعين عن الدراسة. وتضيف بيسيل”أن التعليم يوفر بيئة آمنة للأطفال، بيد أنه إذا تعيَّن على أسرة أن تختار بين إرسال ابنها أو بنتها إلى المدرسة، تكون البنت في أغلب الأحوال هي الخاسرة للرهان“. وتستطرد ”إن تحسين فرص التعليم أمام الأطفال المنحدرين من المجتمعات الفقيرة، وضمان توافر برامج التعليم المرنة والممولة حسب الأصول للعاملين والمهمشين من الأطفال، وإلغاء التكاليف على التعليم الابتدائي، هي من السبل التي يمكن عن طريقها التصدي للأوضاع المفضية إلى عمل الأطفال“. وفي العام 2000، أنشئت شراكة بين اليونيسف وشركة إيكيا (IKEA) وحكومة الهند من أجل التصدي للأسباب الجذرية لعمل الأطفال في حزام صناعة السجاد في الهند. ونتيجة لذلك، تم تنفيذ برنامج في 500 قرية في منطقة أوتار براديش الشرقية في الهند أتيح بموجبه توفير التعليم لنحو 000 800 من التلاميذ المنقطعين عن الدراسة. ومنذ ذلك الحين، وضعت كل من شركة إيكيا ومنظمة اليونيسف نصب أعينهما توسيع نطاق التغطية عن طريق الوصول إلى المزيد من القرى في مناطق صناعة السجاد والأواني المعدنية في أوتار براديش، ومناطق القطن وبذور القطن في أندرا براديش. غير أن التقدم الذي أحرز على مدى السنوات السابقة في تعزيز فرص الحصول على التعليم وخفض معدلات عمل الأطفال يمكن أن يعوق من استمراره الأثر الناجم عن الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية الحالية التي تشكل تهديداً يحول دون إحراز المزيد من التقدم. وفي حين بلغت بلدان كثيرة الهدف المتعلق بتعميم التعليم الابتدائي من الأهداف الإنمائية للألفية، فإنه في بلدان أخرى كثيرة، وبخاصة بلدان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، لا تزال معدلات الانتظام في الدراسة في التعليم الابتدائي والثانوي منخفضة. كما أن هدف إزالة التفاوت بين الجنسين في التعليم الابتدائي والثانوي لا يزال أبعد ما يكون من التحقق. وتشدد اليونيسف على أن جميع الأطفال بمن فيهم الفتيات لهم الحق في التعليم. فالفتيات اللاتي يحصلن على التعليم أوفر حظاً في تجنب الفقر وضمان توفير التعليم لأطفالهن أنفسهن، مما يساعد على تجنب ظاهرة عمل الأطفال في المستقبل. كما تجدر الإشارة إلى أن هذا العام يوافق أيضاً الذكرى السنوية العشرين لاتفاقية حقوق الطفل.