انفرجت الأزمة بين رئيسي الجمهورية اللبنانية ميشال عون والمجلس النيابي نبيه بري في اليوم الرابع لتفاعلات الإساءة التي وجهها رئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل إلى رئيس البرلمان، في اتصال أجراه عون مع بري بتشجيع من رئيس الحكومة سعد الحريري وبحضوره غروب أمس. وانتهى الاتصال باتفاق على وقف الحملات الإعلامية المتبادلة التي نجمت عن كلام باسيل ضد بري، بعدما كانت حركة «أمل» أعلنت خلال النهار وقف التحركات الشعبية التضامنية مع رئيسها. وذكرت مصادر مطلعة ل «الحياة» أن عون أبلغ بري أن «كرامتك من كرامتي ولا أقبل أن يحصل ما حصل معك، وهو ما كان يجب أن يحدث». ودعاه إلى طي الصفحة ولملمة الأوضاع الناجمة عن ذلك. وشكل التهديد الإسرائيلي الذي أطلقه وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان للبنان والشركات التي ستلتزم التنقيب عن الغاز في ال»بلوك 9» من المنطقة الاقتصادية الخالصة في المياه اللبنانية في الجنوب، مدّعياً أنه لإسرائيل، مخرجاً ومناسبة لإجراء الاتصال وحجة للتداول ب «الخطوات لمواجهة هذه التهديدات» (راجع ص5). والتقى الحريري عون واعلن بعد ذلك أنه أطلعه على نتائج زيارته أول من أمس تركيا، «واتفقنا على خطوات بما يخص البلوك الرقم 9 لاستخراج النفط والتحديات التي يواجهها لبنان، وستكون لنا خطوات واضحة وصريحة في هذا الخصوص قريباً، ونحن نواجه عدواناً كبيراً في هذا الشأن». وقال إن «الأجواء إيجابية بين الرئيسين ونعمل جميعاً من أجل التهدئة، وأنا اعتبر أن كرامة الرئيس بري من كرامتي وكرامة الشعب اللبناني وفخامة الرئيس، وهو كلام نابع مني ومن فخامة الرئيس». وأعقب ذلك إعلان مصادر بري تلقيه الاتصال من عون، فيما أكد المكتب الإعلامي للرئاسة اللبنانية أن عون أجرى الاتصال ببري وتداول معه في التطورات الراهنة والتهديدات الإسرائيلية الأخيرة بالنسبة إلى البلوك 9 والجدار الذي تعمل على إقامته إسرائيل على الحدود الجنوبية». وأشار البيان إلى أنه «خلال الاتصال الذي سادته المودة، أكد فخامة الرئيس أن الظروف الراهنة والتحديات الماثلة أمامنا تتطلب منا جميعاً طي صفحة ما جرى أخيراً، والعمل يداً واحدة لمصلحة لبنان. وعبر دولة الرئيس بري عن تقديره مبادرة فخامة الرئيس وتفهمه دقة الظروف الراهنة وخطورتها، وتم الاتفاق بين الرئيسين على عقد اجتماع يوم الثلثاء المقبل (في حضور الحريري) لدرس الخطوات الواجب اتخاذها لمعالجة التهديدات الإسرائيلية المتجددة والأوضاع في البلاد». وأصدر مكتب بري بياناً أعلن تلقيه الاتصال وأنه «تناول المستجدات والتهديدات الإسرائيلية التي تتطلب العمل يداً واحدة لمصلحة لبنان». كما أعلن الاتفاق على عقد اجتماع الثلثاء المقبل «لدرس الخطوات لمواجهة التهديدات الإسرائيلية المتكررة وبحث الأوضاع في البلاد. كما تم الاتفاق على وقف الحملات الإعلامية». وأوضحت مصادر مطلعة ل «الحياة» استنفار عديد من الوسطاء لاحتواء أجواء التصعيد في الشارع الناجمة عن ردود الفعل المتبادلة بعد تسرب كلام باسيل ضد بري، وكان آخرها ليل أول من أمس في منطقة الحدث، حيث كادت مواجهة تأخذ طابعاً طائفياً بين شبان مناصرين لبري قدموا من الضاحية الجنوبية للاحتجاج على كلام باسيل، وآخرين من المنطقة التي تُوالي «التيار الوطني الحر»، واشارت المصادر الى ان أن حركة «أمل» تبرأت من هذا التحرك وطالبت القوى الأمنية بالتصدي له. وعلمت «الحياة» أن قيادة «حزب الله» تحركت في اتجاه عون لتشجيعه على الاتصال ببري، وأن المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم دخل على خط الوساطة بين الرئيسين، بموازاة تحرك الحريري. كذلك نواب في «تكتل التغيير والإصلاح». وأشارت مصادر مطلعة إلى وجود رغبة لدى الرئيس عون في معالجة الأزمة منذ إصداره بيانه الإثنين الماضي عن حصول «خطأ كبير بُني على خطأ»، ما ساهم في حلحلة التأزم. لكن المقدمة الهجومية على بري في محطة «أو تي في» مساء ذلك اليوم عرقلت الأمر.