اتصلت بي تقول: سيكون هناك اجتماع مع مديرة جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن المكلفة الدكتورة زينب الزين، نرجو منك الحضور. انتهت المكالمة. ثوانٍ وإذا برسالة تضيء هاتفي وجدتها تأكيدية باليوم والتاريخ والزمن للاجتماع. تسارعت نبضاتي قلقاً وخوفاً إلى أن حضرت في الموعد، وفي عيني تساؤل مديرة الجامعة الأميرة الدكتورة الجوهرة بنت فهد، أين هي؟ عسى أن يكون المانع خيراً! قرأت في عيني من استقبلتنا كل ذلك من دون سؤالي لها، اقتربت مني، أجابت بهمسة مطمئنة دكتورة الجوهرة بخير. الدنيا هكذا، تركت الأميرة الدكتورة الجوهرة بنت فهد الإدارة. لحظة صمت كستني، لعلي أستوعب، أهكذا فجأة! عادت لي الجوهرة بكل المعاني واللحظات الجميلة والمكتسبات النادرة التي تعلمناها بالقرب منها. الأميرة الدكتورة الجوهرة بنت فهد... إليك الكلمات: لقد أعدتِ لنا عهد 100 عام مضى، عهد «صقر الجزيرة» الملك عبدالعزيز، طيب الله ثراه، حينما خرج مكافحاً مجاهداً ممتطياً صهوة جواده، حاملاً السيف بيده والإيمان بقلبه، راجياً من الله النصر، وأن يعود موحداً البلاد تحت راية «لا إله إلا الله محمد رسول الله»، وبالفعل عاد لنا محققاً ما صوب نظره إليه، فمن بعد أن كانت بلادنا شتاتاً أصبحت وحدة، واليوم نرى هذا الإنجاز في شخصكِ المعطاء المكافح، لقد جمعت أطراف كليات منطقة الرياض المترامية تحت ظل واحد باسم جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن. نبارك لكِ هذا الإنجاز، وسنظل ندعو المولى أن يبارك. اكتب يا تاريخ، وسطر يا زمان، نورة بنت عبدالرحمن يعتلي اسمها كبرى الجامعات... يا لروعة الوفاء. رحمك الله يا عبدالعزيز... إلى جنان الخلد يا نورة بنت عبدالرحمن... حفظك الله ورعاك يا عبدالله، بارك الله في جهودك يا دكتورة الجوهرة بنت فهد، وحقق الله آمالك وتطلعاتك... أنتِ الأمل الذي كنا به نحلم. سنواتك البسيطة بيننا في إدارة الجامعة صور لا تُمحى من الذاكرة، ترجمتي لنا الكلمات التي نقرؤها بين صفحات الكتب الداعية للفضيلة والتميز، والنجاح مواقف! رأيناك جوهرة مصونة بغطائها الكامل، تقف في صفوف المهندسين وتحاور وعلى رأسها قبعة متينة، تتفقد أكبر مدينة جامعية للبنات في العالم، توصلين لنا رسالة حميمة، أن غطاء الوجه لن ولم يكن عائقاً بل هو عزة وسمو ورمز للأخلاق والمكارم. رأينا السماحة في ملامحك، والبساطة في حديثك، والتواضع سمتك، تحضرين حفلة افتتاح معرض فني في جامعتنا، فتصطحبك إحدى المشاركات وتعرفك على إنتاجها الفني، تتنقل بك بين لوحة وأخرى تشرح لكِ، وأنتِ تتأملين نظراتها وإحساسها أمام كل لوحة، فتقفين قائلة لها: ببسمة جميلة (بنتي أنت الأجمل)، كلمات تغني عن كل ترجمة. رأيناك تستقبلين الوفود الأجنبية وتودعينهم، وكما هي العادة يطلبون التقاط صورة للذاكرة فلا ترفضين، تستأذنين منهم ثواني لترتدي عباءتك، ترتدينها باعتزاز، فلا نرى منك إلا يدين تفيض كرماً عربياً أصيلاً، تحمل رمزاً من رموز البلاد هديةً لضيوفها وتقدمينها لهم، وخلف تلك العباءة تسكن ابتسامتك المطمئنة... وكاميرات الوفد تضيء تلتقط الصور لك بانبهار! انعكس ذلك علينا فخراً بنعمة الإسلام. وكما تميزتِ، فلقد تميز هناك طالباتك ممثلون جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن في المؤتمر العلمي الثاني لطلاب وطالبات التعليم العالي، إذ حصد الطالبات المشاركات ثماني جوائز بمراكز مختلفة، منها المركز الأول، والريشة الذهبية، لكي نهدي الفوز لك يا «جوهرة». الأميرة الدكتورة الجوهرة... تعلمنا منك أسمى قيمة، (لنكون الفخر، علينا أن نتمسك بالدين على كل أرض، وتحت كل سماء، رافعين شعار «لا إله إلا الله محمد رسول الله». الأميرة الدكتورة الجوهرة... نعم القدوة كنتِ ولازلتِ، في زمن بدأت فيه القيم من العقد تتناثر. من أجلك الأكف ترفع، بأن يجعل المولى حياتك اطمئناناً، ورضا من الرحمن، ومستقرك جنة عرضها السماوات. الأميرة الدكتورة الجوهرة... لكِ منّا «نحن منسوبات جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن» تحية تقدير وشكر وامتنان. حياتك إنجاز... وإنجازك حياة. [email protected]