جدد المبعوث الأميركي إلى منطقة الشرق الأوسط جورج ميتشل تأكيد استمرار بلاده في دعم لبنان، مشيراً إلى أن «أي حل في المنطقة لن يكون على حسابه»، ومعلناً أن «المبادرة العربية للسلام من ضمن جهود يستند إليها التحرك الأميركي الجديد». أما الرئيس اللبناني ميشال سليمان فدعا من جهته الولاياتالمتحدة الى «تكثيف جهودها من اجل التوصل الى السلام الشامل والعادل في منطقة الشرق الأوسط»، مشيراً الى «استعداد لبنان للمشاركة في أي مؤتمر دولي للسلام على أساس مرجعية مؤتمر مدريد والضمانات التي أعطيت للبنان في حينه وانسحاب اسرائيل من الأراضي اللبنانية المحتلة، واستناداً ايضاً الى المبادرة العربية للسلام بكامل مندرجاتها، لا سيما ما يتعلق برفض اي شكل من اشكال التوطين». وغادر ميتشل بيروت الى دمشق امس، بعد زيارة دامت ساعات التقى خلالها مسؤولين لبنانيين يرافقه وفد أميركي وسفيرة بلاده ميشال سيسون. وبدأ المبعوث الأميركي لقاءاته باجتماع مع الرئيس سليمان، ثم التقى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة ووزير الخارجية فوزي صلوخ ورئيس كتلة «المستقبل» النيابية سعد الحريري. كما أجرى اتصالاً برئيس المجلس النيابي نبيه بري في المصيلح، متمنياً لو كان بإمكانه لقائه خلال هذه الزيارة، ومعرباً عن تطلعه للقائه في المستقبل القريب. من جهته، أشار بري الى أنه كان يرغب لو أن «ميتشل يزور مناطق الجنوب خصوصاً أنه يُعتبر جزءاً من مهمته للحل في الشرق الأوسط». في بعبدا وبعد زيارته سليمان في بعبدا، هنأ ميتشل الرئيس اللبناني على «دوره في انجاز الانتخابات على النحو الذي حصل»، مقدراً فيه «صفات القيادة المميزة»، وناقلاً كذلك «تهنئة الرئيس اوباما ونائبه جوزف بايدن ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون». وأشار إلى أن «استدعاء الرئيس الأميركي له بعد 48 ساعة على دخوله البيت الأبيض وتكليفه هذه المهمة دليل الى الاهتمام الكبير الذي يوليه الرئيس اوباما لأزمة المنطقة ورغبته القوية في ايجاد حل لها». وإذ لفت المبعوث الأميركي إلى أن «الحكومة اللبنانية الجديدة ستلعب دوراً اساسياً في الحفاظ على سيادة لبنان واستقلاله»، جدد التأكيد أن بلاده «ستستمر في دعم لبنان، وأي حل في المنطقة لن يكون على حسابه على الإطلاق». وخاطب سليمان قائلاً: «من المهم ان تدركوا اننا سنعتمد عليكم وأنتم ستعتمدون علينا، وسنستمع الى نصيحتكم وتصويبكم عندما يكون هناك خطأ». وأكد أن «تنفيذ القرار 1701 في صلب اهتمام الإدارة الأميركية، والمبادرة العربية للسلام هي من ضمن الجهود التي يستند اليها التحرك الأميركي الجديد حيال المنطقة»، لافتاً الى ان «الإدارة الأميركية الجديدة اختارت مقاربة الحوار الصريح والتشاور مع الأفرقاء». وثمن سليمان موقف اوباما «والإدارة الأميركية والشعب الأميركي تجاه لبنان ومساعدته في شتى المجالات»، لافتاً إلى أن «المرحلة الجديدة بعد الانتخابات هي مرحلة اصلاحات سياسية واقتصادية وتعزيز القوى العسكرية والأمنية ومتابعة انعقاد طاولة الحوار، وهذا كله في حاجة الى مناخ السلام الشامل والعادل في منطقة الشرق الأوسط حيث يتطلع الشعب اللبناني الى الدور الأميركي»، كما أمل ب«ألا يكون اي حل على حساب لبنان». وإذ نوه سليمان باختيار الرئيس اوباما للسيناتور ميتشل لمهمة التفاوض لإيجاد حل لأزمة المنطقة، اشار الى «تطلع الشعب اللبناني الى الدور الذي يقوم به ميتشل»، معتبراً أن «اختياره شخصياً دليل كبير على انه لن يكون هناك حل على حساب لبنان». وقال سليمان: «اي تسوية للمنطقة لا ترتكز الى حل موضوع اللاجئين الفلسطينيين لا تجدي نفعاً»، مشيراً في هذا السياق الى أن «انهاء الاحتلال الإسرائيلي لمزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من بلدة الغجر هو المدخل الصحيح نحو تحقيق السلام على اساس مرجعية مدريد وعلى قاعدة المبادرة العربية للسلام وفقاً للمقاربات والمهل التي أقرتها القمة العربية الأخيرة». كما أوضح أن «تطبيق القرار 1701 يسير في شكل جيد من جانب لبنان من خلال التنسيق الجيد بين الجيش واليونيفيل»، مؤكداً أن «كشف شبكات التجسس الإسرائيلية والتحذيرات المستمرة للحكومة اللبنانية يمثلان خرقاً فاضحاً للقرار 1701 ولسيادة لبنان بصورة مطلقة، ويؤكدان أهمية دور الدولة في توفير الحماية للجميع». ... في السراي والخارجية وفي السراي الحكومية، قال ميتشل بعد لقائه السنيورة: «زيارتي اليوم لبيروت، كما للدول التي زرتها خلال الأشهر القليلة الماضية، تؤكد الالتزام القوي للرئيس الأميركي باراك أوباما لإحلال سلام شامل في الشرق الأوسط. وهذا يضمن إقامة دولة فلسطينية كموطن للفلسطينيين، في أقرب وقت ممكن. ولبنان سيلعب دوراً أساسياً على المدى الطويل لبناء سلام شامل ودائم ومستقر في الشرق الأوسط»، مشيراً الى أن بلاده تتطلع «قدماً لمواصلة بناء علاقاتنا الثنائية القوية، والعمل مع الحكومة الجديدة، بما في ذلك العمل على إحلال سلام شامل واستقرار دائم في الشرق الأوسط». كما عقد ميتشل محادثات مع صلوخ في حضور الوفدين الأميركي واللبناني. وزع بعدها الطرفان كلمتين مكتوبتين. ورأى صلوخ في كلمته أن «إيلاء ملف عملية السلام في الشرق الأوسط للسيناتور ميتشل بكل ما يرمز اليه، هو اشارة جيدة تركت اثراً إيجابياً لدينا وتدخل في سياق المؤشرات الواعدة التي بدأت الإدارة الأميركية الجديدة بالتعاطي من خلالها»، مشيراً الى ان النقاش تناول «الوضع في لبنان بعد مرحلة الانتخابات النيابية التي تمت بكل ديموقراطية وعبرت عن خيارات الشعب اللبناني بكل شفافية... وعملية السلام في الشرق الأوسط والوضع في الأراضي الفلسطينية». ... في قريطم وانتقل المبعوث الأميركي الى قريطم حيث التقى الحريري في حضور النائب باسم السبع ونادر الحريري. وأشار ميتشل الى أنه قال للحريري «إنها لحظة مؤثرة بالنسبة الي لأننا هنا في منزل يحمل ذكرى والده الراحل، الذي لم يكن قائداً عظيماً فقط هنا في لبنان، بل كان أيضاً على الدوام حليفاً جيداً للولايات المتحدة وصديقاً شخصياً لي، وشخصية غمرتني بضيافتها وبحكمتها، وخسارته لم تؤثر فقط على عائلته وعلى رجال لبنان ونسائه، بل على كل من يحب الحرية في العالم». وأضاف: «أنا متأثر جداً هنا بالحضور الحسي والملموس لرفيق الحريري، وقد قلت للنائب الحريري إن والده لطالما كان فخوراً به، وهو بالتاكيد فخور به الآن في شكل خاص نظراً الى العمل والجهود التي بذلها في الأسابيع الماضية». وأكد ميتشل أن «لبنان قادر وسيؤدي دوراً محورياً في الجهود الطويلة الأمد المبذولة في بناء سلام شامل ودائم وإرساء الاستقرار في المنطقة»، مشيراً الى أن بلاده تتطلع «قدماً للعمل مع لبنان والحكومة اللبنانية ومع النائب الحريري وقادة آخرين للتوصل الى هذا الحل». وأشار الى «ان الولاياتالمتحدة تجدد دعمها الحازم والثابت لسيادة لبنان وحريته واستقلاله، اذ يستطيع الشعب اللبناني أن يحل مشاكله بنفسه ولمصلحته ومعالجة ما يقلقه حيال مستقبله». وقال: «ننظر قدماً الى أن نستمر في بناء علاقات ثنائية قوية من خلال العمل مع الحكومة اللبنانية الجديدة لتحسين العلاقات بين البلدين ولإشراك هذه الحكومة في جهودنا المبذولة في سبيل إرساء السلام والاستقرار في المنطقة».