شهدت سماء المملكة مساء أمس أول خسوف جزئي للقمر خلال العام 2018، والذي تزامن مع وجود القمر على مسافة قريبة من الأرض، ليظهر أكبر من حجمه المعتاد أمام عيني المشاهد بشكل يُعرف عند العامة بالقمر العملاق، ليدخل حينها القمر في ظلام تام بوقوعه خلف ظل الأرض مع اكتمال بدر شهر جماد الأولى الجاري، وتجتمع ثلاث ظواهر للقمر معاً هي «القمر العملاق» و«القمر المخادع» المعروف بالأزرق، والخسوف الكلي للقمر. ويتداول الناس منذ القدم أساطير ومقولات وخرافات عن القمر في الحكم والأدب والحقائق المغلوطة في قصص الأطفال، منها جانبه المظلم الذي يُبرر فيه الناس النقص في أمثالهم، فوفقاً لوكالة ناسا الفضائية، فإن ما نُسميه الجانب المظلم للقمر هو في الواقع جانبه الآخر الذي لا نراه، إذ إن دورانه يحجب عن الأرض 41 في المئة من سطحه، وعلى رغم شكله المعتم، إلا أنه ليس كذلك في الواقع هذه إحدى الخرافات التي كبرت وبقيت مع الزمن حول القمر «المظلوم». إذاً «ليس للقمر جانب مظلم» كما يتداول عنه، ولربما بعد البحث تكتشف عدم حقيقة مقولات القمر التاريخية في الشعر العربي وغيره في حال اكتماله وعملقته، ولربما عاش القمر أزمة مماثلة في أصعب حالاته عند «الخسوف»، فلم يسلم من الإشاعات في اكتماله حتى يسلم منها عند خسوفه، ومن هذه الخرافات عند البعض أن الحامل إذا مست بطنها عند خسوف القمر ولد الجنين ونصف وجهه أسود كالقمر المخسوف. وكان عرب الجاهلية الأولى يعتقدون بأن القمر في ضائقة أو أسر، فكانوا يضربون بالمعادن محدثين ضجيجاً وجلبة، ويقولون: «يا رب خلّصه»، وقديماً كانوا يعتقدون بأن خسوف القمر أو كسوف الشمس يحدث نتيجة لأن الجن قد خنق القمر أو الشمس، لذلك كان يدق الأطفال والنساء على الصفيح والنحاس ويصيحون صيحات مختلفة، إضافة إلى أنه بمجرد حدوث خسوف للقمر أو كسوف للشمس تتعالى التحذيرات من النظر إليهما، حتى لا يصاب الناس بالعمى. ولا تقتصر الخرافات على الأمور السيئة حول القمر، بل ارتبطت ظواهر الشمس والقمر عند البعض بأنه لقاء الحب الرومانسي في السماء ما بين الشمس والقمر، ولذلك تسمى دقائق الكسوف الكلي للشمس ب«الاقتران». ولا تنحصر الخرافات المرتبطة بالقمر في مجتمعنا المحلي أو حتى العربي، بل تتعداه لتصل إلى أوروبا، وفيها تنشط أسطورة سائدة بأن إجراء الجراحات ينبغي أن يتم ربطها بمواعيد محددة وفق توقعات فلكية معينة، يربط أنصار هذه الخرافة بين تأثير القمر العملاق في المد والجزر بالمحيطات بإجراء العمليات خلال هذه الظاهرة. إلا أن الدين والعلم اجتمعا على أن هذه السلوكيات والاعتقاد بها هي من الجهل والخرافة لا أكثر، وقد قابل انشغال الذين يعيدون صياغة خرافات القمر، انشغال المصورين الفوتوغرافيين بتوثيق هذه الظاهرة، ويجتمع الباحثون عن التوثيق في وسائل التواصل الاجتماعي لاختيار المواقع الأكثر وضوحاً لصيد «لقطة» جديرة بالتداول لأيام، مبددين بذلك خرافة القمر بصور منافسة تزدحم بها الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي.