أوقفت السلطات التركية أمس مسؤولين بارزين في نقابة الأطباء في تركيا من بينهم رئيس النقابة، بعد انتقادات وجهتها للعملية التي تشنّها أنقرة في منطقة عفرين، شمال سورية. وأتت التوقيفات بعدما أصدرت النقابة التي تمثل 80 في المئة من أطباء البلاد بياناً الأربعاء الماضي ذكرت فيه أن «النزاعات تؤدي إلى مشكلات لا يمكن إصلاحها وأن الحرب مشكلة للصحة العامة من صنع الإنسان». وختمت بيانها: «لا للحرب، نعم للسلام الآن». وسارعت النيابة العامة إلى فتح تحقيق بعدما هاجم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان «ما يسمى بنقابة أطباء تركيا»، ووصفها بأنها من «محبي الإرهابيين». وهاجم أردوغان مجدداً النقابة الأحد الماضي، قائلاً: «هم ليسوا أكاديميين، إنهم زمرة من العبيد الغافلين، إنهم خدام الإمبريالية». ومن بين الموقوفين رئيس النقابة رشيد توكيل، وفق وكالة الأناضول الرسمية، فيما أكدت النقابة توقيف 11 عضواً فيها هم أفراد المجلس التنفيذي. وأكدت وزارة الصحة التركية أول من أمس أنها رفعت دعوى قضائية تطلب فيها إقالة جميع أعضاء المجلس التنفيذي للنقابة لأنهم «يتصرفون ضد القانون». وقال مسؤول في النقابة التي تضم 83 ألف عضو، إن «لا معلومات كثيرة عن التوقيفات التي حصلت في أماكن مختلفة من البلاد». وأثارت الحملة على الأطباء انتقادات من «الاتحاد الدولي للأطباء» و «منظمة العفو الدولية» اللذين طالبا بحماية أعضاء النقابة ووقف الإجراءات القانونية فوراً. وقال «الاتحاد» إن رئيسه يوشيتاكي يوكوكورا دان الاعتقالات والتهديدات بالعنف الموجهة للأطباء. وطالب الاتحاد الذي يمثل 111 نقابة للأطباء في العالم، السلطات التركية بالإفراج فوراً عن زعماء الأطباء و «إنهاء حملة الترويع». وأعلنت «العفو الدولية» إن أعضاء نقابة الأطباء التركية «تعرضوا للتهديد بالعنف»، داعيةً إلى تقديم التماسات لمكتب حاكم أنقرة لتعزيز الإجراءات الأمنية للنقابة وأعضائها. وقال الباحث في المنظمة في شؤون تركيا أندرو غاردنر إن «نقابة أطباء تركيا أصبحت هدفاً بعدما نشرت بياناً منطقياً ومشروعاً بالكامل»، لافتاً إلى أن ما يجري «استهداف غير منطقي بالكامل لأشخاص لتعبيرهم عن آرائهم السلمية ولا شيء يمكن أن يبرّر هذا النوع من التوقيفات». وتشنّ تركيا منذ 20 الشهر الجاري حملة عسكرية في عفرين شمال سورية، لملاحقة عناصر «وحدات حماية الشعب» الكردية السورية التي تتهمها أنقرة بأنها «إرهابية». وتعتبر تركيا أن «الوحدات» هي الفرع السوري ل «حزب العمال الكردستاني» الذي يخوض تمرداً مسلحاً على الأراضي التركية منذ عام 1984. وصعّدت تركيا هجومها في الأيام الأخيرة وهددت بتوسيعه، فيما تشدّدت في الداخل بحق منتقدي العملية. وذكرت وزارة الداخلية الاثنين أن 311 شخصاً من بينهم صحافيون ونشطاء أوقفوا بتهمة نشر «دعاية إرهابية». وليست نقابة أطباء تركيا الجهة الوحيدة التي انتقدت الهجوم في تركيا، فقد وقّع أكثر من 170 وزيراً وممثلاً وكاتباً رسالة الأسبوع الماضي تطالب بوقف الحرب. ووجهت الرسالة إلى النواب الأتراك وبينهم من ينتمون إلى «حزب العدالة والتنمية» الحاكم، فيما وصف أردوغان الموقعين على الرسالة ب «الخونة». وكان الناطق باسم الرئيس التركي إبراهيم كالين حذّر الشعب التركي ووسائل الإعلام من «الأخبار والصور الكاذبة والزائفة والمضللة والاستفزازية والإشاعات».