فشل رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو في تضييق الفجوة مع الادارة الأميركية واللجنة الرباعية الدولية في شأن عملية السلام، إذ رفض في خطابه أمام الكونغرس امس اقتراحات الرئيس باراك اوباما لبدء المفاوضات بملفي الحدود والأمن، وركز على قضيتي يهودية الدولة واتفاق المصالحة مع حركة «حماس» الذي طالب «بتمزيقه». أما في موضوع الحدود، فقال ان اسرائيل ستبدي «سخاء» في شأن حجم الدولة الفلسطينية، لكنها لن تعود الى حدود عام 1967 او تقبل بتقسيم مدينة القدس، وإن اكد ان مصير المستوطنات يتقرر في المفاوضات، وأنه في أي حل مستقبلي، فإن بعض المستوطنات سيكون خارج حدود اسرائيل. ورأى كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات ان خطاب نتانياهو «لم يأت بجديد، بل كان خطاب علاقات عامة»، واظهر انه لا يوجد للفلسطينيين شريك في اسرائيل لصنع السلام. ودعا نتانياهو الى اعلان موافقته على دولتين بحدود عام 1967، معتبرا انه بغير ذلك، فإن الحديث عن السلام «مضيعة للوقت». واضاف ان المصالحة هي مفتاح السلام. من جانبه، قال الناطق الرئاسي نبيل ابو ردينة ان خطاب نتانياهو لانهاء الصراع «يضع عقبات اكثر امام السلام». وفي قراءة للخطاب الذي قوبل بحماسة استثنائية من أعضاء الكونغرس انعكست بالتصفيق له 26 مرة، كان لافتاً انه لم يحمل أي اختراق نوعي او تصور جديد في ملف عملية السلام، كما افترق عن الاقتراحات الأميركية في شأن الحدود والأمن. ففي موضوع الحدود، كرر نتانياهو أن أي تنازل «يجب أن يعكس التغييرات الحاصلة منذ عام 1967»، معتبرا أن اسرائيل لن تعود الى هذا الخط. وامتنع عن تبني خيار أوباما عن حدود عام 1967 كنقطة انطلاق للمفاوضات مع «تبادل اراض متفق عليه»، لكنه أقر بأن «المستوطنات ومصيرها ستخضع للبحث في المفاوضات»، مستدركا أن «بعض المستوطنات سيقع خارج حدود اسرائيل». أما في موضوع الأمن حيث اقترح أوباما ان يتولى الجانب الفلسطيني أمن حدود الدولة المقبلة بعد تنسيق مع الجانب الاسرائيلي، بما في ذلك في وادي الأردن، فإن نتانياهو أصر في خطابه على ضرورة «أن يكون لاسرائيل وجود عسكري أبعد من نهر الأردن». وتطرق نتانياهو الى مسألة القدس واللاجئين، اذ وضع إطاراً مبهماً لمصير القدس، مشيراً من جهة الى أن المدينة «يجب أن تبقى العاصمة الموحدة لإسرائيل»، ومن جهة أخرى أقر بأهمية القدس لدى الجانب الفلسطيني، مؤكدا أنه «من خلال التفكير الابداعي والارادة الصلبة» يمكن الوصول الى حل في هذا الصدد. أما في موضوع اللاجئين، فقال ان «الحل يتم خارج عن حدود اسرائيل». وحمل خطاب نتانياهو الذي قاطعته في النصف الأول ناشطة يهودية أميركية اتهمت زعيم «ليكود» بارتكاب «جرائم حرب» قبل ان تُبعد من القاعة، تشدداً حيال حركة «حماس» التي وصفها ب «النموذج الفلسطيني للقاعدة»، ورفض التفاوض معها، داعياً الرئيس محمود عباس الى «تمزيق ورقة المصالحة» والسعي الى السلام مع اسرائيل. ورأى نتانياهو الذي غاب عن خطابه أركان الادارة الأميركية، باستثناء نائب الرئيس جوزيف بايدن، أن على عباس الاعتراف بيهودية الدولة الاسرائيلية، وأن خطوة كهذه ستكون «تاريخية». كما أبدى استعدادا «للقيام بتنازلات مؤلمة للسلام التاريخي»، معتبرا أن الفلسطينيين «كشعب مستقل يجب أن يعيشوا في دولتهم وبكرامتهم». واستنكر خطوة التوجه الى الأممالمتحدة لنيل اعتراف بالدولة الفلسطينية، مؤكدا أنه يجب «التصدي لها بقوة»، وان السلام «لا يتم بالفرض انما بالتفاوض». ويشبه الخطاب بإطاره وظروفه خطابه الأول أمام الكونغرس العام 1998 حين دعته الأكثرية الجمهورية بقيادة نيوت غينغريش لالقائه رغم خلافه مع الرئيس السابق بيل كلينتون في حينه. وقال نتانياهو أن «لا صديق أفضل لأميركا من اسرائيل ولا صديق لاسرائيل أفضل من أميركا»، وهنأ أوباما بالنجاح في التخلص من زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن، ورأى أن الشرق الأوسط يعيش معركة بين «الاستبداد والحرية»، لكنه حذر من تكرار تجربة طهران في «الربيع العربي»، ووصف «حكم حزب الله» في لبنان بانه «من القرون الوسطى». وشدد على أن «ايران تُخضع لبنان وغزة»، مندداً ببرنامجها النووي، ومعتبرا أنه «كلما اعتقدت ايران أن جميع الخيارات على الطاولة، كلما انخفضت فرصة المواجهة».