قوبل الفيديو المُسرّب لرئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل الذي وصف فيه رئيس المجلس النيابي نبيه بري ب «البلطجي»، بردود حادة وقاسية وشديدة اللهجة، أبرزها من وزراء ونواب حركة «أمل». وقال باسيل في الفيديو المسرب خلال جلسة مغلقة في بلدة محمرش البترونية: «...كلنا معنيون بألا نهجّر أولادنا إلى الخارج وندخلهم إلى الدولة، واليوم لديهم مرجعية في الدولة، ما في حدا يقوى علينا، وكل هذه «البرعطة» تبع نبيه بري لأنه فهم إنو ما بقى فيه يستبدّ فينا بالدولة، ولا الاغتراب ملكه. حكمنا حتى بالاغتراب بالمقاطعجية، لأنه اعتبر أنها لنا، مثل الأمس حين قرّر أنه زعل من الرئيس، شو خصني أنا وشو خص المغتربين، فايت تشقفهم وتقسمهم طوائف، تقول للشيعة بكسرلو رجليه الذي يشارك وتحرمو من الدخول إلى لبنان وتهدده بعمله وبإقفال المصرف الذي يساهم بالمؤتمر، هذا بلطجي ليس رئيس مجلس نواب... تخيّلوا، شخص يضع يده على السلطة التشريعية كما يريد، نحن التكتل لدينا 126 قانوناً مجمّداً في المجلس، لماذا لأننا تكتل التغيير والإصلاح، مثل قانون الغاز. نحن نقول نريد أن ندخل سيارات على الغاز وهم يقولون لا، بحجة إنها بتنفجر، لينفجر رأسهم، لأنهم بلا فهم، نعم». وعندما قيل له شو حلتها؟ أجاب: «حلتها نحنا نكسرلو راسو مش هوي يكسرلنا راسنا. عندما يأتي شخص للصلبطة عليك، بالتأكيد سنواجه. كيف نؤمن لشريك في الوطن عندما نقر قانوناً في المجلس ويأتي بعد 11 شهراً شخص لا يريد أن ينفذه ولا يدعك تفتح المجلس النيابي، كيف ستركب الدولة؟ ونحن ساكتون...». وفور انتشار الشريط المصور على مواقع التواصل الاجتماعي وما استتبعه من حملة شديدة اللهجة، أسف باسيل «لما سُرّب من كلام لي في الإعلام أتى في لقاء مغلق بعيداً من وسائل الإعلام، لا سيما أنه خارج عن أدبيّاتنا وأسلوبنا في الكلام، وقد أتى نتيجة المناخ السائد في اللقاء، مهما تعرّضنا له فإننا لا نرضى الانزلاق بأخلاقيّاتنا». واستدعى كلام باسيل عقد اجتماع طارئ لهيئة الرئاسة في حركة «أمل»، وأصدرت في نهايته بياناً قالت فيه: «إن ما جرى يحمل أبعاداً خطرة تهدد وحدة البلد واستقراره وأمنه، وهي دعوة مفتوحة إلى فتنة ستأخذ في طريقها كل ما أنجز على مستوى البلد، وتذكرنا بحروب التحرير والإلغاء المشؤومة التي جلبت للبنان الدمار والويلات». ودعت «من يعنيهم الأمر لكبح الرؤوس الحامية والواهمة وتدارك الأمور قبل فوات الأوان». وكان ردّ قاس على باسيل من الوزير علي حسن خليل في تغريدات قائلاً: «إذا كان هناك من يسمع فليسمع أن صهره المفضل قليل الأدب ووضيع وكلامه ليس تسريباً بل هو خطاب الانحطاط ونعيق الطائفيين أقزام السياسة الذين يتصورون أنهم بالتطاول على القادة يحجزون موقعاً بينهم». وأضاف: «الرئيس بري أكبر من المواقع ولن يهزه في وجدان الناس كلام، لكن مع المس به سقطت كل الحدود التي كان وحده يضعها أمامنا لفضح الكل في تاريخهم وإجرامهم والقتل والصفقات والمتاجرة بعنوان الطائفية ولنا بعد الآن كلام آخر». ورأى أن «الخطوط الحمر سقطت، إنهم يأخذون البلد إلى مواجهة. لكننا جاهزون لها أياً يكن شكلها». وسأل وزير الزراعة غازي زعيتر : «باسم من تنطق يا جبران باسيل في الخفاء، وتعتدي على أصحاب الكرامات؟». وأضاف: «أسفك على تفوّهك بما تراجعت عنه، لهو خير دليل على انزلاقك الأخلاقي الخارج عن الأدبيات». ورأى النائب بطرس حرب، أن المقصود من كلام باسيل «أن تبقى النار مشتعلة لتوظيفها انتخابياً وإثارة النعرات»، معتبراً أنه «لا تجوز التضحية بصورة العهد وتهديد الانتخابات للاستفادة من الصراع لتأمين مصالح بعض المرشحين». واعتبر النائب ياسين جابر أن «كلام باسيل سقطة لاأخلاقية باعترافه، وأن المستور انكشف ومن الضروري من سيد العهد أن يتدخل لوقف انهياره». ورد النائب علي بزّي على باسيل تحت عنوان: «البلطجي جبران» قائلاً: «وبالجرم المشهود متلبّس بالصوت والصورة. بذاءة، نذالة، وانحطاطاً وسموماً طائفية. لم يصل العمالقة إلى نعل حذاء قامة الرئيس بري، فكيف بالأقزام وصعاليك الحقد والتطرف والفتنة». أما النائب علي خريس فقال: «جبران باسيل ولد في حاجة إلى تربية وعلى معلمه أن يربيه، ومن يتطاول على الرئيس بري فهو قزم، وما نسمعه اليوم يدل على أن فخامة الرئيس طرف». «حزب الله»: هذه اللغة لا تبني دولة وأعلن «حزب الله» في بيان، رفضه «رفضاً قاطعاً الكلام الذي تعرض بالإساءة إلى الرئيس بري شكلاً ومضموناً، ونرفض الإساءة له من أي طرف كان». وأضاف: «إننا نؤكد تقديرنا العالي واحترامنا الكبير لشخص ومقام الرئيس بري، وهذا ما كان يعبّر عنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطاباته ومواقفه». وقال: «إن هذه اللغة لا تبني دولة ولا تأتي بإصلاح بل تخلق المزيد من الأزمات وتفرق الصف وتمزق الشمل وتأخذ البلد إلى أخطار هو بغنى عنها». ودعا إلى «المسارعة بمعالجة هذا الوضع القائم بأعلى درجة من الحكمة والمسؤولية». وقال الوزير السابق فيصل كرامي: «إن التعرض لقامة وطنية مثل الرئيس بري هو تعريض للبنان وللميثاقية وللوحدة الوطنية، وأناشد فخامة الرئيس، التدخل الفوري ووضع النقاط على الحروف». ودعت «هيئة التنسيق للقاء الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية اللبنانية» التي تضم «حزب الله» والحليفة له، إلى وجوب «الترفّع بالخطاب السياسي عن كل ما هو شخصي أو طائفي، أو مذهبي»، منتقدة «التعرض لقامة وطنية مثل الرئيس بري وإيقاظ العصبيات الطائفية ونبش الماضي وتوتير الأجواء السياسية في البلاد في وقت يحتاج فيه لبنان إلى مزيد من الاستقرار والوحدة والتفرغ لشؤون المواطنين». ودعت الهيئة إلى «ضرورة المسارعة إلى معالجة الأمر بجرأة وشجاعة والتراجع علناً عن كل ما صدر من إساءة للحؤول من دون أي تداعيات سلبية». وفي المقابل غرّد وزير العدل سليم جريصاتي قائلاً: «من يزرع الريح يحصد العاصفة. منذ البداية نادى الرئيس بالدستور والقانون والقضاء حكماً، فرفضوا وذهبوا إلى حيث الغوغاء والغرائز فالشارع». التسريب وأعلنت ريمي زاهي شديد، وهي رئيسة قسم حزب «الكتائب» في محمرش، أن «اللقاء لم يكن اجتماعاً داخلياً للتيار إنما كان يضم ممثلين عن كل التيارات السياسية في البلدة»، لافتة إلى أنها «كانت مشاركة بصفتها كرئيسة لقسم الكتائب إضافة إلى ممثلين عن القوات وتيار المردة». وأوضحت شديد أنها «أرسلت الفيديو الذي صورته إلى رفاق لها ولم تكن تقصد تسريبه إلى الإعلام». وأثار الفيديو المسرّب عبر «واتس أب» ضجّة واسعة وحال من الغضب على مواقع التواصل ليطلق مناصرو «حركة أمل» رواد «فايسبوك» و«تويتر» على الأثر هاشتاغ #البلطجي_جبران. وفي المقابل، كتبت رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية كلودين عون روكز: «لو كل كلام المجالس الخاصة بينّشر كانت الحرب ولعت من زمان». وعصراً، أحرق مناصرو حركة «أمل» إطارات في شارعي مار الياس المصيطبة حيث يوجد مقر للتيار، وبشارة الخوري وطريق المطار القديم وصولاً إلى المشرفية وقطعوا الطرق احتجاجاً على كلام باسيل. ووصلت أصداء الشريط إلى أبيدجان التي من المقرر أن تستضيف في 2 و3 من الشهر المقبل مؤتمر الطاقة الاغترابية الذي يرعاه باسيل. ونشر موقع «التيار» الإلكتروني فيديو يظهر تجمع عدد من مناصري «أمل» أمام مدخل السفارة اللبنانية في أبيدجان، وردد المحتجّون عبارة «بالروح بالدم نفديك يا نبيه»، في حين قال أحد المتظاهرين إن «الرسالة وصلت».