تقريباً، كما كان متوقعاً. المفاجأة ان لا مفاجآت هناك. ربما بعض الانزياح عما كان يُمكن توقعه في هذه الجائزة أو تلك. ولكن بشكل اجمالي، تطابقت لمرة نادرة في تاريخ مهرجان كانّ السينمائي اختيارات النقاد وأهل المهنة مع اختيارات لجنة التحكيم في ختام المهرجان، مع غياب ملحوظ لأطياف كان يمكنها ان تحوم حول المكان، فتفسد الفرحة الكبرى لدورة أقل ما يمكن أن يقال فيها انها حوت عدداً غير معهود من الأفلام الجيدة. اضافة الى اعداد لا تحصى من سوء تصرف واحتقار الصحافة والحضور الأمني الصاخب. الأطياف هي بالترتيب التالي: لارس فون تراير، اسامة بن لادن ودومينيك ستراوس - كان. كلهم بدوا منسيين أو تم تناسيهم باكتمال حضور السينما. السينما اذاً حضرت بقوة من خلال اختيارات روبرت دو نيرو ورفاقه، من دون أن ننسى حضورها ايضاً أول من أمس من خلال الفيلم الايراني البديع «الى اللقاء» لمحمد روسولوف الذي حتى وان كانت جائزته نابعة من تعاطف سياسي، فأن الفيلم الذي اعطى جائزة «نظرة ما» بدا يستحقها حقاً. أما «السعفة الذهبية»، الجائزة الأكبر في كان، وربما في العالم كله اذا استثنينا الأوسكارات، فذهبت طبعاً الى «شجرة الحياة» لتيرينس ماليك، ونقول طبعاً لأن الأمر كان متوقعاً منذ البداية، ولمَ لا نقول منذ ما قبل المهرجان. أما فون تراير، صاحب القضية التي صارت الآن مشهورة، فلم يحضر ولم يحضر فيلمه الا من طريق ممثلته الرئيسية كرستن دانست. طبعاً هي بطلة فيلمه الجديد «ميلانكوليا»، واللافت أن فون تراير يعطي جائزة أفضل ممثلة للمرة الثالثة لبطلة فيلم له في كان، مع انه يعتبر من المخرجين المعادين للمرأة، نظرياً على الاقل. الجائزة الكبرى ذهبت مشاركة الى التركي نوري بيلغي جيلان للمرة الثالثة في كان هذه المرة عن تحفته الجديدة «كان يا مكان في الأناضول» والى الأخويين البلجيكيين لوك وجان بيار داردين عن فيلمها «الصبي ذو الدراجة»، ما يسجلّ تراجعاً لهما عن سعفتين نالاهما عن فيلمين سابقين. جائزة أفضل اخراج ذهبت الى الدانماركي نيكولاس ويندينغ رفن، عن فيلمه الأميركي «درايف» الذي اعتبر أكثر أفلام المهرجان عنفاً ودماً. اما أكثر الأفلام طرافة في فكرته كما في اسلوبه، ونعني به «الفنان» للفرنسي ميشال هازافانيسيوس، وصوره ايضاً في أميركا، فكان عليه أن يكتفي بجائزة أفضل ممثل لجان دوجاردان الذي يستحقها حقاً ولو للخروج من السمة الشعبية المبتذلة التي رافقت ادوراه السابقة. ممثلة أخرى شعبية من فرنسا هي مايوين كوفئت ايضاً، ولكن بوصفها مخرجة حيث نال فيلمها «بوليس»، جائزة لجنة التحكيم. وأخيراً، نال الفيلم الاسرائيلي «ملاحظات هامشية» لجوزف سيدار، وهو مخرج العمل وكاتبه، جائزة أفضل سيناريو، مع انه كان يسستأهل أكثر من هذا بكثير، علماً بأن سيناريو الفيلم هو أضعف ما فيه.