بغداد، لندن - «الحياة»، أ ف ب - غادر آخر الجنود البريطانيين العراق أمس، بعد انتهاء مهمة تدريب أخيرة، ليسدلوا الستارة على ثماني سنوات من وجودهم في بلاد ما زالت تشهد أعمال عنف يومية. وقال الناطق باسم السفارة البريطانية في بغداد جيمس سميث: «انتهى الأمر، المهمة البريطانية التي بدأت في العراق عام 2003 اختتمت» اليوم. وأكد المتحدث باسم الحكومة العراقية علي الدباغ أن «القوات البريطانية أنهت عملها وستقوم القوات العراقية والأميركية بالمهام التي كانت منوطة بها». وأضاف انه لم يعد هناك جنود بريطانيون في العراق. وانتهت مهمة التدريب التي أجراها سلاح البحرية الملكي أمس ما يعني انتهاء العمليات البريطانية التي بدأت عام 2003 مع اجتياح العراق بمشاركة حوالى 45 الف جندي بريطاني إلى جانب قوات أميركية أكبر حجماً. وقال وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري إن «مساهمة الجنود البريطانيين كانت قيّمة ومحل ترحيب كبير (...) فقد قدموا تضحيات من اجل استقرار العراق وكانوا ثاني اكبر المشاركين في قوات التحالف». وتابع «حصلت أخطاء، لكن ليس من قبلهم فقط، بل من قبلنا جميعاً»، رافضاً توضيح هذه الأخطاء. واعتبر أن «هذه المسألة لا تقلل حجم مساهمتهم القيمة في أعمال التدريب وفي حماية مرافئنا النفطية». وقال النائب عن كتلة الأحرار جواد الحسناوي إن «أي انسحاب لأي قوات أجنبية أمر جيد وإيجابي ونحن نشجع على الانسحاب الكامل». وتابع «نؤيد هذا القرار الجريء والجيد للحكومة» العراقية. ويرى الحسناوي المنتمي إلى التيار الصدري الشيعي بزعامة مقتدى الصدر أن «مسألة حماية الأراضي والمناطق تقع على عاتق القوات العراقية». في لندن، أكد ناطق باسم وزارة الدفاع البريطانية أن «فريقاً ديبلوماسياً سيبقى هناك لكن الوجود العسكري انتهى». وغادر القسم الأكبر من الجنود البريطانيين العراق في تموز (يوليو) 2009 من البصرة حيث تركزت مهامهم. ولكن «بطلب من الحكومة العراقية» واصل سلاح مشاة البحرية تدريب نظيره العراقي «على الدفاع عن مياهه الإقليمية وعن منشآته النفطية البحرية»، على ما ذكرت وزارة الدفاع البريطانية في بيان. وتابع نحو 1800 عراقي التدريب ليتمكن مشاة البحرية العراقيون من «إنشاء قوة مستقلة تتمتع بقرار ذاتي». غير أن بريطانيا ستواصل بعد انتهاء المهمة دعم برنامج التدريب الذي يؤمنه الحلف الأطلسي وستستقبل عسكريين عراقيين في الأكاديمية العسكرية الملكية في ساندهيرست في المملكة المتحدة. وخدم حوالى 120 الف جندي بريطاني في العراق حتى عام 2009 قتل منهم 179 عسكرياً. وارتبط الوجود البريطاني في العراق بقضايا تعذيب، خصوصاً خلال الفترة الممتدة بين آذار (مارس) 2003 وكانون الأول (ديسمبر) 2008 وعرضت أفلام فيديو في محاكم بريطانية معززة بشهادات عن التعذيب في مراكز اعتقال خلال هذه الفترة. واستناداً إلى هذه الشهادات فإن معتقلين عراقيين أرغموا على خلع ملابسهم والبقاء عراة بسبب عدم تعاونهم أو تعرضوا لاعتداء جنسي. وأشارت شهادات أخرى إلى الحرمان من المياه والطعام ومن النوم وإخضاعهم لعمليات إعدام صورية. وتأتي نهاية المهمة البريطانية في العراق قبل أشهر قليلة من الانسحاب المقرر لما تبقى من القوات الأميركية وعديدها حوالى 47 ألف عسكري في آخر كانون الأول 2011، وفقاً للاتفاق الأمني الموقع بين بغداد وواشنطن في تشرين الثاني (نوفمبر) 2008. وأعلن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في 11 أيار (مايو) انه سيجتمع بالكتل السياسية لتحديد الموقف من إمكان الطلب من القوات الأميركية الموجودة في البلاد منذ عام 2003 تمديد فترة بقائها. وعلى رغم مرور ثماني سنوات على سقوط نظام صدام حسين، ما زال العراق يشهد أعمال عنف يومية تستخدم فيها السيارات المفخخة والعبوات والأحزمة الناسفة والأسلحة المزودة كواتم للصوت.