تصاعدت حدة التوتر أمس بين أنقرةوواشنطن بسبب العملية التركية في منطقة عفرين شمال سورية واحتمال حصول مواجهة ميدانية بين الطرفين في منبج. وتجلى ازدياد التباعد باعتراض تركيا على مضمون بيان البيت الأبيض في شأن الاتصال الهاتفي بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الأميركي دونالد ترامب، فيما كشف وزير الخارجية التركي أحمد جاويتش أوغلو أن بلاده دعت واشنطن إلى سحب القوات الأميركية من منبج. وفي ظل الخلافات بين الطرفين واعتراضات أبدتها دول غربية على العملية، أعلنت برلين أنها طلبت من حلف شمال الأطلسي (ناتو) إجراء محادثات داخل الحلف إثر التدخل العسكري التركي في شمال سورية ضد المقاتلين الأكراد. وقال وزير الخارجية الألماني سيغمار غابرييل في بيان «طلبت من الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ أن يبحث داخل الحلف في الوضع السوري وتحديداً في شمال هذا البلد»، موضحاً أن بلاده أرجأت إذن تصدير أسلحة كان مقرراً لأنقرة. وكانت واشنطن انتقدت الهجوم الذي أطلقه الجيش التركي السبت الماضي على «وحدات حماية الشعب» الكردية في عفرين، لأنه يستهدف قوة حليفة للأميركيين وأثار مخاوف من مواجهة عسكرية بين القوتين في حال توسعه إلى منبج. وبعد الاتصال الهاتفي بين الرئيسين التركي والأميركي الذي جرى في وقت متأخر أول من أمس، أعلن البيت الأبيض أن ترامب حضّ تركيا «على وقف التصعيد والحد من أعمالها العسكرية»، معرباً عن قلقه من أن الهجوم قد يؤثر سلباً في عملية مكافحة الإرهابيين، لكن مسؤولاً تركياً قال إن البيان الأميركي «لا يعكس بدقة مضمون المحادثة الهاتفية» بين ترامب وأردوغان. وقال المصدر إن «ترامب لم يعرب عن قلق من تصاعد في العنف» في عفرين بل تحدث عن «ضرورة الحد من مدة العملية التركية». ورداً على دعوة أردوغان واشنطن إلى وقف إمداد «الوحدات» بالأسلحة، قال ترامب للرئيس التركي إن «بلاده لم تعد تقدم أسلحة للمجموعة وتعهد بعدم استئناف» إمدادات الأسلحة كما قال المسؤول التركي. وأعرب ترامب أيضاً عن قلقه إزاء الخطاب المناهض لأميركا في تركيا والذي اعتبره «مدمراً وخاطئاً» وفق ما أعلن البيت الأبيض، لكن المسؤول التركي أعلن أن ترامب «لم يستخدم عبارة مدمرة وخاطئة بل قال إن الانتقاد العلني «للولايات المتحدة يثير القلق». وتعليقاً على الاتصال أعرب وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو عن اعتقاده بأن «بيان البيت الأبيض أعِدّ قبل حصول الاتصال «لذلك لم يعكس الحقائق في شكل تامّ». وأوضح أوغلو في تصريحات إلى الصحافيين في العاصمة النمسوية فيينا أمس أن أردوغان أبلغ ترامب ب «الحاجة إلى سحب القوات الأميركية من منبج»، لافتاً إلى أن بلاده لن تهاجم «قوات الحكومة السورية ما لم تتحرك ضدها». وقبل اتصاله بترامب، حذر أردوغان من أن بلاده ستوسع عمليتها العسكرية لتشمل مدينة منبج في خطوة قد تضع القوات التركية في مواجهة مع الجنود الأميركيين المنتشرين في المنطقة. وبعد الاتصال بين الرئيسين، اعتبر مبعوث واشنطن لدى التحالف ضد «داعش» بريت ماكغورك على «تويتر» أن «عملية مطوّلة قد تؤدي إلى بعث الحياة مجدداً في تنظيم داعش وهو على حافة الهزيمة». ولفت إلى أن «الولاياتالمتحدة تكثف حالياً الجهود للدعوة إلى ضبط النفس وخفض التصعيد. ونحن جاهزون للعمل مع تركيا في شأن الهواجس الأمنية المشروعة». إلى ذلك، هاجم رئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم أمس، تقديم واشنطن «دعماً لمنظمات إرهابية»، مشيراً إلى أنه «لا يمكن قبول ذلك». وقال في خطاب في أنقرة إن «الدولة التي نعتبرها حليفة في حلف شمال الأطلسي متواطئة مع منظمات إرهابية». وأضاف يلديريم: «هذا وضع خطير ومؤلم جداً، أن تعمل دولة مثل أميركا مع منظمات إرهابية هو أمر مذلّ جداً فعلاً».