اتجهت الأنظار أمس الى العاصمة العُمانية مسقط، حيث عُقد اجتماع اللجنة الوزارية المشتركة التي تراقب تنفيذ خفوضات الإنتاج، في إطار اتفاق بين «منظمة الدول المصدرة للنفط» (أوبك) ومنتجين من خارجها. وكان لافتاً خلال الاجتماع وبعده، وجود ما يشبه «الإجماع» على متابعة التعاون في شأن إنتاج النفط إلى ما بعد هذه السنة. ودعت المملكة العربية السعودية إلى ترسيخ «إطار عمل» جديد بين «أوبك» والدول النفطية خارجها، يمتد إلى ما بعد 2018، تاريخ انتهاء اتفاق خفض الإنتاج بين الطرفين. وهذه الدعوة السعودية هي الأولى العلنية لإقامة تعاون طويل الأمد مع الدول المصدرة خارج «أوبك». وهي تأتي في وقت نجح الاتفاق في رفع أسعار الخام فوق عتبة 70 دولاراً، بعدما تدنت إلى نحو 30 دولاراً في بداية 2016. وقال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح في مسقط، قبل الاجتماع: «يجب عدم حصر جهودنا بعام 2018، علينا مناقشة إطار عمل لتعاوننا أبعد من ذلك». يُذكر أن «أوبك» اتفقت مع المنتجين من خارجها على خفض إنتاج النفط بنحو 1.8 مليون برميل يومياً، بهدف تقليص المخزون العالمي ودعم الأسعار. ومُدّد الاتفاق في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي حتى نهاية هذه السنة، على أن تُراجع الخفوضات في اجتماع حزيران (يونيو) المقبل. وأكد الفالح أن «على المنتجين دراسة تمديد اتفاق خفض الإنتاج إلى 2019، إذا زاد المخزون النفطي هذه السنة كما يتوقع بعضهم في السوق». ولفت إلى أن تمديد التعاون «سيقنع العالم بأن التنسيق مستمر، ويطمئن المعنيين والمستثمرين والمستهلكين الى أن هذا الوضع باقٍ، وأننا سنعمل سوياً». ولفت إلى «تحسن الاقتصاد العالمي بالتزامن مع خفوضات الإنتاج، ما أدى إلى انكماش المخزون في أنحاء العالم»، مشيراً إلى أن سوق النفط «قد تعود إلى التوازن في النصف الثاني من السنة على الأقل»، مؤكداً ضرورة «بذل الجهود المضنية في سبيل الوصول إلى هذا الهدف». واعتبر وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك أن العام الماضي «أتاح لنا العمل لتحقيق نتائج مذهلة على رغم تقدم واضح، وعلينا ألا نرتاح بل أن نكمل نحو تحقيق التوازن». وأوضح الوزير الروسي الذي عقد اجتماعاً مع نظيره السعودي في مسقط، أن العمل بين الطرفين يمكن أن يستمر بعد انتهاء فترة اتفاق خفض الإنتاج «على شكل مشاورات». وتسود مخاوف في السوق من أن ارتفاع الأسعار إلى أعلى مستوى منذ ثلاثة أعوام حول 70 دولاراً في الأسابيع الأخيرة، سيدعم إنتاج النفط الصخري، ما يعني زيادة المعروض في السوق وتبديد الجهود التي قادتها المنظمة والمنتجون من خارجها في رفع الأسعار. لكن الطلب القوي الذي يترافق مع تحسن الاقتصاد العالمي، سيبدد هذه المخاوف ويحافظ على الأسعار، وهو ما أكده وزير الطاقة الإماراتي والرئيس الحالي ل «أوبك» سهيل المزروعي في تصريحات سابقة. واعتبر الفالح والمزروعي في اجتماع أمس، أن ارتفاع الأسعار «لن يضر بالطلب العالمي على النفط»، في وقت رجّح الأخير «انتعاش معروض النفط الصخري»، مؤكداً أن «أوبك» لا تستهين بالمعروض من أي منتج للنفط». وشدد المزروعي على أن الإمارات «ستلتزم باتفاق خفض المعروض في شكل كامل»، متوقعاً أن «يكون الالتزام بالاتفاق جيداً في كانون الأول (ديسمبر)» المقبل. ولفت بيان «أوبك» إلى أن الاجتماع التالي للجنة المشتركة سينعقد في السعودية خلال نيسان (أبريل) المقبل. واشار أعضاء في الوفود الحاضرة في مسقط إلى أن مستوى المخزون العالمي يتجاوز معدله الطبيعي بنحو 120 مليون برميل، أيّ أنه تراجع إلى أكثر من النصف مقارنة ببداية 2017.