قُتل 27 عراقياً على الاقل وأصيب أكثر من 89، معظمهم من عناصر الشرطة، في ثلاثة تفجيرات وقعت أمس وسط كركوك، وتُعَدّ الأعنف منذ نحو شهرين. وتأتي هذه الاعتداءات قبل اشهر قليلة من انسحاب القوات الاميركية، التي تشارك أخرى عراقيةً وقوات البيشمركة الكردية مسؤولياتٍ امنيةً في هذه المدينة الغنية بالنفط، ويسكنها خليط يجمع طوائف وقوميات عدة. وقال مدير دائرة الصحة في كركوك (240 كلم شمال بغداد) صديق عمر رسول، إن «المستشفيات استقبلت 27 شهيداً و89 مصاباً». وأضاف أن «قسماً من الجرحى حالتهم حرجة، فيما تلقّى آخرون العلاج وغادروا». وكان الضابط رائد سلام زنكنة، أعلن في وقت سابق ان «معظم الضحايا من أفراد الشرطة». وأوضح مسؤول رفيع المستوى، أن «عبوة ناسفة لاصقة انفجرت بسيارة مدنية في ساحة قرب مقر قيادة الشرطة في كركوك في التاسعة والنصف صباحاً، ما أسفر عن وقوع ضحايا». وأوضح انه «لدى تجمع افراد الشرطة والدفاع المدني لنقل الضحايا، انفجرت سيارة قرب المكان وأدّت الى وقوع عدد أكبر من الضحايا». وأسفر التفجيران اللذان وقعا في مرآب خاص بسيارات قيادة الشرطة، عن أضرار جسيمة في عدد كبير من السيارات العسكرية والمدنية المركونة قرب المكان. وبعد وقت قصير، بثت احدى سيارات الشرطة نداءات عبر مكبرات الصوت تدعو المواطنين للتوجه الى المستشفى من اجل التبرع بالدم. وأكدت مصادر امنية وجود عدد من الضباط بين القتلى، بينهم سكرتير مدير الشرطة، وهو برتبة رائد. من جهة أخرى، قال الشرطي الجريح شيرزاد كامل، الذي اصيب بشظايا في بطنه ووجهه: «خرجت بعد سماعي دوي انفجار قرب المديرية، وتوجهت مع زملائي الى ساحة وقوف السيارات لمعاينة موقع التفجير»، وأضاف: «فجأة، وقع انفجار كبير آخر سقطتُ على أثره على الارض، وسقط زملائي من حولي بين قتيل وجريح، وحدث دمار كبير في المكان»، وتابع أن «البعض من زملائي احترقت وجوههم، واشتعلت النيران بآخرين، من شدة العصف». وعند العاشرة والنصف، وقع انفجار ثالث مستهدفاً موكب مدير التحقيقات الجنائية العقيد أراس محمد قرب مبنى محافظة كركوك وسط المدينة. وأكد أن «الانفجار ناجم عن انفجار سيارة مفخخة أدت الى اصابة العقيد بجروح خفيفة، بالإضافة الى 13 من افراد حمايته». كما أدى الانفجار الى وقوع اضرار جسيمة بسبع سيارات وعدد كبير من المباني والمتاجر المجاورة. وتعتبر هذه الهجمات الاعنفَ ضد الشرطة العراقية منذ مقتل 24 شرطياً قبل نحو اسبوعين، عندما انفجرت سيارة مفخخة في الحلة (95 كلم جنوب بغداد)، في هجوم تبنّته «دولة العراق الاسلامية». وجاءت هجمات أمس بعد يوم واحد على اعتقال شخص يُعتبر اعلى مسؤول عسكري في تنظيم «القاعدة»، ويدعى مخلف العزاوي (المكنّى ابو رضوان)، على ما افاد ناطق باسم وزارة الدفاع العراقية (أ ف ب). وكانت «دولة العراق الاسلامية» هددت بالثأر لمقتل زعيم «القاعدة» اسامة بن لادن في باكستان على ايدي قوات اميركية. وتتراكم في كركوك، التي يعيش فيها حوالى 900 الف نسمة يمثلون معظم اطياف المجتمع العراقي، تحديات ومشاكل مختلفة، أبرزها التنازع على السلطة. ويطالب الأكراد بإلحاقها بإقليم كردستان، فيما يصر العرب والتركمان والحكومة المركزية على جعلها محافظة مستقلة مرتبطة بالمركز. ودعا الشيخ برهان مزهر العاصي، العضو العربي في مجلس كركوك في تصريح إلى «الحياة»، حكومةَ بغداد إلى «توسيع دورها، من خلال الوجود والاهتمام بالأجهزة الأمنية». وأضاف: «نطالب بتشكيل قوات الشرطة من قوة مشتركة من أهالي المدينة إذا عجزت الحكومة المركزية عن دعم المحافظة». وأوضح ان «المشكلة الأمنية في كركوك هي جزء من الأمن بشكل عام في العراق، وعلى رغم ذلك، فإن هناك مشكلة عدم مشاركة أبناء المحافظة جميعهم في الحكومة المحلية، ويفترض أن يكون مبدأ تقاسم السلطة أساسَ العمل في المحافظة». وعن رؤية العرب لدور الأممالمتحدة في كركوك، قال العاصي: «كما هو معلوم، فإن الأممالمتحدة أكثر دراية من غيرها بالأوضاع في العراق منذ مطلع التسعينات، ولديها المعلومات الكافية إذا كانت جادة في حل قضية كركوك والقضايا الأخرى». من جهة أخرى، أكد علي مهدي، العضو التركماني في مجلس كركوك في تصريح إلى «الحياة»، أن «هناك ضعفاً في الأجهزة الأمنية الاستخباراتية في كركوك، وهي متعددة، ما يتطلب توحيدها وتدريبها بشكل مهني، مع ضرورة إيجاد دور أكبر للحكومة المركزية». الى ذلك، قُتل شخصان في بغداد وبعقوبة، وقال مصدر في وزارة الداخلية، إن «شخصاً يرتدي ملابس رجال دين قُتل وأُصيب اثنان من المارة بانفجار عبوة لاصقة في سيارة مدنية في منطقة باب المعظم (شمال)». وفي بعقوبة (60 كلم شمال شرق بغداد)، اعلن مصدرأمني «مقتل امرأة وجرح عشرة بينهم شرطي، بانفجار سيارة مفخخة على الطريق الرئيسي وسط المدينة، استهدف موكب المقدم حميد الشمري قائد الفوج الاول لشرطة بعقوبة»، وأكد «نجاة الشمري من الانفجار»، وأشار الى وقوع اضرار مادية في عدد من المباني القريبة من موقع الانفجار.