تحوّل إغلاق الإدارات الفيديرالية في الولاياتالمتحدة أمس، بسبب خلافات بين إدارة الرئيس الجمهوري دونالد ترامب والديموقراطيين عرقلت التوصل الى اتفاق في شأن موازنة تمويل الحكومة، تراشقاً عنيفاً بين الجانبين. وفيما اتهم البيت الأبيض الديموقراطيين بإيلاء اهتمام أكبر ب «اللاجئين غير الشرعيين» على حساب الجيش أو أمن حدود البلاد، وبجعل الأميركيين «رهائن لمطالب غير مسؤولة»، رأى الديموقراطيون أن ترامب «فشل» في امتحان «القيادة»، معتبرين أن الجمهوريين «مهملون». ويعكس الأمر انقساماً سياسياً عميقاً في الولاياتالمتحدة، تزامن مع الذكرى السنوية الأولى لتنصيب ترامب، ويشكّل ضربة للصورة التي يشيعها ترامب عن نفسه بوصفه رجل أعمال ناجحاً قادراً على إبرام صفقات. والمفارقة أن ترامب نفسه قال في مقابلة تلفزيونية عام 2013 نقلتها شبكة «سي إن إن» معلّقاً على إغلاق الحكومة في عهد الرئيس باراك أوباما، إن المهمة في هذه الحالة ملقاة على عاتق الرئيس الذي يجب عليه أن يأتي بالجميع حول الطاولة والتوصل الى اتفاق. الإغلاق الرابع للحكومة الأميركية في غضون ربع قرن، والأول منذ العام 2013 في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، ودام 16 يوماً، أتى بعد فشل مفاوضات اللحظة الأخيرة بين الإدارة والديموقراطيين، حين عرقل هؤلاء تمديد الموازنة 4 أسابيع في مجلس الشيوخ، ولم يحصل الجمهوريون الذي يشكلون غالبية ب51 مقعداً، سوى على 50 صوتاً، علماً أنهم يحتاجون الى 60 من أصوات 100 عضو. ورجّح مدير الموازنة في البيت الأبيض ميك ملفاني إبرام اتفاق بحلول غد. وسخر ترامب من خصومه، اذ كتب على موقع «تويتر»: «إنها الذكرى السنوية الأولى لرئاستي، وأراد الديموقراطيون أن يمنحوني هدية لطيفة. اهتمامهم بالمهاجرين غير الشرعيين أكبر من اهتمامهم بجيشنا العظيم وبالأمن على حدودنا الجنوبية الخطرة» مع المكسيك. وأضاف: «كان بإمكانهم التوصل الى اتفاق بسهولة، لكنهم قرروا اللجوء الى سياسة الإغلاق». واعتبر أن الأمر يثبت الحاجة الى فوز الجمهوريين بمقاعد أكثر، في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الخريف المقبل. وزاد: «يمكننا بعد ذلك أن نكون أكثر صرامة في شأن الجريمة (والحدود)، وحتى (نهتم في شكل) أفضل بعسكريينا ومحاربينا القدامى». أما الناطقة باسم البيت الأبيض ساره ساندرز، فرأت أن ديموقراطيي مجلس الشيوخ «أعطوا السياسة الأولوية على الأمن القومي وعلى عائلات العسكريين والأطفال الضعفاء، وعلى قدرة بلادنا على خدمة جميع الأميركيين»، مضيفة: «لن نتفاوض في شأن وضع المهاجرين غير الشرعيين (برنامج داكا)، في وقت يحتجز الديموقراطيون مواطنينا الشرعيين رهائن لمطالبهم غير المسؤولة. هذا تصرّف خاسرين معاقين، لا تصرّف مشرّعين». ونعت الجمهوريون الصدام في شأن الموازنة الاتحادية ب»إغلاق شومر»، في إشارة الى السيناتور تشاك شومر، زعيم الأقلية الديموقراطية في مجلس الشيوخ. وقال زعيم الغالبية الجمهورية في المجلس ميتش ماكونيل إن هذا الإغلاق «كان تفاديه ممكناً 100 في المئة». لكن شومر شدد على إن «الإغلاق سيُسمّى شلل ترامب، لأن أحداً سوى الرئيس لا يمكن تحميله مسؤولية الوضع الذي نحن فيه». وأضاف مخاطباً الجمهوريين: «كما لو كنتم تسعون الى تعطيل نشاطات (الحكومة)، وهذا ما حدث الآن وسيقع اللوم برمته على ترامب». أما نانسي بيلوسي، زعيمة الأقلية الديموقراطية في مجلس النواب، فرأت أن ترامب نال جائزة «الفشل في القيادة»، علماً أن الجمهوريين يسيطرون على مجلسي الشيوخ والنواب والبيت الأبيض. وكان شومر التقى ترامب الجمعة في البيت الأبيض، في محاولة لإبرام اتفاق اللحظة الأخيرة لتجنيب الولاياتالمتحدة شللاً حكومياً. وقال إن حزبه اتخذ خطوات مهمة لإبرام اتفاق، بما في ذلك إثارة مسألة احتمال تمويل الجدار الحدودي الذي يصرّ الرئيس الأميركي على تشييده على حدود المكسيك، ومستدركاً أن ذلك لم يكن كافياً لإقناع ترامب بالتوصل الى تسوية. وسيكلف إغلاق الحكومة 6 بلايين دولار أسبوعياً من مداخيل الضرائب، وسيطاول أكثر من 850 ألف موظف فيديرالي يُعتبرون «غير أساسيين» لعمل الإدارة، فيما سيواصل الموظفون «الأساسيون» العمل. كما سيتابع العسكريون (1.4 مليون) عملياتهم، ولكن من دون تلقي أجورهم. وعلّق السيناتور الجمهوري جون كينيدي: «بلادنا أسّسها عباقرة، ولكن يديرها أغبياء».