شهد منتدى جدة التجاري الثاني خلال جلسته الثانية أمس، جدلاً كبيراً وشداً وجذباً بين المشاركين، إذ استهجن التجار المشاركون الانتقادات اللاذعة التي طاولتهم خلال الأيام الماضية، وشن تاجر هجوماً لاذعاً على وسائل الإعلام، رافضاً وصفها التجار ب«الحرامية»، مؤكداً أنها تحرض المستهلكين عليهم.واستحوذت جلسة «تأثير الأسعار في تكاليف المعيشة في السعودية»، التي شارك فيها وكيل وزارة التجارة والصناعة لشؤون المستهلك صالح الخليل، والخبير التجاري عبدالله بن زقر على اهتمامات المشاركين، إذ أوصت وزارة التجارة المستهلك بضرورة الإبلاغ عن المخالفات التجارية وحالات المغالاة في الأسعار، حتى يتم ضبط المتلاعبين من التجار، والاهتمام بترشيد الاستهلاك، والعمل على رفع مستوى الثقافة الاستهلاكية. وقال الخليل في ورقة عمل، إن المملكة تتميز بوفرة الخيارات المتعددة للسلعة الواحدة، لذا يتطلب من المستهلك أن يختار الجودة والسعر المناسبين، والاستفادة من الخدمات التي تقدمها الوزارة، ومنها مؤشر الأسعار ومركز التفاعل مع المستهلك للإبلاغ عن المخالفات التجارية، بما في ذلك المغالاة في الأسعار. وطالب بعدم الانسياق خلف الإعلانات المضللة للسلع، وأهمية التأكد من اختيار السلع المضمونة التي تقدم خدمات ما بعد البيع، مثل الصيانة وتوفير قطع الغيار، والاهتمام بترشيد الاستهلاك، والعمل على رفع مستوى الثقافة الاستهلاكية، مشيراً إلى أن الأسعار في المملكة تخضع لمنافسة حرة، إذ تبنت مبدأ الاقتصاد الحر بمفهومه الواسع، ويتيح هذا المبدأ حرية التجارة، كما يضمن حرية ممارسة مختلف الأنشطة الاقتصادية، وعدم تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي. وأشار الخليل إلى أن أحد أسباب ارتفاع الأسعار هو أن المملكة بلد مستورد لمعظم حاجاتها من السلع الغذائية، ولذا تتأثر بأي تغير يطرأ على الأسعار في السوق العالمية وقال: «من العوامل المحددة للغلاء سعر السلع في بلد المنشأ وسعرها العالمي وسعرها في البلد المستورد، إذ أشارت بعض التحليلات إلى أن تزايد النمو الاقتصادي في عدد من الدول ومنها الصين والهند أدى إلى ارتفاع الطلب على السلع الغذائية، خصوصاً المنتجات الحيوانية، الأمر الذي حول استخدام الحبوب والبذور الزيتية من الاستهلاك الآدمي إلى استخدامها كعلف حيواني، كما ان الدول المصدرة تنتهج سياسات تقيد أو تمنع التصدير، الأمر الذي أسهم في ارتفاع الأسعار. من جانبه، شن الخبير التجاري عبدالله بن زقر هجوماً عنيفاً على الإعلام، مؤكداً أنه أحد الأسباب الرئيسية في التحريض على التجار، وأكد خلال استعراضه لمؤشر الأسعار على مدار التاريخ أن «التاجر يأخذ على قفاه، ويسير بجانب الحائط، وليست له حيلة لأنه بات الحلقة الأضعف من وجهة نظر الكثيرين».وأضاف: «الصحافة تتهمنا بأننا «حرامية» من دون أن يسمعوا رأينا أو يحققوا العدالة بعرض وجهتي النظر، فهم يكتفون فقط بالاتهامات التي توجه إلينا، ولا أحد يهتم بتوعية الناس والكشف عن أسباب ارتفاع الأسعار، والمخجل أن بعضاً ممن ينتقدون أساتذة في الاقتصاد، ولا ندري هل درسوا في زيمبابوي أم موزنبيق أو ليبيا وكوبا؟ فنحن نعرف أن الاقتصاد واضح ولا علاقة له بالسياسة، لكنهم يريدون أن يفرضوا بعض الأفكار الاشتراكية التي لا أساس لها في الاقتصاد السعودي الحر». واستهجن ابن زقر المبالغة في الحديث عن أرباح التجار وقال: «كثيرون لا يعرفون أن أرباح الكثير من السلع لا تتجاوز الواحد في المئة فقط، في حين نسمع كلامهم عن الجشع والتربح وأشياء كثيرة، فالتجار يربحون هلالات»، مشيراً إلى أن إحدى الصحف أعلنت قبل أسبوع أن أرباحها السنوية وصلت إلى 120 مليون ريال، والغريب أنها لم تغير أسعارها منذ 50 سنة، وتقوم أرباحها على الإعلانات التي تأتي من التجار». بدوره، أكد الأكاديمي الدكتور محمد خياط، أن هناك مؤشرات كثيرة تتحكم في غلاء الأسعار أهمها التضخم، مشيراً إلى أن المؤشرات تقول إن بعض السلع والخدمات زادت بنسبة 39 في المئة، وان السنوات الثلاث الأخيرة شهدت ارتفاع الأسعار في بعض السلع ببعض القطاعات. وأضاف: «هناك عوامل تتحكم في الأسعار، ففي حال السلع المستوردة يتم النظر إلى مكوناتها الأساسية والبلد المصدر وكلفة الشحن والتمويل وسعر الصرف، ويتأثر الطلب من السلع في المملكة بمجموعة من العوامل الرئيسية أهمها القوة الشرائية للعملة المحلية وسلوك المستهلك وعدد السكان وتركيبهم، وتتحدد الأسعار طبقاً لكل من الطلب والعرض، وعادة ما يحقق وسطاء التجزئة أرباحاً غير عادية، ويتطلب ذلك معرفة أسعار الجملة وأسعار التجزئة والفارق بينهما».