بعد ليلة صاخبة عاشتها العاصمة طهران ومعها المدن الايرانية الاخرى استمرت حتى ساعات الصباح الاولى امس، هدأت المدن الايرانية منذ الساعة الثامنة صباحاً بالتوقيت المحلي، ليكون هناك صمت اعلامي يفرضه القانون حتى الساعة الثامنة من صباح اليوم الجمعة، حين تفتح مراكز الاقتراع ابوابها امام الناخبين. وتشير تقارير وزارة الداخلية الايرانية، الى ان 46.2 مليون ناخب من مجموع السكان، يحق لهم المشاركة في الانتخابات. ويشترط القانون الايراني في الناخب، ان يتجاوز عمره 18 سنة، من دون تمييز بين المرأة والرجل. وذكرت هذه التقارير ان عدد مراكز الاقتراع سيصل الى 47 الفاً، فيما ستسنح الفرصة للايرانيين المقيمين خارج البلاد بالمشاركة في الانتخابات، عبر 290 مركزاً وُزعت في الدول حيث ثمة جالية ايرانية كبيرة. ويُشرف «مجلس صيانة الدستور» على سير العملية الانتخابية، جنباً الى جنب مع لجنة الانتخابات العامة التابعة لوزارة الداخلية، باعتبارها الجهة التنفيذية للعملية الانتخابية. ودرجت العادة بعدم السماح لأي مراقب اجنبي او هيئة دولية، بمراقبة الانتخابات، والاكتفاء بالمراقبين والمشرفين التابعين ل «مجلس صيانة الدستور»، اضافة الى مراقبين يعينهم المرشحون في الانتخابات. وقال الناطق باسم المجلس ان المراقبين التابعين له سيتواجدون بمعدل 3 – 5 مراقبين في كل مركز اقتراع، اذ تم اعدادهم لهذا الغرض. ويسمح القانون لكل مرشح بطرح اسماء المراقبين الذين ينوبون عنه، ليكونوا في مراكز الاقتراع منذ فتحها وحتى الانتهاء من فرز الاصوات الذي يتم داخل مراكز الاقتراع، قبل نقل الصناديق الى مخازن خاصة تابعة ل «مجلس صيانة الدستور»، بعد مصادقة المراقبين والمشرفين على عملية الفرز في كل مراكز الاقتراع. وينص القانون على ضرورة حصول الرئيس المنتخب على النصف زائد واحداً من مجموع الاصوات، للفوز من الدورة الاولى. واذا تعذر ذلك، تُجرى دورة ثانية بين المرشحَيْن اللذين حصلا على اعلى نسبة من الاصوات. ويحق للمرشحين الاعتراض على أي تجاوزات، خلال عشرة ايام من موعد الانتخابات. وبعد مصادقة «مجلس صيانة الدستور» على سلامة العملية الانتخابية، يلقي الرئيس المنتخب خطاب اعتماد، يصادق عليه مرشد الجمهورية علي خامنئي. وتبدأ ولاية الرئيس الجديد بعد أدائه اليمين الدستورية امام مجلس الشورى (البرلمان)، الى جانب رئيس السلطة القضائية. وفي نظرة على الساحة الانتخابية الايرانية، تتوزع المناطق على المرشحين الاربعة لاعتبارات عدة، منها أصل المرشحين وقومياتهم والطبقات الاجتماعية التي ينتمون اليها ومستواهم الثقافي والعلمي والمهني. وبما ان المرشحين الاربعة محمود احمدي نجاد ومير حسين موسوي ومهدي كروبي ومحسن رضائي يُعتبرون من الشخصيات المحسوبة على النظام، اذ وافق «مجلس صيانة الدستور» على ترشحهم، تتجه الانظار الى المناطق التي ينتمي اليها هؤلاء. لن يكون احمدي نجاد محكوماً بمنطقة معينة، سوى كونه يتحدر من محافظة سمنان القريبة من طهران، وبالتالي فإن الاعتبارات الدينية والثورية هي التي تحكم الناخبين المؤيدين له، بما في ذلك قسم كبير من المؤسسة الدينية. اما موسوي فيمنحه اصله الأذري تقدماً على سائر المرشحين، اذ يشكل الاذريون الإيرانيون ربع سكان البلاد، اي حوالى 15 مليون نسمة. ويُتوقع ان يكسب موسوي اصوات الناخبين الاذريين الذين يبلغ عددهم 7 – 9 ملايين نسمة، اضافة الى المثقفين والشباب والطلاب الجامعيين، والعمال الذين ايدوا المرشح الاصلاحي في حملته الانتخابية. اما رضائي فينتمي الى محافظة لرستان جنوبايران، الا ان تحدر كروبي من المحافظة ذاتها، سيجعل من الصعب حسم اصواتها لمصلحة رضائي الذي يستطيع ان يحصل على اصوات الناقمين على سياسة احمدي نجاد الذي ينتمي ايضاً الى التيار المحافظ. وتتفق مع رضائي شريحة واسعة من المحاربين القدامى الذين حاربوا معه خلال الحرب العراقية - الايرانية، عندما كان قائداً ل «الحرس الثوري»، اضافة الى شريحة من المؤسسة الدينية والثورية. يبقى كروبي شخصية معروفة في الوسط الاجتماعي والسياسي، الا ان الاخفاق الذي مُني به خلال الانتخابات الرئاسية الماضية عام 2005، أثرت في وضعه الانتخابي الحالي، اضافة الى دعم الاحزاب الاصلاحية البارزة والشخصيات الايرانية ترشح موسوي على حساب كروبي الذي لم يلقَ الدعم الكبير من التيار الإصلاحي.