بنغازي (ليبيا) - أ ف ب - تهزّ بنغازي، معقل المتمردين الليبيين، يومياً انفجارات وإطلاق رصاص لكن لا علاقة لها بالمعارك بل تعبّر عن الفرح مع التطورات في التصدي لقوات العقيد معمر القذافي. وفي ليلة الأول من أيار (مايو) برزت هذه العادة الشائعة في المنطقة بوضوح في بنغازي. فبعيد منتصف الليل اخترقت الرصاصات الحمر السماء المظلمة ولعلعت أصوات الرشاشات من كل حدب وصوب فيما دوّت انفجارات عنيفة في المدينة التي يسكنها 700 ألف نسمة. وأسرع الصحافيون الأجانب إلى النوافذ متسائلين إن كانت قوات القذافي دخلت المدينة أم إن القتال بدأ بين الثوار أنفسهم. بعد عدد من الاتصالات الهاتفية المذعورة اتضح أن إطلاق النار ما هو إلا تعبير عن الابتهاج بعد إعلان مقتل نجل القذافي سيف العرب في غارة جوية نفذها الحلف الأطلسي في طرابلس. وبعد أيام أثارت زيارة عدد من أعيان القبائل أتوا ليقسموا الولاء للثورة في مبنى المحكمة الذي يشكل مقراً للثوار على الواجهة البحرية في المدينة، موجة جديدة من إطلاق النار المحموم. وسار آلاف الأتباع السعداء خلف زعماء القبائل من دون خوف من المسلحين الذين يطلقون رشقات متقطعة من رشاشاتهم الكلاشنيكوف في الهواء. وألقى أحدهم قنبلتين يدويتين في البحر. وباتت الواجهة البحرية المكان المفضّل لإطلاق النار ابتهاجاً حيث اعتاد الثوار المسلحون إطلاق النار أمام الملأ وهم يقودون السيارات بسرعة أو أثناء الحراسة أو على هامش قيام المؤمنين بأداء الصلاة. وقبل الثورة كانت هذه العادة حكراً على كبار الضباط. وأوضح محمد رجب (20 سنة): «أطلق النار عند ورود أخبار سارة وأخبار سيئة». والأربعاء الماضي انفجرت سيارة مركونة تنقل في صندوقها مادة «تي إن تي» لإعداد عبوات يدوية الصنع، ما أثار الهلع على كورنيش بنغازي والمخاوف من اندلاع هجوم لأنصار القذافي. لكن قيادة الثورة لا تنوي على ما يبدو الحد من إطلاق النار. وقال اللواء أحمد عمر باني الناطق العسكري باسم الثورة لوكالة «فرانس برس» إن المقاتلين الشباب «لديهم أسلحة ومتفجرات. لكنهم يتمتعون بأخلاق رفيعة، لذلك أنتم بأمان، لا تخافوا». واعتبر سكان أن إطلاق النار في الهواء عادي. وأوضحت عزيزة أحمد محمد وهي أم لخمسة أطفال: «لا نخاف لأنها طلقات فرح. بالطبع الرصاصات التي تطلق في الهواء تسقط. لكن إن سقطت على رأس أحدهم، فهذه مشيئة الله». لكن أمهات أخريات أعربن عن القلق من رؤية شبان مبتدئين يلهون بالأسلحة. وقال منتقدون آخرون إن إطلاق النار ابتهاجاً هو تبديد ذخائر أكثر فائدة إن استخدمت على الجبهة لا سيما في مدينة مصراتة (غرب) المحاصرة أو في الجبل الغربي جنوب غربي طرابلس.