فوجئت نرمين صادق (9 سنوات) قبل شهر بسماع خبر إصابتها بالفشل الكلوي. سبب مفاجأتها بحسب قولها: «لم أكن أشعر بآلام في منطقة الكلى مُطلقاً، ولم تساورني وأسرتي الشكوك بإصابتي بمرض في الكلى». لكنها تستدرك: «عندما كنت أدرس في المرحلة المتوسطة، أحسست بانتفاخ وتورّم في القدم، إضافة إلى إرهاق عام وفقر دم، وتلقيت العلاج. لكن تشخيص الأطباء لم يُشر إلى أنه مرض متعلق بالكلى، إلى أن انتابتني آلام شديدة قبل شهر، فأخبرني الأطباء بعد التشخيص والفحوص بأن الألم نتيجة فشل في الكليتين». وأثار الخبر استغراب نيرمين وأسرتها، الذين سألوا: «هل يأتي الفشل الكلوي بين ليلة وضحاها؟». وأضافت: «أعدنا إجراء التحاليل للتأكد، على رغم تأكيد الطبيب أن ما أعانيه فشل كلوي. وليس أمامي سوى خيارين: الخضوع لعمليات غسيل الكلى، أو زراعة الأعضاء». وتتابع: «لو تم اكتشاف وجود خلل في وظائف الكلى مبكراً، لما وصلت إلى هذه الحال، فعملية غسيل الكلى ليست سهلة، إذ أشعر بإنهاك وتعب وإعياء بعد كل مرة أجريها، إذ يتم خلالها سحب دمي شيئاً فشيئاً، أمام عيني، لتتم تصفيته، ويعاد إلى جسدي مرة أخرى، في عملية تستغرق من ثلاث إلى أربع ساعات، وتتكرر ثلاث مرات في الأسبوع، لأعود بعدها إلى المنزل، وأنام من كثرة التعب». ولا تستبعد خيار زرع كلى، فهي «فكرة واردة، وقد بدأت شقيقاتي في إجراء التحاليل، للتأكد من تطابق الأنسجة، إذ لا يكفي تطابق فئة الدم فقط لضمان نجاح عملية الزرع، فلا بد من تطابق الأنسجة»، مضيفة: «إن لم يكن هناك تطابق مع شقيقاتي، سأدرج اسمي ضمن قائمة طلبات زرع الأعضاء، إلا أن كثرة أعداد المتقدمين تجعل قائمة الانتظار طويلة، لحين الحصول على عضو للزراعة، وقد يستغرق ذلك بين سنة إلى سنتين، لحين الحصول على متبرع». وعلى رغم الفارق القصير نسبياً بين تقديم طلب الزرع وموعد إجراء الجراحة، إلا أن فاطمة الخاتم فقدت طفلها حيدر (8 أعوام)، وهو ينتظر زرع كلية بعد إصابته بالفشل الكلوي. تقول: «لم يكن يشعر بأي مرض، أو حتى أعراض تشير إلى أي مرض، إلى أن بلغ الثامنة، إذ بدأ الألم ينخر جسده الهزيل، فلم يستطع التحمل»، مضيفة: «توجهنا به إلى الأطباء، إلى أن أبلغونا بأن حاله الصحية متأخرة، وليس أمامنا سوى الغسيل. وخضع للغسيل الدموي، وليس البروتيني، لخمس مرات في اليوم، إذ قام كادر التمريض في المستشفى الذي كان يتعالج فيه، بإعطائي جهاز الغسيل، وتدريبي على طريقة عمله، وإجراء الغسيل المعقم، وكانت القسطرة في منطقة البطن. أما الغسيل الدموي فتكون القسطرة في الفخذ، أو الأكتاف، والصدر». وتضيف فاطمة: «قدمنا طلباً لزرع كلية، ولم يكن موعد إجراء الزراعة طويلاً، فقط أربعة أشهر. إلا أنه أصيب فجأة بآلام في عضلة القلب، لذا لم يجر له الزرع، قبل أن يفارق الحياة بعد سنة ونصف السنة من اكتشاف إصابته». ودعت إلى إجراء فحوص دورية لوظائف الكلى، لتفادي اكتشاف الإصابة بها فجأة. واكتشف أبو وسيم (60 عاماً) إصابته بالفشل الكلوي منذ نحو خمس سنوات. على رغم أن ظهور أعراض المرض عليه في وقت مبكر. ويقول: «كنت أعاني من صعوبة في إخراج السوائل، إضافة إلى آلام شديدة، إلى أن أصبت بضمور وخلل في وظائف الكلى، لأكتشف لاحقاً إصابتي بالفشل الكلوي»، مضيفاً: «أقوم بعملية الغسيل الدموي ثلاث مرات أسبوعياً. ولا أستطيع الوقوف بعدها ليومين متتاليين». وعلى رغم آلامه، إلا أن أبو وسيم يتألم للأطفال المصابين بالمرض ذاته، الذين يراهم على الأسِرَّة المجاورة، وهم يجرون عمليات الغسيل، «كيف تكون حالهم بعد عملية الغسيل الكلوي، فأحدهم يبلغ من العمر خمس سنوات». لم يقدم طلباً لزرع كلية «لكثرة ما أسمعه من حالات لأشخاص أجروا جراحة الزرع، ونجحت الجراحة، ومن ثم تكون النهاية بالوفاة، فتكون بداية أوضاع المريض مستقرة، ومن ثم يتعرض إلى انتكاسة شديدة غير مبررة من الأطباء، سوى عدم قبول الجسم للعضو الجديد». ويؤكد أنه والأشخاص المصابين بالفشل الكلوي الذين يعرفهم «لا نمارس حياتنا في شكل طبيعي، فأيام الأسبوع مقسمة بين الغسيل الكلوي والراحة بسبب أعراض الغسيل المتعب. ولا يوجد لدينا خيار آخر»، مضيفاً: «بحسب ما أسمعه وأراه، فإن أعداد المصابين في ازدياد، والمجتمع بحاجة إلى زيادة الوعي والتثقيف حول أعراض المرض، الشائع منها وغير الشائع، إضافة إلى فرض إجراء تحاليل دورياً للكشف عن وجود خلل في الكلى. وأعتقد أن ذلك يسهم في الحد من أعداد المصابين بالفشل الكلوي، فلا يوجد مرض من دون مقدمات، ولكن أعراضه صامتة، وعلى الطب اكتشافها مبكراً، للحد من تفاقم المرض».