تحتاج الجزائر إلى استغلال مواردها من الغاز الصخري لتعويض القفزة في الاستهلاك المحلي للطاقة، بما يؤدّي إلى تقليص صادراتها الحيوية. لكن تطوير القطاع سيستغرق وقتاً ويتطلب إصلاحات واسعة، في شركة الطاقة المملوكة من الدولة. وتُعدّ الجزائر مورداً رئيساً للغاز إلى أوروبا، لكن الصادرات تضررت بسبب تأجيل بضعة مشاريع للغاز، وزيادة كبيرة في استهلاك هذه المادة المدعومة محلياً مع نمو عدد السكان. وتوقعت شركة «سوناطراك» للطاقة المملوكة من الدولة، أن «تهبط صادرات الغاز الجزائرية إلى 54 بليون قدم مكعبة هذه السنة، من 57 بليوناً في 2016. وفي العقد المنتهي في 2014، زاد معدل استهلاك الغاز محلياً إلى أكثر من ثلاثة أمثال. ولتعويض انخفاض الصادرات، قال مسؤولون في «سوناطراك»: «بدأت الشركة محادثات مع توتال الفرنسية وإيني الإيطالية، بهدف استغلال الموارد الصخرية المقدرة بنحو 22 تريليون متر مكعب، وهي ثالث أكبر موارد من نوعها في العالم». ولم تؤكد الشركات الأجنبية ذلك على رغم إعلان رئيس «إيني» التنفيذي الانفتاح على «مزيد من التعاون»، بعدما أشارت «سوناطراك» إلى «العمل مع «توتال» في الغاز الصخري. واعتبر رئيس «نورث أفريكا» لاستشارات الأخطار وخبير الطاقة الجزائري جيف بورتر، أن الجزائر «كان يجب عليها تدشين الاستكشافات الصخرية قبل سنوات، لكنها كانت تفتقر إلى قيادة منسجمة ومتّسقة». وظلت الجزائر تنأى بنفسها عن التغيير في صناعة طاقة، حتى بدأ مشترو الغاز الأوروبيون التساؤل عما إذا كانوا سيجدّدون العقود، مع خشيتهم احتمال أن تجد «سوناطراك» صعوبة في الوفاء بالتزاماتها. ويُتوقع أن «يستمر ارتفاع الطلب المحلي على الغاز مع النمو السكاني في الجزائر»، وفقاً لمصادر في القطاع. وتحتل الجزائر، التي تبيع أساساً إلى إيطاليا وإسبانيا والبرتغال، المرتبة الثالثة لجهة الأهمية بين موردي الغاز إلى الاتحاد الأوروبي بعد روسيا والنروج. وأي انخفاض في الإمدادات قد يزيد اعتماد أوروبا على روسيا، التي تستخدم الغاز لدعم أهداف سياستها الخارجية. وتشكل صادرات الجزائر من النفط والغاز 56 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، لكنها انخفضت أكثر من النصف منذ عام 2014. ويشكل إبقاء أسعار الغاز المحلية رخيصة أهمية للحكومة التي تريد الحفاظ على نموذجها للرعاية الاجتماعية للحؤول دون حدوث سخط شعبي. وأشار مصدر في أوساط أحد المشترين الرئيسيين للغاز الجزائري في إسبانبا، إلى أن «الجزائر تحتاج إلى إيرادات التصدير لدعم موازنة الدولة، لكن غياب الاستثمارات واتجاهات الإنتاج النزولية أمور مقلقة جداً». وقال مصدر في شركة فرنسية مستوردة للغاز الجزائري، إن تراجع الإنتاج «يهدد قدرتها على الحفاظ على التدفقات، ونراقب هذا من كثب منذ فترة». وقال رئيس «سوناطراك» الجديد عبد المؤمن ولد قدور، إن الجزائر «سيكون لديها قانون جديد بشروط أفضل عام 2018»، لكن لم تظهر أي مسودّة على رغم سنوات من العمل. وهذه مسألة ملحة، لأن ربع الجولات الثلاث السابقة لامتيازات الغاز فقط اجتذبت عروضاً. وأوضح مهندس ل «رويترز» أن التكنولوجيا المستخدمة لإنتاج الغاز الصخري «تعمل بكفاءة فقط في الولاياتالمتحدة، فبينما يحتاجون هم إلى سبعة أيام كي تبدأ بئر الإنتاج، فإننا سنحتاج إلى 70 يوماً حداً أدنى». ولم يغفل بورتر أيضاً أن الجزائر «تحتاج إلى استرضاء المجتمعات المحلية في الجنوب، التي نظمت اعتصامات عام 2014 لمنع استكشاف الموارد الصخرية، خشية أن تصبح إمداداتها من المياه الجوفية ملوثة».