التظاهر حق طبيعي كفله الدستور والقانون ما دام تظاهراً سلمياً ولا يترتب عليه ضرر للمنشآت العامة أو الخاصة، فكل من له حق يأخذه بكل الطرق المشروعة ولا يستطيع أن يلومه أحد ما دام يطالب بحقه بصورة حضارية من دون الإضرار بمصالح الآخرين. فأهالينا في قنا (مصر) كانت أمامهم طرق أخرى للمطالبة بعدم تعيين المحافظ الجديد منها الاعتصام أمام ديوان المحافظة أو تشكيل وفد يخاطب الحكومة والمجلس العسكري عارضاً مظلمتهم على المسؤولين ومناقشتهم بأسباب رفضهم. لكن عندما يصل الأمر الى وقف الحركة بين شمال البلاد وجنوبها يجب أن نقف مع أنفسنا وقفة جادة، نحاسب فيها أنفسنا لأن هذا التصرف أضر بمحافظتي الأقصر وأسوان إضافة الى الضرر الذي وقع على أهالي قنا أنفسهم. انتشرت سياسة الاعتصامات والاضرابات في الكثير من ربوع المحروسة طلباً للحق أو فرضاً لواقع يريده الناس أو رفضاً لتنفيذ قرارٍ ما من السلطات، ووصلت حتى الى قطع الطرق وتعطيل حركة النقل بكل صورها من دون النظر إلى الخسائر التى يتحملها الشعب والدولة فى وقت واحد وذلك حتى يتم الغاء تعين المحافظ الجديد. هذه الأزمة يفهمها العالم الخارجي على أنها دليل على ضعف الدولة بعد الثورة، فدولة لا تستطيع حماية منشأة حيوية مثل السكك الحديد وقطع خطوطها يدل عى ضعف سلطة الدولة وعدم قدرتها على إدارة أمور البلاد. فهل يعقل أن كل من له طلب ما إن لم تنفذه الدولة بقطع خطوط السكك الحديد أو الطرق السريعة التي تربط المحافظات غير مكترث بمدى الخسارة التي تصيب غيره لكن المهم مصلحته هو وليذهب الآخرون الى الجحيم. هل يعقل أن يترك رئيس الحكومة المهام الجسيمة الملقاة على عاتقه ويذهب بنفسه لحل المشكلة. هل يعقل أن تصبح هذه لغة الحوار التي سادت بين جزء كبير من المصريين لغة أنا على حق والآخر على باطل من دون التفكير بتعقل في نتائج هذه التصرفات التي تضر الجميع وتعود فائدتها على البعض.