أدت جموع حاشدة من أبناء محافظة القطيف الصلاة على قاضي دائرة الأوقاف والمواريث بمحكمة القطيف الشيخ محمد الجيراني أمس (الخميس)، الذي اختُطف قبل عام، وعُثر على جثته مدفونة أثناء دهم مزرعة المطلوب سلمان الفرج ببلدة العوامية في القطيف. وشيّعت الجموع، يتقدمهم أقارب الفقيد وعدد من المسؤولين، جثمان الشيخ الجيراني، ليُدفن في مقبرة المصلي بجزيرة تاروت بعد الصلاة عليه. وتزاحمت وفود المشيعين إلى مقبرة تاروت منذ الساعة الثانية والنصف، إذ اكتظت الطرقات المؤدية إلى المقبرة بمئات السيارات لمسافة طويلة، فيما احتشد المئات خارج المقبرة في انتظار انطلاق التشييع الرسمي. ووسط أجواء حزينة انطلق جثمان قاضي دائرة الأوقاف والمواريث بالقطيف الشيخ محمد الجيراني محمولاً على الأيدي من مغسلة مقبرة تاروت إلى المقبرة، بمشاركة المئات من أهالي المحافظة ومدن الشرقية المختلفة. وقال محمد الجيراني (ابن عّم الشهيد)، إن رفات الشهيد تم تسلمه من الأجهزة الأمنية في الساعة العاشرة من صباح أمس (الخميس)، مضيفاً أن رفات الشهيد يتكون من عظام بعد تحللها نتيجة دفنها من الجماعة الإرهابية التي اختطفته وأعدمته في منتصف كانون الثاني (ديسمبر) الماضي. وأكد أن أسرة الشهيد توجهت فور تسلّم الرفات إلى مقبرة تاروت لاستكمال إجراءات مراسم التشييع، مضيفاً أن تأخر عملية التشييع مرتبطة بتجهيز سرداق العزاء، لافتاً إلى أن استكمال تجهيز المخيم أول من أمس (الأربعاء) مهد الطريق أمام تسلّم الرفات من الجهات الرسمية. وعبّر عيسى الجيراني (شقيق الشهيد) عن شكر الأسرة لأبناء الوطن على الوقفة المشرفة والمشاركة الواسعة في التشييع المهيب لشهيد «الكلمة المخلصة»، معتبراً في الوقت ّذاته تعزية ومواساة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان دلالة على وقوف القيادة مع المواطن، مقدراً الزيارة الكريمة لوزير الداخلية الأمير عبدالعزيز بن سعود لأسرة الشهيد، التي تضمنت نقل تعازي ومواساة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده، مؤكداً أن زيارة وزير الداخلية جاءت بلسماً على قلوب الأسرة المكلومة من هول العملية الإجرامية، وخصوصاً أن القيادة تعهدت بالقصاص من الجناة، وإنزال العقاب العادل بكل الأطراف المشاركة في اختطاف وإعدام القاضي الشيخ محمد الجيراني. وذكر سعيد الجيراني (ابن عّم الشهيد)، أن الكلمات الصادقة التي قالها أمير المنطقة الشرقية الأمير سعود بن نايف، خلال زيارته الأسرة لتقديم واجب العزاء والمواساة، تمثل عمق الترابط بين المسؤول والمواطن في المملكة. ووصف الشيخ حسن بن موسى الصفار جريمة اغتيال قاضي دائرة الأوقاف والمواريث الشيخ محمد بن عبدالله الجيراني بالعمل الإرهابي الجبان، مؤكداً أن العناصر التي ترتكب مثل هذه الأعمال الإرهابية باعت نفسها للشيطان، ومن المؤلم جداً أن تنتهي حياة القاضي الشيخ محمد بن عبدالله الجيراني بهذه الطريقة المأسوية البشعة. إلى ذلك، دان قاضي دائرة الأوقاف والمواريث السابق الشيخ عبدالله الخنيزي، جريمة اغتيال الشهيد الشيخ محمد الجيراني، الذي اغتالته يد الإرهاب، مضيفاً أن هذه الجريمة تعد في غاية الشذوذ وغريبة على هذا المجتمع. وقال إنَّ من أعظم الحرمات في الإسلام وفي الشرائع الإلهية كافة حرمة الدماء، حتى جاء في الأثر «لا يزال المؤمن في سعة من دينه ما لم يصب دماً حراماً». وأضاف: «إننا ندين وبشدة هذا العمل الإجرامي الوحشي باغتياله بهذه الصورة البشعة، التي تنسلخ من الإنسانية والقيم والمبادئ»، لافتاً إلى أن عملية الاغتيال تعد غريبة وفي غاية الشذوذ على هذا المجتمع المؤمن المسالم. ودعا أبناء القطيف إلى إشاعة الثقافة الإسلامية الأصيلة، الثقافة التي تجسّد سماحة الإسلام، وتحقق مقاصد الشريعة، وتصون الحرمات، وتحفظ الحقوق، وتنبذ العنف بكل صوره وأشكاله وأساليبه. واستنكر الشيخ منصور السلمان جريمة اختطاف وقتل قاضي الأوقاف والمواريث بالقطيف الشيخ محمد الجيراني، من حفنة من مصاصي الدماء، مؤكداً أن الجريمة النكراء عطلت الكثير من قضايا الناس التي كان ينجزها الشيخ الفقيد.