قالت مصادر فلسطينية وأخرى ديبلوماسية غربية ل «الحياة»، إن اليابان تسعى إلى لعب دور الوسيط في العملية السياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين بدلاً من الولاياتالمتحدة، التي يرفض الفلسطينيون عودتها للعب هذا الدور بعد إعلان الرئيس دونالد ترامب اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها. وقالت المصادر إن اليابان أعدت خطة طويلة الأمد لأحياء العملية السياسية من خلال مشاريع اقتصادية حيوية تخدم الطرفين، مثل مناطق صناعية وزراعية وسياحية مشتركة تقود إلى خلق مصالح مشتركة يتطلب الحفاظ عليها التوصل إلى حلول سياسية للصراع. وزار وزير الخارجية الياباني الأراضي الفلسطينية وإسرائيل مطلع الأسبوع الحالي، في محاولة لاحتواء الموقف بعد إعلان الفلسطينيين رفضهم التعامل مع الإدارة الأميركية كوسيط في العملية السياسية. والتقى رئيس الديبلوماسية الياباني مع كل من الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، وعرض عليهما فكرة تمويل اليابان مشاريع اقتصادية تهدف إلى «إعادة بناء الثقة» بين الجانبين. وقالت مصادر ديبلوماسية ل «الحياة» إن اليابان تعتبر نفسها الدولة الأكثر قدرة على لعب دور الوسيط بين الجانبين بسبب علاقتها الخاصة بكل منهما، مشيرة إلى العلاقات الجيدة التي تجمع طوكيو بكل من تل أبيب ورام الله. وأضافت: «الجانب الإسرائيلي يبدي حساسية تجاه دور بعض الدول الكبرى في الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، مثل روسيا والصين، ويعتبرهما أقرب إلى الموقف الفلسطيني، لكنه لا يبدي الحساسية ذاتها تجاه اليابان». وتابعت: «من الواضح أن الجانب الفلسطيني لن يقبل بإدارة ترامب وسيطاً في العملية السياسية، لذلك لا بد من ملء الفراغ واحتواء الموقف بهدف الحفاظ على العملية السياسية حية، ومنع حدوث انفجار». وتمول اليابان سلسلة من المشاريع الاقتصادية التي تهدف إلى خدمة عملية السلام، منها «ممر أريحا للسلام» الذي يهدف إلى تشجيع السياحة إلى كل من فلسطين وإسرائيل والأردن، ومنها مشروع المنطقة الصناعية في أريحا. وقالت المصادر أن وزير الخارجية الياباني تارو كونو الذي سارع إلى زيارة المنطقة عقب إعلان الفلسطينيين وقف تعاملهم مع الإدارة الأميركية كوسيط، عرض على كل من عباس ونتانياهو تمويل سلسلة مشاريع اقتصادية مشتركة رحبا بها. وأضافت: «الحل الوحيد الممكن للصراع سياسي، والعملية السياسية ستستغرق الكثير من الوقت، ونجاحها يتطلب الكثير من الصبر والعمل، والاقتصاد يشكل مفتاحاً مهماً للتقارب بين الطرفين، وصولاً إلى اتفاقهما على حل تاريخي». وأضافت: «في المرحلة الحالية، لا يوجد أي حل سياسي أو عسكري، لهذا السبب فإن الاقتصاد هو الوسيلة المتاحة لبناء جسور وعلاقات مصلحة مشتركة تقود في النهاية إلى البحث عن حل يحقق المصالح المشتركة». ونفى مسؤولون فلسطينيون أن تكون اليابان وجهت دعوة إلى نتانياهو وعباس لعقد لقاء قمة في طوكيو، وأشاروا إلى أن وزير الخارجية الياباني اقترح على الرجلين إعادة إحياء العملية السياسية من خلال الاقتصاد. وكانت وسائل إعلام إسرائيلية نقلت عن مكتب نتانياهو أن وزير خارجية اليابان عرض استضافة لقاء قمة بين عباس ونتانياهو في طوكيو، وان الأخير أبدى استعداده للمشاركة في مثل هذا اللقاء فقط في حال رعايته من قبل الإدارة الأميركية. لكن مصادر ديبلوماسية قالت إن الجانب الإسرائيلي سرّب هذا الخبر لتحقيق أهداف سياسية في صراعه مع الجانب الفلسطيني. وقالت: «إسرائيل تريد أن تقول إنها متمسكة بالرعاية الأميركية لعملية السلام بسبب انحياز واشنطن الكامل إلى جانبها، لكن في الوقت ذاته فإن الطريق مفتوح أمام اليابان للعب دور سياسي من خلال الاقتصاد». الأردنواليابان من جانبه، حض الأردن على تدخل دولي جاد وفاعل لحلّ الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين على أساس الدولتين. وكان رئيس الوزراء الأردني هاني الملقي اجتمع في عمان بوزير الخارجية الياباني في ختام جولته، وبحث معه في «تطورات الأوضاع في المنطقة، خصوصاً ما يتعلق بالقدس التي أكد أنها قضية سياسية تهم العالم الإسلامي، ومستقبلها تحدده مفاوضات الوضع النهائي». وكان وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي عقد جلسة محادثات مع نظيره الياباني أول من أمس، تطرقت إلى المستجدات الإقليمية، خصوصاً المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وتبعات القرار الأميركي في شأن القدس. وأكد الصفدي أن القدس من قضايا الوضع النهائي، مشدداً على ضرورة التزام القرارات الدولية التي تعتبر أي إجراءات أحادية تستهدف تغيير الوضع القانوني والتاريخي القائم وفرض حقائق جديدة على الأرض «باطلة ولاغية». ودعا إلى تكاتف الجهود الدولية ل «إطلاق جهود جادة وفاعلة لحل الصراع على أساس حل الدولتين الذي يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدسالمحتلة على خطوط الرابع من حزيران 1967 سبيلاً وحيداً لتحقيق السلام في المنطقة». كما طالب باعتراف المجتمع الدولي بهذه الدولة. وأكد الوزير الياباني أن بلاده لن تنقل سفارتها إلى القدس، وأنها تعتبر المدينة من قضايا الوضع النهائي التي يجب أن يحسم مصيرها عبر التفاوض، مؤكداً دعم حلّ الدولتين. اجتماع وزاري في عمان ومن المقرر أن تستضيف عمان اجتماعاً لوفد وزاري عربي للبحث في قضية القدس. وأعلن الأمين العام المساعد للجامعة العربية السفير حسام زكي في مؤتمر صحافي أمس أن الوفد الوزاري العربي المصغر (يضم وزراء خارجية السعودية والأردن ومصر وفلسطين والمغرب والإمارات والأمين العام للجامعة أحمد أبوالغيط) «سيعقد أولى اجتماعاته في الأردن السادس من الشهر المقبل» بهدف «التحرك من أجل مواجهة الآثار السلبية للاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل وتبعاته». واستبعد عقد قمة عربية طارئة في شأن القدس، وقال: «لدينا قمة عربية عادية في الرياض في آذار (مارس) المقبل، وبالتالي فإن انعقاد قمتين في غضون شهرين ربما يكون صعباً، خصوصاً أن التعامل مع قضية القدس يحتاج إلى عمل بسياسة النفس الطويل». وأضاف أن وزراء خارجية الدول الست «سيبحثون في الملف، قبل أن يُحال على اجتماع لوزراء الخارجية العرب يتم الترتيب لعقده خلال الفترة المقبلة». وتابع: «لا نواجه مشكلة ذات طابع سريع، هي مشكلة سياسية ستبقى معنا لفترة ممتدة، ينبغي التعامل معها بعمق ومن دون تعجل». وشدد على أن «قرار الولاياتالمتحدة في شأن القدس أحادي الجانب وغير قانوني، ونأمل بتجميده والعودة عنه، لكن العمل الكبير الذي يجب أن يتم هو محاصرة آثار هذا القرار الذي يجب ألا ينتقل إلى دول أخرى حتى لا نجد 20 أو 30 دولة لديها سفارات في القدس العام المقبل». واستبعد قطع الدول العربية علاقتها مع واشنطن استناداً إلى قرار قمة عمان عام 1980 والخاص بقطع العلاقات مع أي دولة تنقل سفارتها إلى القدس، وقال: «يجب أن نتفهم أن عام 1980 يختلف عن 2017، وكذلك التعامل مع الولاياتالمتحدة، وهي الدولة الأكبر في العالم ولها علاقاتها المتشابكة مع الدول العربية والعالم». وزاد: «الهدف هو مساعدة فلسطين، وهناك حكمة في التعامل، وفي النهاية الدول العربية ستتوصل إلى أفضل إجراء». وتحدث عن خطة «غير معلنة» للتصدي لترشُح إسرائيل لعضوية مجلس الأمن، «آملاً بمنع هذا الترشيح لدولة تفاخر بضربها قرارات الشرعية الدولية عرض الحائط». السلطة تجدد دعوتها إلى الاعتراف بدولة فلسطين لندن - «الحياة» - أتت دعوة السفير الأميركي لدى إسرائيل دايفيد فريدمان وزارة خارجية بلاده إلى شطب مصطلح «الاحتلال» في المراسلات والوثائق الرسمية الصادرة عنها عند الإشارة إلى الأراضي الفلسطينيةالمحتلة عام 1967 أو إلى الضفة الغربية، لتعيد إلى الواجهة الموقف الفلسطيني المطالب بالاعتراف بدولة فلسطين. وطالب فريدمان وزارته بالتوقف عن استخدام كلمة «محتلة» واستبدالها بتعابير «أكثر حياداً» في الوثائق الرسمية مثل «أراضي الضفة الغربية» بدلاً من «الأراضي المحتلة»، ما رفضته الخارجية الأميركية كونها تعتمد «سياسة طويلة الأمد ولا تخضع لمطالب السفير»، غير أن الوزارة لم تلبث أن رضخت لضغوط مارستها سلطات عليا عندما أعلنت موافقتها على درس القضية «قريباً». وعلى رغم تصريح مسؤول في الوزارة بأن «المرحلة الراهنة لن تحمل أي تغيير في السياسة الأميركية تجاه الضفة الغربية»، إلا أن الاختبار الحقيقي سيكون عند نشر الخارجية تقريرها السنوي عن حقوق الإنسان في العالم. وأثار موقف فريدمان السلطة التي ردّت بحضّ الإدارة الأميركية والمجتمع الدولي على الاعتراف بدولة فلسطين وتجسيده عبر تمكين مؤسساتها من تنفيذ مهماتها والتزام قرارات المجتمع الدولي. وعلّقت وزارة الإعلام ب «أننا سنكون سعداء جداً في درس الخارجية الأميركية شطب مصطلح الاحتلال، واستبداله بالتسمية الواجبة وفق قرارات المجتمع الدولي: دولة فلسطين». كما وصفت تصريحات السفير ب «المتساوقة» مع حكومة اليمين الإسرائيلي وإجراءات الإدارة الأميركية التي اعترفت بالقدس عاصمة للدولة العبرية، واعتبرت طلبه بمثابة «مهمة فاشلة لتزوير الحقائق ومواصلة الانقلاب على قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة، ويجرد الولاياتالمتحدة من ادعاءاتها الحفاظ على القانون الدولي ودعم حقوق الشعب الفلسطيني».