«اشتبك» وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والبريطاني بوريس جونسون، خلال مؤتمر صحافي في شأن مزاعم بتدخل موسكو في الاستفتاء الذي نظمته المملكة المتحدة للانسحاب من الاتحاد الأوروبي، لكنهما أعربا عن رغبتهما في العمل معاً حين تتقاطع مصالح بلديهما. زيارة جونسون إلى موسكو هي الأولى لوزير خارجية بريطاني منذ 5 سنوات، علماً أن البلدين اصطدما في شأن ملفات كثيرة، بينها تسميم الجاسوس الروسي السابق والمعارض للكرملين ألكسندر ليفيننكو بأشعة قاتلة في لندن عام 2006، وأزمتَي أوكرانيا وسورية، إضافة إلى مزاعم بتدخل موسكو في سياسات دول أوروبية، ودعمها هجمات إلكترونية وحملات لنشر معلومات مضلّلة. ووصف جونسون، عندما كان رئيساً لبلدية لندن عام 2015، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ب «طاغية لا يرحم يلجأ إلى ألاعيب». وقال جونسون في بداية محادثاته مع لافروف: «التحدث عن هذه الأمور مهم، ولكي نكون صريحين في شأنها ونقبل بأنها تشكل عراقيل في علاقاتنا الآن. لكن يجب ألا نسمح لأنفسنا بأن نُعرّف بهذه المشكلات». وأضاف أن على روسياوبريطانيا التعاون من أجل الأمن العالمي، معتبراً أن أوجه التشابه بين الدولتين أهم بكثير من الخلافات. ووصف نفسه بأنه «من الملتزمين بالصداقة مع روسيا»، وتابع: «علينا أن نجد طريقة للمضيّ، وحتى ذلك الوقت أعتقد بأن علينا التعاون في المجالات التي يمكننا فيها بناء مستقبل أفضل». وتساجل لافروف وجونسون في مؤتمرهما الصحافي، في شأن تكهنات بتأييد روسيا «طلاقاً» بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي. وقال لافروف إن جونسون أقرّ بأن لا أدلة تثبت تدخل موسكو في الاستفاء على «بريكزيت» عام 2016، فعلّق جونسون: «من دون تحقيق نجاح». ورد الوزير الروسي مخاطباً الصحافيين: «أرأيتم، عليه أن يقول ذلك لئلا يتعرّض لانتقاد في بريطانيا، حفاظاً على سمعته». وعلّق نظيره البريطاني مبتسماً: «ما يقلقني هو سمعتك أنت يا سيرغي. يجب أن تعترف بأن المحاولات الروسية للتدخل لم تكن ناجحة». وردّ لافروف: «الامتناع عن التحرك لا يمكن أن يؤدي إلى أي نتيجة». وأضاف أن موسكو تنتظر من لندن دليلاً على تدخلها. وأقرّ لافروف بأن العلاقات الروسية- البريطانية «في مستوى متدن جداً، ولا نخفي سراً»، لافتاً إلى أن موسكو تفضّل «مناقشة المخاوف المتبادلة وجهاً لوجه، لا من خلال ميكروفونات». وأضاف أنه يرغب في أن تؤدي محادثاته مع جونسون إلى «خطوات بنّاءة» تساهم في تحسين العلاقات بين الجانبين. ولفت إلى أنه لم يشعر بأي «عدائية»، وتابع: «نحن مستعدون لتطوير حوار في عدد كبير من الملفات، على أساس وقاعدة المساواة، (مع) الأخذ في الاعتبار مصالح كلّ منا واحترامها». وعلّق جونسون: «فيما أنظر إلى الصعوبات في علاقاتنا، سواء في شأن أوكرانيا أو غرب البلقان أو الفضاء الإلكتروني، أتفق معك على أهمية التحدّث عن هذه الأمور بصراحة». وأضاف: «المسائل صعبة، لكننا نريد العمل سوياً في شأن ملفات، سيرغي ونحن، نريد العمل من أجل مستقبل أفضل. لدينا واجب العمل سوياً من أجل السلام والأمن». وكان جونسون قال قبل الزيارة إن لديه أملاً ضئيلاً في تحوّل كلي للعلاقات مع موسكو. وشدد على أنه «ليس من أنصار الحرب الباردة»، مستدركاً أنه «لا يعتقد بإمكان إعادة إطلاق العلاقات من الصفر». وأضاف: «علاقاتنا مع روسيا لا يمكن أن تسير كالمعتاد، فيما تواصل محاولة زعزعة استقرار دول أوروبية، بينها أوكرانيا. لبريطانيا قدراتها (في القرصنة الإلكترونية) ونحن مستعدون للدفاع عن مصالحنا». واستدرك أنه يرغب في مناقشة العمل مع موسكو للحفاظ على الاتفاق النووي المُبرم بين إيران والدول الست، والتعامل مع التهديد الذي تشكله كوريا الشمالية، والترتيبات الأمنية لكأس العالم في كرة القدم التي تستضيفها روسيا العام المقبل. وأغضب جونسون المسؤولين الروس قبل زيارته، بعدما اعتبر أن بلادهم «منغلقة وقبيحة وذات نزعة حربية ومناهضة للديموقراطية، مثل إسبرطة». وعلّقت ناطقة باسم الخارجية الروسية بأن جونسون يفتقر إلى المهنية، ونظمت مسابقة على الإنترنت لرسوم كاريكاتورية تسخر منه، معتبرة أن تصريحاتها لم تثر إلا الضحك في روسيا ولا تستحق انزعاجاً.