ترسم العقوبات التي فرضتها واشنطن على الحكومة السورية منعطفاً جديداً في العلاقة بين الجانبين «يبتعد عن عملية السلام»، وفي الوقت نفسه يعطي الأزمة بُعداً إستراتيجياً بارزاً أحد أعمدته التركيز على إيران من خلال تضمين «فيلق القدس» بين المؤسسات المستهدفة في العقوبات. فبعد خمسة أسابيع على بدء الاحتجاجات واكتفاء إدارة الرئيس باراك أوباما بالتنديد الشفهي لأعمال العنف، تحوّلت الإدارة باتجاه اتخاذ إجراءات تنفيذية من خلال قرار العقوبات، الذي جاء قويَّ اللهجة بعد استشارات مع أطراف أوروبيين وإقليميين. وأشار الخبير في الشؤون السورية في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى أندرو تابلر ل «الحياة»، الى أن الجديد والبارز في هذه الرزمة من العقوبات هو «استهداف واشنطن للمرة الاولى شخصية من عائلة الأسد» ممثلة بشقيق الرئيس، قائد اللواء الرابع في الجيش السوري ماهر الأسد. وأضاف أنها المرة الأولى التي تدرج فيها واشنطن الحرس الثوري الايراني وفيلق القدس في الاطار السوري، باعتبار ان الاخير يمد الحكومة السورية بوسائل مادية لقمع المتظاهرين، ما يعكس البعد الإستراتيجي في قراءة واشنطن التطورات في سورية، خصوصاً أن احتواء نفوذ إيران يبقى أولوية شرق أوسطية لديها. ونوه تابلر الى أن اصدار أمر تنفيذي رئاسي تحت مظلة حقوق الانسان، امر غير مسبوق من هذه الادارة، ويفسر تحذيرها بأن تصل العقوبات الى رأس هرم النظام السوري في حال استمرار أعمال العنف. ورغم ان العقوبات لن تكون لها عملياً آثار كبيرة على أرصدة ماهر الأسد أو مدير الاستخبارات علي المملوك أو مدير الأمن السياسي سابقاً في درعا عاطف نجيب، الا ان تابلر، الذي أمضى في دمشق ثماني سنوات، رأى انها «تصل الى عمق النظام وأحد دوائره الاستخباراتية الأساسية»، بل توقع أن «يكون للعقوبات أثر في وقف تعاملات هؤلاء مع المصارف العالمية... إنها لن تسقط النظام إنما ستجعل حياته صعبة جداً». وأضاف ان العقوبات تضع العلاقة على سكة أخرى فتنقلها من «نموذج وقالب عملية السلام الى التعامل مع وضع حقوق الانسان والتفاعل مباشرة مع الاحتجاجات». وفي حال استمرار الاحتجاجات، توقع تابلر المقرب من الادارة «خطوات أخرى في مجلس الأمن، أو ربما في المحكمة الجنائية الدولية، وأيضاً بعض الحركة في وكالة الطاقة الذرية الدولية في اجتماعها المقبل في حزيران (يونيو) المقبل». وكان البيت الابيض دعا ليل الجمعة - السبت، الرئيس بشار الاسد الى «تغيير المسار الآن»، معتبراً أنه «بالإضافة الى التحركات التي نتخذها، تعتقد الولاياتالمتحدة ان افعال سورية الباعثة على الأسى تجاه شعبها تبرر رداً دولياً قوياً».