1 لم تكن جماهير ريال مدريد قبل مباراة نهائي لشبونة بالأمس تثق أن فريقها يستطيع تحقيق اللقب بسهولة على رغم أن الخصم أتلتيكو مدريد كان لقمة سائغة في مواسم سابقة، فالفريق المدريدي "الفقير" أصبح يُعرف بالكتيبة العسكرية وجنوده في الملعب يحاربون دفاعاً عن جدران قلعتهم "الفوز". لكن بعد أن حسم ريال مدريد بطاقة التأهل لنهائي دوري الأبطال للمرة الأولى بعد ثلاثة أعوام متتالية يخفق فيها في تجاوز المربع الذهبي إثر فوزه على البطل الأوروبي السابق بايرن ميونيخ ذهاباً بهدف من دون رد، وإمطاره لشباكه في الإياب برباعية، لم يكن ليسمح لأحد أن يمنعه من بطولته العاشرة. 2 حرب "الغنى" و"الفقر" لم تعترف إلا بالأرقام، إذ لم يشفع لأتلتيكو مدريد مستواه الرائع طوال مبارايات البطولة في أن يخسر المعركة الأخيرة لصالح الفريق الذي يمتلك كل الأرقام، أغلى لاعب، ثاني أغنى لاعب، ومدرب ربح 2 من النهائيات ال3 السابقة التي خاضها في دوري أبطال أوروبا. 3 مدرب يبلغ من العمر 54 عاماً أو يجدر بنا أن نقول مدرب يبلغ من العمر ثلاث بطولات أوروبية، فتاريخك يحتسب بما حققت في حياتك لا كم قضيت من سنين. قدم نادي ريال مدريد في 26 حزيران (يونيو) 2013 المدير الفني السابق لباريس سان جيرمان كارلو أنشيلوتي ليحل محل البرتغالي جوزيه مورينيو بعقدٍ يمتد ل3 أعوام. أتى المدرب الإيطالي إلى مدريد شامخاً، فلم يحتاج رئيس النادي فلورنتينو بيريز إلى تبرير اختيار أنشيلوتي، إذ يعد من أبرز المدربين في العالم بعدما فاز بدوري أبطال أوروبا مرتين ونجح في الظفر بألقاب الدوريات المحلية في كلٍ من إيطاليا وإنكلترا وفرنسا، وكان الأمل الكبير لتحقيق اللقب العاشر لريال مدريد، خصوصاً وهو يحمل الخبرة الكافية. 4 «لن يتذكر أحد من كان صاحب المركز الثاني»، الجملة السابقة كانت نهاية حديث صحافي لنجم دفاع ريال مدريد سيرجيو راموس قبل مباراة فريقه مع أتلتيكو مدريد، ولم تكن جملة إنشائية، إذ استحضرها "الثور" الإسباني في الدقيقة ال93 من زمن مباراة فريقه، ليثبت وجوده حال تخلف المهاجمين. هدف راموس الذي أعاد حسابات المباراة ليس جديداً عليه، ففي الخامس من الشهر الجاري أصبح القائد الثاني لريال مدريد المدافع الأكثر تهديفاً في الدوري الإسباني لكرة القدم، ليتفوق على قائمة تضم أفضل المدافعين الذين مروا على الليغا ومنهم كابدفيلا وأندوني أراولا وداني ألفيس وأدريانو كوريا. 5 بطل في الذاكرة حين تكون في موقع مسؤولية و"تُظلم"، يتبادر إلى رأسك ألف سؤال وسؤال، ماذا أفعل؟ هل أغضب؟ هل أخرج؟ أم أكون الصورة التي اعتادوا رؤيتي في إطارها "القديس"، "الصمت منجاة سأصمت وسأرى"، هذا ما كان يدور في رأس حارس ريال مدريد إيكر كاسياس، حين وضعه جوزيه مورينيو على قائمة البدلاء لأول مرة، واستمر على ذلك حتى خروجه من مدريد، ليأتي أنشيلوتي من بعده ويستمر إبعاد كاسياس عن مباريات الدوري، لكن الإيطالي حاول الحفاظ على ما تبقى من ماء وجه حارسه وقائد فريقه ليختاره ليلعب مباريات دوري الأبطال، فكانت الصرخة الأولى لكاسياس حين قال قبل النهائي الذي جمعه بأتلتيكو مدريد: "لو فاز ريال مدريد بدوري الأبطال سأظل في الذاكرة إلى الأبد". 6 لم يجرح مشاعر الأرجنتيني أنخل دي ماريا شيئاً كم جرحته التعليقات على خروج أوزيل من ريال مدريد، وكيف وضعه المشجعون والمعلقون الصحافيون في مقارنة مع الألماني، ودرجة أهمية بقائهما في الفريق، "لماذا يرحل أوزيل، كان من المفترض بهم إبعاد دي ماريا". دخل الأرجنتيني الموسم الجديد وهو يعرف أن الجماهير تنظر إليه بصفته اللاعب الأٌقل، فالعيون على القادم من توتنهام، غاريث بيل، والبرتغالي كريستيانو رونالدو. لكن النظرة لم ترضه، حاول إثارة شغب قليل، أن يقول أنا هنا، تسربت إشاعات حول رغبته في الخروج من الفريق قبل فترة الانتقالات الشتوية، ثم عاقب الجماهير بحركة مسيئة حين استبدله أنشيلوتي في مباراة سلتا فيغو. ومن لا شيء بينه والجماهير إلى معشوقهم، حين انخفض مستوى بيل ورونالدو وبنزيمة، حضر ليصنع الأهداف ويسجلها، وبدأت حجارة "برنابيو" تصرخ باسمه، الثقة اهتزت في صاحب ال100 مليون يورو، والإصابات هدّت رونالدو، وبنزيمة يشعر بالوحدة في الأمام، لكن دي ماريا "دينامو" لم يتوقف، يركض ليهاجم، ويعود في المرتدات ليساعد دفاع فريقه بأقصى ما يمكنه، ختام موسم دي ماريا لم يكن كبدايته، إذ أنهاه بجائزة أفضل لاعب في نهائي دوري أبطال أوروبا. 7 تسطر الكلمات في مديح اللاعبين ووصفهم، إلا أن كريستيانو رونالدو دائماً ما يرفض ذلك، يصر على الحديث بلغة الأرقام، تشغله وهو في الملعب، لا يحاول أن يكسر أرقاماً بالصدف بل يسعى إليها، ويظهر ذلك عليه في أفراحه، انتهت "قمة لشبونة" ولم يكن في أفضل مستوياته، لكنه دخل إلى المباراة وهو يحمل أرقاماً مخيفة، إذ سجل 17 هدفاً في 12 من مباراياته ال13 الأخيرة مع ريال مدريد في جميع البطولات، وختم الدوري الإسباني وهو يحمل 31 هدفاً ليتفوق على هدافي الدوري الإنكليزي والإيطالي والألماني. لسان حال رونالدو يقول لا تحاكمني على مباراة واحدة بل انظر إلى ما فعلته خلال بطولة كاملة، وإن أصررت على مباراة واحدة فقد كسرت في مباراتي الأخيرة رقمي القياسي الذي كسرته في المباراة التي سبقتها أنا من سجل 17 هدفاً في موسم واحد من دوري أبطال أوروبا. 8 يختلف الكثير من المدريديين حول فلورنتينو بيريز، هل هو الرئيس الأفضل؟ هل هو أكثر من يحب مدريد؟ تختلف الأسئلة وتختلف معها الأجوبة، ويبقى بيريز جامع فريق الأحلام، زيدان والظاهرة رونالدو وفيغو وبيكهام وروبرتو كارلوس في تشكيلة واحدة، توليفة لم تكن لتجتمع لولا تولي بيريز دفة مدريد، وحلمه بأن يرى فريقه الأغلى والأغنى على مستوى العالم، هل حققت تشكيلة الأحلام كل ما يتمناه مدريد؟ لا، لكن هذا ليس المهم، إذ ارتدى في عقد واحد نجوم العالم قميص ريال مدريد وسيبقى هذا الفخر مرتبطاً بالمهندس المدني فلورنتينو بيريز. كان عاشقاً أم مبذراً، إلا إنه سيبقى دائماً الرئيس الذي سيأتي باللاعب المستحيل ليلعب في صفوف الفريق الملكي، والرئيس الذي حقق في فترتين رئاسيتين دوري أبطال أوروبا مرتين. 9 الفريق البطل عندما يكون فريقك بطلاً لا يهمك غياب لاعب أو اثنين عن مستوياتهم الحقيقية، لكن ماذا لو غاب أكثر، لم يكن بنزيمة وبيل ورونالدو في مستوياتهم في نهائي البطولة الأهم لدى الأندية الأوروبية، ومع ذلك حقق ريال مدريد اللقب، قد يكون هذا النادي الأغلى في تاريخ كرة القدم، لكنه أثبت أن ما دُفع فيه رُد إليه فبعد أن تأخر 93 دقيقة بهدف في مقابل لاشيء، عاد ليسجل كل شيء. أربعة أهداف كانت كفيلة بإسكات كل من انتقص من مدريد في العقد الأخير، ولمن سيحاول في العقد المقبل. 10 ريال مدريد بطلاً لدوري أبطال أوروبا للمرة العاشرة في تاريخه.