تواصلت الاحتجاجات أمس في قطاع غزة رفضاً لقرار الرئيس دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأميركية إليها، بعد ليلة شهدت قصفاً اسرائيلياً على مواقع في القطاع ورد صاروخي فلسطيني على اسرائيل. وارتفع عدد شهداء العدوان الإسرائيلي الى أربعة بعد العثور على جثتي مقاتلين من «كتائب القسام» الذراع العسكرية لحركة «حماس» في موقع تابع لها في مدينة خان يونس جنوب القطاع، بعد شن إسرائيل ضربات جوية جديدة على قطاع غزة السبت. وفي غزة، وسط هتافات الغضب ودعوات إلى الانتقام من اسرائيل وإطلاق النار في الهواء، شيع الآلاف فلسطينيّيْن استشهدا في مواجهات قرب الحدود الجمعة وعنصرين من «كتائب عز الدين القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس» استشهدا في غارات السبت. وأصيبت سيدة فلسطينية برصاص الجيش الإسرائيلي اثر تجدد المواجهات على الحدود بعد جنازة شارك فيها الآلاف في خان يونس بقطاع غزة. وأطلقت ثلاثة صواريخ الجمعة من قطاع غزة باتجاه اسرائيل، سقط احدها ليل الجمعة في مدينة سديروت الإسرائيلية وقالت الإذاعة الإسرائيلية انه لم ينفجر. وتبنت «ألوية الناصر صلاح الدين- لواء التوحيد» وهي جماعة غير معروفة يرجح انها سلفية، مسؤوليتها عن اطلاق الصاروخ في بيان أفادت فيه بأن الهجوم «رد على الإعلان الأميركي ان القدس عاصمة دولة اليهود». إلا أن الجيش الإسرائيلي حمل «حماس» المسؤولية. وأفاد بأن «الصواريخ التي تستهدف المدنيين الإسرائيليين تعد عدواناً شديداً»، مضيفاً أن «حماس مسؤولة عن هذه الهجمات التي تستهدف حياة المدنيين وكل الأفعال الصادرة من قطاع غزة». وقال الجيش الإسرائيلي في بيان إن طائراته «استهدفت أربع منشآت تابعة لحماس في قطاع غزة». وأضاف أن 4500 فلسطيني شاركوا في الاحتجاجات على الحدود بين غزة وإسرائيل. وتابع أن قواته أطلقت النار على «عشرات» وصفهم بأنهم يقودون الاضطرابات. إلى ذلك، طالبت «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» القيادة الفلسطينية بإعلان الانسحاب من اتفاق أوسلو والتزاماته الأمنية والسياسية والاقتصادية ووقف التنسيق الأمني، وسحب الاعتراف بإسرائيل، وتنفيذ قرارات المجلس المركزي المنعقد في آذار(مارس) 2015. وجاءت مطالبة «الشعبية» خلال مسيرة جماهيرية حاشدة شارك فيها الآلاف من قياداتها وكوادرها وأنصارها أمس انطلقت من وسط مدينة غزة الى شارع فلسطين في حي الرمال غربها، في وقت عاد هدوء نسبي الى قطاع غزة بعد ساعات من العدوان والقصف الإسرائيلي على منشآت مدنية فلسطينية، ورد فصائل المقاومة بالصواريخ، توجت «يوم الغضب» على قرار الرئيس الأميركي. وتقدم المسيرة، قيادات الفصائل الوطنية والإسلامية وفرق الكشافة ومجموعة من مقاتلي كتائب الشهيد أبوعلي مصطفى الذراع العسكرية ل «الشعبية». وأحرق مشاركون في المسيرة العلمين الإسرائيلي والأميركي ودمية لترامب. وقالت «الشعبية» إنها قررت تنظيم المسيرة الرافضة لقرار ترامب، بدلاً من الاحتفال بذكرى انطلاقتها الخمسين، التي تصادف الحادي عشر من الشهر الجاري. وقال عضو المكتب السياسي ل «الشعبية» مسؤول فرعها في قطاع غزة جميل مزهر إن «مدينة القدس ستبقى عاصمة دولة فلسطين الأبدية، ولا تفريط بأي ذرة تراب منها أو أي بقعة من أرض فلسطين، وأنها بالنسبة إلينا جوهر الصراع ضد العدو الصهيوني ورمزه، وتتجسد فيها كل مدننا من حيفا ويافا وصفد وغزة ورام الله وكل قرية ومدينة في فلسطينالمحتلة». واعتبر مزهر أن قرار ترامب «بمثابة إعلان حرب على شعبنا الفلسطيني، ومقدمة لتنفيذ المخططات التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية عبر ما يُسمى صفقة القرن أو الحل الإقليمي». ووصف مزهر الولاياتالمتحدة بأنها «رأس الشر في هذا العالم والشريك الدائم للكيان الصهيوني في جرائمه بحق شعبنا»، وأنها تضع نفسها من خلال هذا القرار «في دائرة الاستهداف وتعريض مصالحها كافة في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة إلى الاستهداف المشروع». وجدد مزهر تأكيده قرار «الشعبية» اعتبار ذكرى انطلاقتها الخمسين والذكرى الثلاثين للانتفاضة الشعبية الأولى (87 الى 93) «بداية لإشعال انتفاضة العودة والحرية والاستقلال». ودعا القيادة الفلسطينية والقوى الوطنية والإسلامية «إلى استلام زمام المبادرة بقيادة الانتفاضة وتصعيدها في إطار استراتيجية توحد الفعل والجهد الوطني، وتوفر مقومات ومرتكزات استمراريتها، وإلى تشكيل لجان الحماية الشعبية للتصدي لإرهاب الاحتلال والمستوطنين». وأكد أهمية «عقد اجتماع وطني عاجل للتباحث في دلالات وتبعات هذا القرار على مدينة القدس وأهلها، وتبني برنامج عمل وعلى كل المستويات وفي المحافل الدولية للتصدي له، بما يساهم في تعزيز صمود أهلنا في القدس». واعتبر أن قرار ترامب «أطلق رصاصة الرحمة في شكل كامل ونهائي على ما يُسمى حل الدولتين وأوهام ما يُسمى عملية التسوية، ما يستوجب من القيادة الفلسطينية المتنفذة استخلاص العبر والدروس، وإعلان الانسحاب من اتفاق أوسلو والتزاماته الأمنية والسياسية والاقتصادية ووقف التنسيق الأمني، وسحب الاعتراف بالكيان الصهيوني، وتنفيذ قرارات المجلس المركزي المنعقد في آذار 2015». وشدد مزهر على أن الرد على القرار الأميركي «يفرض على الجميع التمسك بالشراكة الوطنية والمضي قدماً في إنجاز المصالحة»، مؤكداً أن «الجبهة ستواصل جهودها من أجل تشكيل أوسع اصطفاف وطني وشعبي كحاضنة شعبية لحماية المصالحة، ومواجهة أي محاولات لتعطيلها تزامناً مع نضالنا الميداني واشتباكنا المفتوح مع الاحتلال». كما شدد على أن «الشعبية ستستمر بمقاومتها بكل الأشكال الممكنة والمتاحة والمشروعة حتى طرد آخر جندي ومستوطن من أرضنا، وإقامة المجتمع الديموقراطي في دولة فلسطين وعاصمتها القدس على كامل التراب الوطني مهما طال الزمن أو قصر». ودعا مزهر الحكومة الفلسطينية الى «إنهاء إجراءاتها المفروضة على القطاع فوراً، وإعداد رؤية لحل الأزمات المستعصية». وطالب القيادي في حركة «الجهاد الإسلامي» خضر حبيب في كلمة باسم القوى الوطنية والإسلامية السلطة الفلسطينية «بوقف التنسيق الأمني مع العدو الصهيوني، وسحب الاعتراف بالكيان كي يبقى منبوذاً وغريباً في المنطقة». ووصف حبيب القرار الأميركي «بالباطل والمرفوض والمدان من كل قوى شعبنا». وقال حبيب إن «الكيان الغاصب سيبقى غريباً في هذه المنطقة، فلا شرعية لوجوده، والقدس باقية والمسجد الأقصى باق وكيان الاحتلال هو من سيزول، بأيدي شعبنا والأحرار من أمتنا العربية والإسلامية». وطالب حبيب الرئيس محمود عباس والسلطة بأن «تمضي قدماً في خيار المصالحة ورص صفوف أبناء شعبنا جميعاً». وأعلنت كتائب المقاومة الوطنية الذراع العسكرية للجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين حال الاستنفار القصوى في صفوف مقاتليها، مشددة على أن «كل الخيارات مفتوحة لديها»، وإنها على «جاهزية تامة للتصدي لأي عدوان على الشعب الفلسطينيوالقدس». وشدد الناطق الإعلامي لكتائب المقاومة الوطنية «أبو خالد» خلال مؤتمر صحافي عقده أمس في حديقة الجندي المجهول غرب مدينة غزة، على «خياري الانتفاضة والمقاومة بكل أشكالها بما فيها المقاومة المسلحة وصولاً إلى العصيان الوطني الشامل ضد الاحتلال وقطعان المستوطنين، في حرب شعبية مفتوحة مع الكيان الإسرائيلي». وطالب «أبو خالد» السلطة الفلسطينية «بوقف كل أشكال التنسيق الأمني مع الاحتلال، والتحرر من الارتهان لاتفاق أوسلو العبثي وسحب الاعتراف بإسرائيل»، وطي صفحة المفاوضات العقيمة والعبثية، وإطلاق العنان للمقاومة بكل أشكالها بما فيها المقاومة المسلحة في الضفة الفلسطينيةوالقدس». وأحرق مقاتلون من كتائب المقاومة الوطنية العلم الأميركي بعد المؤتمر. وحملت حركة «حماس» الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن تبعات العدوان على القطاع ونتائجه. وقال المتحدث باسم الحركة فوزي برهوم في تصريح صحافي أمس إن الاحتلال يتحمل «المسؤولية الكاملة عن تبعات هذا التصعيد الخطير ونتائجه، الذي لن يفت من عضد شعبنا وإرادته ومقاومته وانتفاضته المباركة لنصرة القدس والدفاع عنها وإفشال كل المخططات التي تستهدف حقوقه ومقدساته». واعتبر برهوم أن «استهداف العدو الصهيوني وقصفه المدنيين والمؤسسات ومواقع المقاومة في الضفة وغزة في شكل متعمد جريمة إضافية تضاف إلى جرائمه وانتهاكاته بحق شعبنا، وتجرؤ على الدم الفلسطيني نتيجة الغطاء والدعم الأميركي اللا محدود لهذه الجرائم والانتهاكات».