أكد الروائي والناشر الأردني الياس فركوح، أن الروائيَّ «يكتبُ ذاتَهُ كأنما هي شريحةٌ من العالم، ويكتبُ العالمَ كأنما هو طبقةٌ من طبقات الذات الكاتبة، وليست هناك من مسافةٍ تفصِلُ بين الاثنين، إذ هُما الناظرُ والموضوعُ معاً وفي آنٍ واحد». واضاف: «إذا كان العالمُ مَحَّلَ ريبةٍ وتساؤلٍ، وعدم تسليمٍ بوثوقيّة ما يكشفُ عنه، فإنَّ الذات الكاتبة أو المكتوبة ليست بمنجىً من هذا أيضاً، فالذاتُ تخضعُ للمساءلةِ ابتغاء معرفة حقيقتها تماماً مثلما العالمُ يقعُ في قلب هذه المُساءلة». جاء ذلك في أمسية نظمها نادي جدة الأدبي مساء الأحد الماضي، ضمن برنامج جماعة السرد لهذا العام. وقال الروائي عبده خال الذي أدار الأمسية: «إن إلياس يحضر بيننا الليلة، لينقل إلينا تجربته التي طالما انتظرناها، وهو غني عن التعريف لما يمتلكه من نضج في التجربة». وتحدث فركوح في ورقته «شعرية الرواية الحديثة الذاتُ مجروحةٌ والعالَمُ مفكك»، التي تضمنت شهادة عن تجربته، وقال: «ولِدَت الشِعريّةُ في الرواية العربيّة الحديثة لحظةَ ولوجها منطقةً خالَفَت فيها وعليها وجهةَ النظر القائلة بأنَّ الفارق الموضوعي بين الشعر والسرد (النثر عموماً) يكمنُ في أنَّ الشِعرَ بعمومه لا يخرجُ عن دائرة الذات الكاتبة له بكل انشغالاتها وتطلعاتها وأشواقها وسؤالها عن مكانتها في العالم. وهي بذلك إنما تكون مكتوبةٌ أيضاً، أي انها تكتبُ ذاتها، وبالتالي يُشكِّلُ نَصُّها شهادةً منها عليها». وتساءل: «هل أكتبُ سيرةَ الذات حين أكتبُ الروايةَ بحسبي؟ أم أكتبُ العالمَ بِبُعْدَيه وبتركيبٍ جديد في داخلي على هيئة أسئلةٍ برسم إجاباتٍ لا تُجيب؟ فيقول عَلّها أضغاثٌ وأشباه لكنني أكتبها لأكون». وتطرق صاحب دار أزمنة الى تجربته مع النشر فقال: «نسعى في دار أزمنة إلى التواصل مع الثقافات الأخرى عبر سلسلة حوار الثقافات، وترجمتها إلى العربية والعكس، ليتعرف القارئ العربي على أدق التفاصيل، ويستكشف أهم المحطات في حياة المبدعين في العالم، ونحاول أن نقدم تجربة مختلفة عبر عدد من المجموعات، التي نظن أن القارئ العربي اليوم في حاجة ماسة للتحاور مع الآخرين». وقرأ صاحب «أعمدة الغبار» بعضاً من قصصه. وشهدت الأمسية العديد من المداخلات لبعض الكتاب والمثقفين، منهم الشاعر هاشم الجحدلي الذي تحدث عن علاقته بتجربة فركوح «التي تمتزج بها لا نهائية الأحلام، ورحابة الواقع الدامي المرير».