يقول تقرير سري للاتحاد الأفريقي إن الحكومة الصومالية بقيادة شيخ شريف شيخ أحمد مليئة بالعيوب القاتلة، ومحتضرة، وليس لديها فرصة للنجاح أو القدرة على إلحاق الهزيمة بالمعارضة الإسلامية المسلحة التي أقسمت على إطاحتها. ويقول التقرير الداخلي الذي حصلت «الحياة» على نسخة منه إن شعبية الريئس أحمد ما زالت تنزف يوماً بعد يوم منذ انتخابه أوائل هذا العام رئيساً للصومال، وإن دعم عشيرته له لا يرقى إلى مستوى الخطر الذي يواجهه، على رغم استنجاده بها ودعوة شبابها إلى الانضمام إلى صفوف الجيش والدفاع عن حكومته. ويدّعي التقرير أن شريحة من الشعب الصومالي ما زالت من جانبها تعتبر حكومة أحمد «عميلة للأمم المتحدة والغرب»، قائلاً إن الشخصيات التي هيّأت الغرب والأممالمتحدة لقيادة الصومال ما زالت «تتحرك وفق خطوط مصالحها الشخصية، والقبلية الضيقة». وتأتي هذا المعلومات في وقت عقدت بعثة الاتحاد الأفريقي للصومال مؤتمراً طارئاً في العاصمة الكينية، نيروبي، مع مسؤولين من الأممالمتحدة، وسفراء الاتحاد الأفريقي المعتمدين لدى كينيا بحضور وزير الدفاع الصومالي محمد عبد غاندي بهدف البحث في الوضع الصومالي الحالي المزري. وكانت الحكومة الصومالية منذ تأسيسها تطلب معدات عسكرية حديثة من الدول الصديقة، وتأهيل جيشها المتهالك لتستطيع التصدي للمسلحين الإسلاميين الأقوى منها من ناحية التنظيم وخبرات القتال. أما قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي فكانت تحاول، من جانبها، تعديل تفويضها الضيّق ليسمح لها بشن هجوم على المعارضة الإسلامية، بدل الاكتفاء بحراسة المسؤولين الكبار، والميناء والمطار الدولي في مقديشو، والقصر الرئاسي، وتدريب القوات الصومالية. وأعلن الرئيس أحمد الخميس الماضي إيقاف كل المحادثات مع المعارضة الإسلامية المسلحة، قائلا إنها رفضت التحاور مع الحكومة، وأن قوات الحكومة ستحاربهم وتهزمهم. ويقول التقرير الأفريقي «إن الحكومة الانتقالية الصومالية ما زالت في حالة احتضار، وفي شكل كامل»، متهماً إياها بعدم القيام ب «اتصالات جدية مع (المعارضة). إنها تحاول استجلاب أرباب الحرب وجهاديين ضعفاء. وليس لدى أي طرف منهما نية حقيقية في الاستثمار في الحكم الحقيقي ولا في الحالة الأمنية». وأضاف: «إن لدى الحكومة الانتقالية الفيديرالية عيوباً قاتلة وليس لديها أي فرصة للنجاح. إنها تبقى مضيعة للوقت لأولئك الذين ليس لديهم خيارات أخرى». ويبرز التقرير الذي يغطي ملاحظات كاتبها عن الوضع العام في وسط وجنوب الصومال في شهر نيسان (أبريل) وبداية شهر أيار (مايو) الماضيين، الأخطاء التي ارتكبها المجتع الدولي تجاه الشعب الصومالي في محاولته لإيجاد حكومة لهذا البلد الغارق في الفوضى منذ عام 1991، عندما أطاح أمراء الحرب آخر حكومة مركزية له ثم بدأوا التناحر في ما بينهم. وكمثل التقارير الشهرية، ستتغير معلومات مثل هذه التقرير بتغير الأوضاع في داخل الصومال، غير أنه يوضح القلق العميق الذي يساور الاتحاد الأفريقي الذي نشر قواته في الصومال لحفط الأمن ومساعدة الحكومة الانتقالية في تأهيل قواتها. ولا شك أن الاتحاد الأفريقي الذي يساعد الحكومة عسكرياً وسياسياً يملك معلومات كثيرة عن الحكومة الصومالية مما يزيد من صدق معلومات هذا التقرير، إلا أن وزير الإعلام الصومالي فرحان علي محمود رفض في شدة أن تكون الحكومة على شفا انهيار قائلاً في اتصال هاتفي مع «الحياة» من مقديشو: «نحن أقوى بكثير مما كنا عليه قبل أشهر. فعدد جنودنا يتجاوز الآن خمسة آلاف فرد. وإننا في وضع هجومي، بينما الطرف الآخر في وضع دفاعي، إنهم في تقهقر بينما نحن نحقق إنجازات في الحانب العسكري وفي محادثاتنا مع المعارضة الراغبة بالسلام». لكنه أحجم عن التعليق على المعلومات الأخرى الواردة في التقرير. وتوصل التقرير إلى أن تركيز المجتمع الدولي على سياسة «فوق تحت» التي هي بناء القيادة قبل تهيئة الأرضية الصالحة لها من مؤسسات حكومية وغيرها، يعد الشعب الصومالي بمزيد من عدم الاستقرار. ويقول التقرير إن الإدارة الأميركية الجديدة «اختارت مواصلة سياسة (الرئيس السابق جورج) بوش التي هي «ديبلوماسية خذني إلى أمير حربك» كقطعة واحدة... وهذه السياسة التي تعكس إدارة بوش مرة ثانية ستؤدي إلى فشل السياسة الخارجية في السير على الدرب (الصحيح). إن عمر الحكومة الانتقالية هو 7 سنوات... وتبقى معيبة في شكل قاتل، وأي إسهام في هذه السياسة (خذني إلى أمير حربك) يعني فقط مزيدا من الفوضى للشعب الصومالي، ومزيدا من الوقت والمساحة للجهاديين ليعززوا ويوسعوا بها عملياتهم ومناطق نفوذهم». ويكشف التقرير المقتضب والمكون من خمس صفحات عن محاولة الرئيس أحمد الشهر الماضي كسب دعم قبيلته عسكرياً ومعنوياً، وذلك إبان الحرب الأخيرة في مقديشو، وبعد أن تلقى دعماً مالياً من دول غربية. وكانت مقديشو شهدت في التاسع من الشهر الماضي حرباً بين القوات الحكومية القليلة العدد والعدة وبين المعارضة الإسلامية المسلحة أدت إلى وفاة أكثر من 200 شخص ونزوح عشرات آلاف من الأسر من بيوتهم. وكادت المعارضة الإسلامية أن تطيح حكومة أحمد من العاصمة لولا دعم قوات السلام التابعة للاتحاد الأفريقي المنتشرة في مقديشو. ويقول التقرير إن ما قدّر ب20 ألفاً من ميليشيات قبيلة أبغال استجاب نداء أحمد. ولكن مراقبين محليين أكدوا لكاتب التقرير، الذي لم يكشف عن اسمه، أن جل هؤلاء يبحثون عن المال والأسلحة والعتاد العسكري. «وأنه لا يخوض أكثر من 100 فرد منهم في حرب حقيقية، مما يبرز الفرق الشاسع بين الجهاديين الذين يحاربون من أجل هدف وبين ميليشيات الحكومة الانتقالية التي تحارب من أجل المال، ولا تؤمن بالحكومة وشخصياتها أو فكرة الحكم». ولم يوضح كاتب التقرير طريقة جمعه لهذه المعلومات، ولا الطريقة التي اعتمدها، إلا أنه يؤكد أنه التقى بعضاً من القادة الإسلاميين في العاصمة، مقديشو، في أثناء إعداد التقرير. ووفق التقرير، فإن عدد قوات الجيش والشرطة لدى الحكومة الصومالية لا يتعدى 1000 إلى 1500 فرد، وجميعهم من ميليشيات موالية لأمراء حرب وشخصيات متشددة في الحكومة من دون ذكر أسماء هؤلاء الشخصيات. وفي المقابل، يقول التقرير إن أي دعم علني للحكومة من قبل الغرب والأممالمتحدة يزيد من شعبية الإسلاميين، وإن قرابة 100 إلى 200 أجنبي من باكستان وماليزيا ونيجيريا دخلوا الصومال في نيسان (أبريل) الماضي. وعلى رغم زيادة عدد الأجانب في صفوف الإسلاميين إلا أن التقرير يستبعد أن يكون لدى المعارضة قدرة، في الوقت الحاضر، على اطاحة الحكومة الانتقالية طالما بقيت قوات الاتحاد الأفريقي في الصومال. ويقول التقرير إن الإسلاميين يحتاجون إلى ستة أشهر من التخطيط وتخزين الذخائر ليشكلوا خطراً حقيقياً على الحكومة، هذا إذا لم تنسحب القوات الأفريقية المنتشرة قي العاصمة. ويشير التقرير إلى أن استراتيجية دفع آلاف من المسلحين الإسلاميين من أنحاء الصومال إلي العاصمة الشهر الماضي لخلع الحكومة في مقديشو كانت غير صائبة. إلا أنه يؤكد أن قتال الشهر الماضي سيعطي الإسلاميين دعاية تساعدهم في تعبئة الدعم الأجنبي، والخبرة العسكرية المطلوبة في المواجهات القادمة. ومن الملاحظات الأخرى التي تضمنها التقرير ما يأتي: - كل رؤساء الوحدات العسكرية التابعة لقوات الجماعات الإسلامية هم من الأجانب، وأن عدد الإسلاميين الصوماليين بجوازات سفر أجنبية يقدر ما بين 300 إلى 400. - ارتفاع فرص تكوين تحالف موحد بين الإسلاميين بنسبة 5 في المئة من 35 في المئة، وذلك بسبب الدعم العلني للحكومة من الدول الغربية ومن الأممالمتحدة، وزيادة مدة تواجد قوات حفظ السلام الأفريقية. - أي تماد في سياسة «فوق تحت»، والتي سماها التقرير ب «الغريبة»، يعني إبعاد الطبقة المثقفة والتي كان من المفترض أن يرعاها الغرب لكونها اللبنة الأساسية في أي حكم فعال في البلاد. - تسبب الاحتلال الإثيوبي للصومال بين عامي 2007 و 2009 في نزوح 10000 أسرة متعلمة من المجتمع الصومالي، ما يعني فقدان البنية الأساسية التي كان من المفترض أن تدير مؤسسات البلد. و أن عدد المتعلمين النازحين من البلاد ازداد حتى بعد خروج القوات الاثيوبية من دون ذكر سبب ذلك. - فكرة إجراء تجارب الحلول في الصومال تؤثر سلباً في المدى البعيد في محاولات بناء نظام حكم وأجهزة أمن ناجحين، بالإضافة إلي تأثيرها السلبي في استقرار البلد وتعافيه من قرابة عقدين من التناحر والفوضى. - تبقى الحكومة جماعة لا ترغب في أن تتقسام مع الطرف الآخر القيادة والثروات والمسؤوليات كما «انه ليس لديها شرعية، ويعتبرها الشعب في شكل قوي على أنها عميلة للأمم المتحدة وللغرب». - لا يجد الدعم المالي الذي تقدمه الدول الغربيةوالأممالمتحدة للحكومة الصومالية طريقه إلى المؤسسات الحكومية وبرامجها. - جل عائدات ميناء مقديشو تنتهي في جيب تاجر من قبيلة أبجال أبرمت الحكومة معه صفقة لإدارة الميناء. لكن بعض هذه العائدات يذهب إلى قيادة الحكومة أيضاً. - تذهب عائدات الحواجز المقامة في بعض شوارع العاصمة إلى أشخاص موالين للحكومة الانتقالية. وعلى رغم دفع الرئيس رواتب ميليشياته الشخصية، إلا أن المنح المقدمة من الدول الخارجية لا تستهلك في المؤسسات الحكومية ولا في برامجها. وفي جنيف (أ ف ب)، اعتبرت المفوضية العليا للاجئين للأمم المتحدة أمس الثلثاء «غير مقبول» مصير المدنيين في العاصمة الصومالية التي تشهد معارك ضارية بين القوات الحكومية والميليشيات الاسلامية. وأعلن الناطق باسم المنظمة وليام سبيندر أن «أطراف النزاع تتقاتل من دون الأخذ في الاعتبار أمن المدنيين في انتهاك واضح لمبادئ القانون الدولي الانساني وحقوق الانسان». وقال في لقاء مع الصحافيين ان «الطريقة التي يعامل بها المدنيون في هذا النزاع غير مقبولة»، مندداً بالخصوص بالعنف الجنسي الذي تتعرض له النساء حتى في ملاجئ العاصمة. وفي واشنطن (رويترز)، قال جوني كارسون مساعد وزيرة الخارجية الأميركية للشؤون الافريقية الاثنين إن اريتريا تلعب دوراً ضاراً في جارتها الصومال ويجب عليها ان تكف عن هذه الأفعال إن كانت تريد تحسين علاقاتها مع واشنطن. وأشار كارسون بأصبع الاتهام إلى اريتريا في اذكاء العداوات في الصومال. وقال كارسون في مقابلة مع «رويترز»: «الدور الذي لعبته اريتريا في الآونة الأخيرة لم يكن مفيدا في تسهيل العودة الى الاستقرار السياسي والاحوال الطبيعية هناك (الصومال)». واتهم اريتريا «بالمساعدة والتحريض» على انتقال الاسلحة الى الصومال ودعم جماعة «الشباب» الاسلامية المتشددة وزعمائها. واتهمت حكومة الصومال اريتريا ايضا بمساندة المتشددين الإسلاميين ببنادق هجومية وقذائف صاروخية وأسلحة اخرى. لكن الرئيس الاريتري أساياس أفورقي نفى هذه الاتهامات قائلاً إن عملاء أميركا ينشرون الاكاذيب.