رئاسة الوزارة هي المعركة المقبلة في لبنان. قائمة المرشحين الى تولي هذا المنصب تضم ثلاث شخصيات محتملة: سعد الحريري زعيم تيار «المستقبل»، ونجيب ميقاتي رئيس الوزراء السابق، والوزير محمد الصفدي. المعركة ليست حكرا على جماعة «14 أذار»، حتى المعارضة لها مصلحة في توجيه الاختيار، وبعض أطرافها أصبح يردد ان الحريري هو الأوفر حظا لتولي المنصب. واذا تم ذلك فإن لسان حال «8 اذار» هو لم نأمر بها ولم تسؤنا، أبشروا، دخل سعد البازار، صار مثل غيره. لا جدال في ان الحريري الابن تعلم الكثير خلال السنوات الاربع، واصبح اكثر قدرة على التعبير عن نفسه، وسياسة حزبه. وأظهر قدرا كبيرا من الصبر والحلم. لكنه يتعجل الحصول على لقب «دولة الرئيس». وهو، كما كان والده، يعتقد بأن زعامة تيار «المستقبل» لا تكتمل الا بالحصول على اللقب. مع انه كان في إمكان الحريري الاب ان يصبح صانع الرؤساء، وزعيم «المستقبل» والسنّة في آن، ولم يفعل. واستبدل الذي هو أدنى بالذي هو أهم وأبقى. كانت هذه نصيحة الملك فهد بن عبدالعزيز، رحمه الله، له بل ان الملك الراحل كرر عليه النصيحة ذاتها، بعد نهاية ولايته الاولى. لكنه ظل تواقاً الى مقعد «دولة الرئيس»، ولم يدرك الفرق الذي قصده فهد بن عبدالعزيز. كان الملك الراحل يقول له: لا تفرط بالمكانة الدائمة من أجل المكان المتغير. ربما لا يذكر سعد الحريري هذه القضية. واذا كان لا يذكر، عليه ان يتأمل موقع السيد حسن نصرالله. السيد كان في البداية يطرح نفسه باعتباره زعيم طائفة، لكن لمعان الاعلام والسياسة، نقله من زعيم طائفة الى رئيس حزب. ويوم اول من امس، لم تكمل القنوات الفضائية نقل خطابه، لأنه اصبح يتحدث في تفاصيل، وتغريه مناكفات السياسيين، رغم ان خطبه في السابق كانت تنقل حتى الكلمة الأخيرة، لأنها نادرة واستراتيجية وتعبر عن طائفة، وليس حزب. المعارضة اللبنانية تتمنى ان تنتصر رغبة سعد الحريري على حكمته، ويتولى رئاسة الوزارة، فيضعه الاعلام في قبضة النقد والتشهير ويستفزه صباح مساء، وتجبره الصحافة على كثرة الاحاديث والتصريحات، والخوض في التفاصيل. وخلال فترة وجيزة ستغيب هيبة المكانة التي شرع الحريري الابن في تكوينها خلال السنوات الاربع الماضية، وعندها سيصبح رجلاً دخل السرايا مثل غيره، وستنطبق عليه العبارة المكتوب' على مدخل السرايا «لو دامت لغيرك ما وصلت لك». غدا نكمل الحديث.