بدا أن مصر في طريقها إلى محو الرئيس المخلوع حسني مبارك من ذاكرتها، إذ أمر القضاء أمس بإزالة اسم مبارك وزوجته سوزان من آلاف الشوارع والميادين والمنشآت العامة التي تحمل اسميهما، مشدداً على ضرورة «إبعاد كل رموز الفساد وأسمائها من الميادين والمنشآت العامة المصرية، لتحل محلها أسماء الشهداء الذين سقطوا في الثورة». وسارعت الحكومة إلى تأكيد تنفيذها للحكم القضائي الذي جاء في وقت بدأ النائب العام في اتخاذ خطوات علمية لنقل مبارك من مستشفى شرم الشيخ حيث يخضع للعلاج إلى مستشفى سجن طرة، فيما استدعى جهاز الكسب غير المشروع زوجتي نجلي الرئيس المخلوع هايدي راسخ وخديجة الجمال، للتحقيق معهما الثلثاء في اتهامات تتعلق ب «الفساد وتضخم الثروة». واتخذ النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود أمس خطوة تشي بقرب انضمام مبارك إلى نجليه وكبار المسؤولين في حكومته المحبوسين على ذمة قضايا فساد في سجن مزرعة طرة (جنوبالقاهرة)، إذ قرر ندب كبير الأطباء في مصلحة الطب الشرعي لمعاينة مستشفى السجن، وتحديد مدى صلاحيته لنقل الرئيس المخلوع إليه لقضاء فترة الحبس الاحتياطي على ذمة اتهامات قتل المتظاهرين والفساد التي يواجهها. وتضمن القرار «قيام كبير الأطباء الشرعيين بوضع تقرير طبي شامل في ضوء حالة مبارك الصحية ووضع مستشفى سجن طرة وإمكانية استكمال أي تجهيزات لهذا المستشفى في حال كان غير مجهز بها، ليكون على قدر من الصلاحية تتوافر فيه الرعاية الصحية المطلوبة لنزول الرئيس السابق به لتنفيذ أمر الحبس الاحتياطي عليه». وطلب النائب العام من كبير الأطباء الشرعيين الانتقال إلى مستشفى شرم الشيخ الدولي حيث يرقد مبارك، لتوقيع الكشف الطبي عليه لبيان حالته الصحية ومدى إمكان نقله إلى السجن أو إلى مستشفاه لتنفيذ أمر الحبس وفقاً لحالته. وقال الناطق باسم النيابة العامة المستشار عادل السعيد في بيان إن القرار «يأتي في ضوء عدم نقل مبارك من مستشفى شرم الشيخ حتى الآن إلى أحد المستشفيات العسكرية أو مستشفى السجن لتنفيذ قرار الحبس الصادر ضده وعدم ورود أية بيانات للنيابة العامة عن حالته الصحية». وكان كبير الأطباء الشرعيين رئيس مصلحة الطب الشرعي الدكتور السباعي أحمد السباعي أكد أول من أمس أن مبارك «يعاني من ارتجاج أذيني بالقلب، وما زال يعالج منه حتى الآن»، مشيراً إلى أن «نقل مبارك إلى مستشفى آخر خارج شرم الشيخ يستلزم توفير طائرة مجهزة طبياً أو سيارة إسعاف مجهزة للتعامل مع حالته». في غضون ذلك، ألزمت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة رئيس الوزراء عصام شرف برفع اسم مبارك وزوجته سوزان من كل الميادين والمنشآت العامة التي تحمل اسميهما. واستند الحكم إلى أن «ثورة 25 يناير الماضي، بما فرضته من شرعية ثورية تنادي بمحاسبة رموز الفساد ومن أجرموا بحق الوطن والمصريين، تقتضي إبعاد كل رموز الفساد وأسمائها من الميادين والمنشآت العامة، لتحل محلها أسماء الشهداء الذين سقطوا في الثورة». وأضافت المحكمة أن «الشعب تبينت له رحلة فساد الرئيس السابق التي بدأت من المنصة (في إشارة إلى حادث المنصة الذي اغتيل فيه الرئيس الراحل أنور السادات) وانتهت في ميدان التحرير، واتضح أن الفساد الذي يتم الكشف عنه كل صباح صار يفوق الخيال وطاول أرفع المناصب السياسية التي كانت تتقلدها مجموعة من الفاسدين بمساندة مبارك ونجله جمال». في غضون ذلك، حدد جهاز الكسب غير المشروع التابع لوزارة العدل الثلثاء المقبل موعداً لاستدعاء زوجتي نجلي الرئيس المخلوع هايدي راسخ (زوجة علاء مبارك)، وخديجة الجمال (زوجة جمال مبارك) للاستماع إلى أقوالهما في شأن ما توصلت إليه تقارير الجهات الرقابية عن ثروة آل مبارك. إلى ذلك، أمر المستشار محمود السبروت رئيس هيئة التحقيق في الاعتداءات التي جرت ضد المتظاهرين في ميدان التحرير في 2 شباط (فبراير) الماضي والتي عرفت إعلامياً ب «موقعة الجمل»، بحبس رئيس اتحاد العمال الرسمي حسين مجاور والنائب السابق إيهاب العمدة، 15 يوماً على ذمة التحقيق معهما في اتهامهما بالضلوع في تلك الاعتداءات. ونسب السبروت إلى مجاور والعمدة تهمة التحريض على قتل وإصابة المتظاهرين السلميين والعزل في ميدان التحرير، من خلال الاتفاق والمساعدة على قتل والشروع في قتل عدد من المتظاهرين، وتنظيم وإدارة جماعات من البلطجية للاعتداء على المتظاهرين وقتلهم والاعتداء على حريتهم الشخصية والإضرار بالأمن والسلم العام. ونفى المتهمان هذا، مؤكدين أن أقوال الشهود ضدهما «لا تستند إلى أدلة ملموسة ولا يوجد أدنى ظل لها من الحقيقة».