ناقش «الملتقى الأول لآثار المملكة العربية السعودية» الذي نظمته الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في مركز الملك عبدالعزيز التاريخي في مدينة الرياض أخيراً؛ أوراقاً علمية تغطي الفترات من ما قبل التاريخ حتى نهاية القرن الرابع عشر الهجري، بمشاركة باحثين من المملكة وخارجها. الملتقى أنجز معرض «طرق التجارة في الجزيرة العربية- روائع آثار المملكة العربية السعودية»، الذي استضافته الولاياتالمتحدة الأميركية وروسيا ودول عدة في أوروبا وآسيا، وهو يعرف بحضارة المملكة الممتدة من بدايات التاريخ البشري، ويعد حلقة في دعم الدولة العناية بالتراث الحضاري الوطني، إيماناً منها بأنّه خير وسيلة للتعارف بين الشعوب، وتبادل المعرفة مع حضارات الأمم وثقافاتها وتجاربها وتطلعاتها. في هذا الصدد، يشار إلى مبادرة العناية بالتراث الحضاري في المملكة التي وجهت الهيئة بتنفيذها، وأقرتها الدولة ودعمت مشاريعها ضمن برنامج التحول الوطني، ورؤية المملكة 2030، بهدف إحداث نقلة نوعية شاملة في المحافظة على التراث الحضاري الوطني واستكشافه، وتحويله إلى جزء أساس من المكاسب الوطنية والاقتصادية. وتطلع الملتقى للمزيد من التطور ليكون تراث المملكة وسيلة للتربية والتوعية، ومصدراً للعلم والمعرفة، ومصدر اعتزاز لأبناء الوطن، وشاهداً على مكانة البلاد الحضارية والتاريخية بين الأمم. الأمير سلطان بن سلمان، رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، أكد في كلمته، أن ملتقى آثار المملكة العربية السعودية (الأول)، جاء تحت مظلة مبادرة وطنية تُعنى بالمحافظة على التراث الحضاري. وأضاف: «بدأت مرحلة جديدة للاهتمام بالآثار والعناية بها كمولد لمورد ثقافي واقتصادي يعزز من مكانة هذه البلاد مهبط الوحي والرسالة السماوية وملتقى الحضارات، حيث تبنت الهيئة مشروعاً تطويرياً متكاملاً بهدف إحداث نقلة نوعية في العناية بآثار المملكة بما تشكله من أهمية في التاريخ البشري، ووضعها ضمن سياقات التراث الوطني الذي يشمل الآثار والمتاحف والتراث العمراني والحرف اليدوية رغبةً في بناء مستقبل واعد ومستدام». وأوضح أن الهيئة بذلت مع شركائها جهوداً أثمرت تنفيذ مشاريع كثيرة لتأهيل المواقع الأثرية وتوثيقها في سجل الآثار الذي استحدثته الهيئة، وتهيئتها للزوار، وإنشاء منظومة من المتاحف المتخصصة وتعزيز محتوياتها بحملة لاستعادة الآثار الوطنية، وتأهيل قصور الدولة السعودية، كما نجحت في تسجيل أربعة مواقع في قائمة التراث العالمي، بالتعاون مع إمارات المناطق، والأمانات، ومندوبية المملكة في ال «يونيسكو»، وتسعى إلى استكمال ملفات الترشيح ل11 موقعاً إضافياً. وتوجت هذه الجهود باعتماد مبادرة برنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري للمملكة الذي يشمل 230 مشروعاً. المبادرات التي عملت عليها الهيئة مع شركائها، شملت تنظيم أعمال الاستكشاف الأثري، والتوسع في التعاون مع مراكز البحوث العالمية ببعثات مشتركة مع علماء الآثار السعوديين في أعمال الاستكشافات والبحث الميداني الأثري، حتى بلغ عدد البعثات العاملة حالياً 34 بعثة من 11 دولة. وتعمل الهيئة على تكريم الرواد من المستكشفين والآثاريين الذين أسهَموا في اكتشاف وتوثيق ودراسة التاريخ الحضاري للمملكة تقديراً لجهودهم في خدمة آثار الجزيرة العربية والمحافظة عليها كامتداد لتعاقب الحضارات. من أهم نتائج الملتقى ما كشف عنه عدد من الباحثين في علم الآثار، من أنه سيدفع المهتمين للالتفات إلى كنوز المملكة الأثرية والتي ستميزها بين دول العالم. كما أن الملتقى سيساهم في إبراز تاريخ السعودية ودورها في الحضارة الإنسانية، بما أن الجزيرة العربية عموماً هي مهد الإنسان الأول، وتؤكد ذلك نقوش في مناطق عدة. الملتقى شهد تدشين مشاريع وإصدارات، منها المدونة الرقمية للنقوش والرسوم الصخرية، وكتب أبحاث الفاو، وكتب أبحاث الربذة، والإصدارات الجديدة من الرسائل العلمية والكتب المحكمة (33 كتاباً)، والأعداد الأربعة الأخيرة من حولية الآثار السعودية (أطلال) للأعداد (24، 25، 26، 27)، إضافة إلى كتاب مقدمة في آثار المملكة، وكتاب البعد الحضاري، وسجل الآثار وسجل القطع الأثرية، والقائمة الحمراء للآثار، وصندوق الآثار والمتاحف والتراث العمراني. كذلك يشهد إقامة عدد من المعارض للصور التاريخية، ورواد العمل الأثري، والكتب المتخصصة في مجال الآثار، والآثار المستعادة، والمكتشفات الأثرية، وصور عن جولة معرض روائع آثار المملكة، فضلاً عن عرض عدد من الأفلام المتنوعة والمطبوعات عن التراث الوطني. وأوصى الملتقى باستمرار معارض عدة صاحبت انعقاده، لخمسين يوماً، في مقدمها معرض «روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور» الذي زار حتى الآن 11 متحفاً عالمياً في أوروبا والولاياتالمتحدة والصين وكوريا، ويحوي 466 قطعة أثرية نادرة تعرّف بالبعد الحضاري للمملكة وإرثها الثقافي، وما شهدته أرضها من تداول حضاري عبر الحقب التاريخية المختلفة، ومعرض الآثار المستعادة، ومعرض المكتشفات الأثرية الحديثة بالمملكة، ومعرض عناية واهتمام ملوك المملكة بالآثار والتراث الوطني «بالمشاركة مع دارة الملك عبدالعزيز»، ومعرض مصور عن مشروع ترميم محطة سكة حديد الحجاز بالمدينة المنورة بالمشاركة مع مؤسسة التراث الخيرية، ومعرض هيئة المساحة الجيولوجية، ومعرض الطوابع التذكارية، ومعرض الصور التاريخية، ومعرض رواد العمل الأثري، ومعرض الكتب المتخصصة في مجال الآثار، ومعرض الحرف والصناعات اليدوية، معرض الفنون التشكيلية.