كانت مدينة طرابلس (لبنان) وإلى عهد قريب موطناً للأدباء والشعراء وللعلم والعلماء على مختلف تخصصاتهم، فأنار مدادهم سماء العروبة والعلوم والآداب. ومن بين تلك الأقمار الكثيرة الشاعر عبدالحميد الرافعي الفاروقي الطرابلسي. والحديث عنه، يقودنا تلقائياً إلى الحديث عن أسرة الرافعيين، إحدى الأسر الطرابلسية الحاملة لواء العلم فيها منذ قرون. ويعود نسب هذه الأسرة إلى القبائل العربية العمرية التي خرجت من وسط الجزيرة العربية مع الفاتحين المسلمين إلى بلاد الشام، ومصر والمغرب وانتشرت بعدها في البلاد. وتميزت هذه الأسرة عن غيرها من الأسر الطرابلسية العريقة في انتشارها، وكثرة علمائها من فقهاء وأدباء وشعراء، وفي كونهم متخصصين بالقضاء على المذهب الحنفي. فكان منهم قضاة في اليمن، والعراق، وبلاد الشام، ومصر التي اجتمع فيها منهم في وقت واحد أربعون قاضياً في المحاكم المختلفة، بل كاد القضاء في مصر يكون حكراً عليهم. وهو ما ذكره اللورد كرومر (1841– 1917) في تقاريره إلى الخارجية البريطانية. ومن علماء هذه الأسرة نذكر: - العالم الشيخ عبدالقادر بن مصطفى الرافعي (1248– 1323/ 1832– 1905). شيخ الحنفية في مصر، ومفتي الديار المصرية خلفاً للإمام محمد عبده. وقد ولد في طرابلس وتوفي في القاهرة. - العالم والشاعر الأديب الشيخ عبدالغني الرافعي الفاروقي (1231– 1308/ 1816– 1891). ولد في طرابلس، وولي إفتاءها، ثم ولي قضاء تعز وصفاء في اليمن. توفي في مكةالمكرمة معتكفاً متصوفاً. - الأديب الكبير مصطفى صادق الرافعي (1298– 1356/ 1880– 1937)، من كبار الأدباء والشعراء والمؤرخين في العصر الحديث. مولده ونشأته ولد الشاعر تقي الدين عبدالحميد بن عبدالغني بن أحمد الرافعي الفاروقي في طرابلس في 5 شعبان سنة 1275ه/ 10 آذار (مارس) سنة 1859م، في بيت الأسرة المجاور للمسجد المنصوري الكبير. وتربي في كنف والده فخر طرابلس العالم الشيخ عبدالغني الرافعي مع إخوته الأحد عشر ولداً وبنتاً واحدة. تلقى علومه الأولى في أصول الكتابة والعربية وحفظ القرآن الكريم مع إخوته على يدي والده. ثم انتقل بعدها إلى المدرسة الرشيدية الإعدادية وحاز شهادتها. والتحق بعدها بالمدرسة الوطنية التي أنشأها الشيخ حسين الجسر في طرابلس عام 1297ه/ 1880م. وعندما أقفل الشيخ الجسر مدرسته، وأسندت إليه بعدها إدارة المدرسة السلطانية في بيروت، تبعه عبدالحميد مع ثلة من طلابة. في عام 1330ه/ 1883م عاد الشيخ الجسر إلى طرابلس، وافتتح فيها المدرسة الرجبية في حي الحدادين، فتابع عبدالحميد تلقي العلوم العالية في الفلسفة وعلم الكلام والفقه والحديث والتفسير وعلوم العربية على يديه، إلى جانب عدد كبير من الطلاب غدوا في ما بعد رجال إصلاح وتنوير، منهم: المفكر المؤرخ روحي ياسين الخالدي، والشيخ عبدالكريم عويضة، والشيخ عبدالقادر المغربي، والشيخ عبدالمجيد المغربي، والشيخ محمد رشيد رضا. السفر إلى مصر سافر شاعرنا إلى مصر والتحق بأزهرها بناء على نصيحة أستاذه الشيخ الجسر وتحقيقاً لرغبة والده. أقام في مصر خمس سنوات، تلقى خلالها العلوم على كبار علماء الأزهر الشريف ورجالاته. ولقد التقى خلال وجوده في القاهرة مجموعة من شعراء الكنانة، كان منهم أميرهم أحمد شوقي الذي مدحه عبدالحميد في مناسبة تكريمه بقصيدة منها: وإِنْ ذَكرْتُ أميرَ الشِّعْر شاعِرَهُم كبَّرتُ تكْبيرَ إعْجابٍ وإجْلالِ ذاكَ الذي سَحَرَ الألبَابَ أجْمَعَها بَيانُهُ وسَبَتْ آيَاتُهُ التّالي تخْتالُ مِصْرَ على الدُّنْيا وحَقٌ لها عَجَباً بِياقُوتِ شعْرٍ مِنْهُ سَيَّالِ سافر بعدها شاعرنا إلى الآستانة حيث انتظم في مدرسة الحقوق، وتقرب في الوقت ذاته من شيخ الإسلام حينها أبي الهدى الصيادي الذي كان له نفوذ كبير في أيام السلطان عبدالحميد الثاني. وهناك التقى فيصل الأول بن الشريف حسين الذي كان زميلاً له في الدراسة. في الوقت الذي كان يحرر مقالاً أسبوعياً في جريدة «الاعتدال» العربية التي كانت تصدر في الآستانة، بالتناوب مع الكاتب الشهير المرحوم حسن حسني باشا الطوبراني، ليعود بعدما أنهى دراسته إلى طرابلس حيث عين فيها مستنطقاً. ثم نقل إلى بنغازي في ليبيا، فرفض الذهاب إليها وعاد إلى الآستانة، وقدم امتحاناً عين على أثره قائمقاماً لقضاء الناصرة في فلسطين. وتنقل بعدها في الوظائف الإدارية الكبرى لمدة عشرين سنة، حاز خلالها الرتبة الثانية، ورتبة البكوية. مأساة المنفى إثر الحرب العالمية الأولى، سادت الفوضى منظومة الباب العالي، وسيطر الكماليون على مقاليد الأمور، وازداد ظلمهم وعسفهم للمواطنين غير الأتراك، فكان أن أقيل تقي الدين عبدالحميد من منصبه في سنة 1332ه/ 1914م. فشعر بطعنة في الظهر. وبدأت مرحلة جديدة من شعره الذي كانت تتهافت عليه الصحف الوطنية حينها، وتردده الألسن، فلقبوه ب «بلبل سورية»، فتغاضت عنه السلطات العثمانية في بداية الأمر بسبب مركزه السابق، ولقربه من كثير من رجالات الباب العالي. وتابع عبدالحميد بك نشر مقالاته وشعره، والدعوة من دون هوادة إلى استنهاض الهمم، والوقوف في وجه الظلم. فكان لا يترك فرصة للغمز واللمز والتنديد بظلم الأتراك وعسفهم، وحركة التتريك حتى في قصائده الغزلية. ومن ذلك قوله: دَعْ هَوَى سَلمى وأقْصِر عنْ سُعادْ ليْس في الغَادَاتِ مَنْ ترْعَى الوِدَادْ دعْكَ مِنْ ذُلِّ الهَوَى وانْهَضْ بِنَا نَطْلبِ العِزَّ على مَتْنِ الجِيَاد ولقد وجدت السلطات العثمانية في فرار ابنه من الجندية الفرصة التي كانت تنتظرها لاعتقاله، ونفيه في بادئ الأمر إلى المدينةالمنورة، حيث اقتادوه إليها والأغلال في يديه ورجليه كأي مجرم. فقال واصفاً: نُفِيتُ لِطَيْبة الغَرّا ومَا بي سِوَى أنِّي أساقُ لهَا سَجِينا وفي سَاقِي مِنَ الأغْلالِ قيْدٌ ثقِيلٌ مِن قُيودِ المُجْرِمينا وَمَا لِي قط مِنْ ذَنْبٍ ولكِنْ أبَى الحُكّامُ إلا أنْ يَظلِمونا ثم نُقل بعدها إلى قرق كليسا على مقربة من بلغاريا حيث شعر بغربة أليمة حطت أثقالها على روحه، كونه لا يشم فيها رائحة تراب العروبة. بل كان فيها وسط الحاقدين على العرب، الذين لا يوفرون فرصة لتقريعهم وإهانتهم. فيصف ذلك: رَمَتْني عَوَادِي الدَّهْرِ لا دَرَّ دَرُّها بِقَرْق كَليسَا وهي فِي آخِرِ المُلك بَعِيداً عَنِ الأوْطانِ والأهْلِ لا أرَى شَفِيقاً إِليْهِ تضْحَكُ النّفْسُ أوْ تبْكِي إذا صَاحَ فيها الدِّيكُ أنْكرْتُ صَوْتهُ فَأحْسَبُ هِنْدِياً يُؤَذِّنُ بالتُرْكِي بعد قرابة خمسة عشر شهراً، عاد عبدالحميد بك من منفاه إلى مدينته، فوجد في استقباله جموعاً غفيرة من الأهالي والأصدقاء والمحبين. ولاحظ تغيراً كبيراً لدى الناس في مزاجهم ومشاعرهم تجاه الأتراك بسبب الاضطهاد الذي تعرضوا له، والمصادرات في أملاكهم، والأحكام الجائرة بالسجن والنفي من قبل الوالي جمال باشا الذي علق المشانق في بيروت ودمشق. ووجد أن المجتمع كان في حالة غليان وفقر مدقع، ومجاعة تنخر بطون الأهالي، فأخذ يلقي الخطب، والقصائد الحماسية، ويكتب المقالات التي تستنكر ظلم الأتراك وولاتهم، واضطهادهم العرب، متغنياً بالعروبة وأمجادها، وداعياً أبناء العروبة إلى القيام من نومهم وسباتهم. ومن ذلك: ولا حَطّ مِنْ أقْدَارِنَا النّفْيُ إنَّمَا هُوَ الدُّرُّ المَنْظومُ كَدُرٍّ مُنثر وَمَا نَحْنُ فِي تِلك النَّوَائِبِ كُلمَا ذَكَتْ نَارُها إلا كعُودٍ بِمِجْمَر فإنّا أناسٌ لا نُذلُّ لِمُعْتَدٍ وَلوْ سُدَّ عنَّا كُلُّ وِرْدٍ ومَصْدَر شعره كان عبدالحميد الرافعي شاعراً متميزاً، أسلوباً وكلمة وتفعيلة، فكانت كلماته من الصدق والدقة بمكان. حساساً إلى أبعد الحدود، له عفريت غاضب على الظلم، وأوضاع الأمة وتخلفها. وينتمي إلى طبقة الكبار من أمثال شوقي، وحافظ، والبارودي، وخليل مطران، وغيرهم. بل تخطى في بعض قصائده كل أقرانه وبزَّهم. ولن نجد أفضل من عبارات صديقه الشيخ المصلح محمد رشيد رضا التي يتحدث فيها عن نبوغه وتميزه فيقول: «ولو نشأ عبدالحميد في مصر لفاق في جميع مناحي الشعر، جميع شعراء العصر، فبزّ البارودي في الاجتماعيات وخليلاً في المدنيات، ورافعي مصر في الخياليات»، ومع ذلك لم يعط المقدار الكافي من الدراسات الجامعية والأكاديمية كأقرانه، لكي يتم إظهار مكنونات شعره كما يجب، ووضعها في إطارها كغيره من الشعراء الذين تم الاهتمام بهم وبشعرهم. مؤلفاته ترك لنا عبدالحميد خمسة دواوين مطبوعة، مع العلم أن له شعراً كثيراً ما زال إلى يومنا هذا طي الورق والكراريس، بانتظار أن يطبع يوماً ويرى النور. ودواوينه هي: - الأفْلاذ الزُّبُرْجُدية في مدح العِتْرة المُحمدية؛ - مدائح البيت الصَّيادي؛ - المدائح الرِّفاعية؛ - المنهل الأصفى في خواطر المنفى؛ - ديوان حوى بعضاً من أشعاره ونشره ابنه عام 1974 في بغداد. بعض ملامح شعره نظم عبدالحميد بك الرافعي الشعر فتى، ومن قبل أن ينهي العقد الثاني من عمره. فكان شعره فصيح الألفاظ، جيد التراكيب، عابراً للحدود، يداعب الأحاسيس، وإلى الأصالة ينتمي. وهذان بيتان من نظمه لو لم نذكر أنهما له لظن القارئ أنهما ينتميان لواحد من كبار الشعراء العباسيين. صِرْفُ رَاحٍ مَا مَسَّهَا كَفُّ عَاصي نَسَحَ الدُّرُّ فَوْقهَا كالدَّلّاص صَرْخد في النفُوس تَسْرِي فتَحْكي سَرَيَان الأرْوَاح في الأشْخَاص وقد كان يُفرغ من خلال شعره، وخصوصاً الرثائي منه شحنات من المشاعر الفياضة التي تسري إلى القارئ وتتغلغل في تكاوينه، فتحدث لديه الأحاسيس نفسها، والانفعالات التي لدى الشاعر نفسه، إن لم يكن أكثر منها أحياناً. ومن ذلك هذه الأبيات في رثائه زوجته أم أولاده: أأمّ زكِي فقْدُكِ فِي فؤَادي لهُ مَا عِشْتُ وَقدٌ واشْتِعالُ لوْ أنَّ المَوْتَ يَقْبلُ مِنْ فِدَاءٍ فَدَتْكِ الرُّوحُ لا نَشبٌ ومَالُ وهَيْهَات السُّلوُّ وَمَا لِنفْسي بِشَيْءٍ بَعْد فرْقتكِ احْتِفالُ وكان أيضاً جاداً في مواضع الجد، مزوحاً ملاطفاً لمحدثيه، يحب الجمال والتغزل فيه، بل أحيانا يذهب بالتغزل بعيداً، فعاتبه مُقربون، على اعتبار أنه لا يليق بقدره وسنه أن يكتب شعر الغزل الرقيق المفعم بالطيش، وكأنه شاب في العشرين من عمره. فرد عليهم: يقولونَ لِي ما بَالُ شِعْرِكَ لم يَزَلْ حَزِينا كَصَبٍّ دَمْعُهُ يَترَقْرَقُ فمَا هذِهِ الألحانُ إلا لِعَاشِقٍ ومِثلُكَ بَعْدَ الشيْبِ هَيْهاتَ يَعْشقُ فقُلتُ سَأجْفُو الشِّعْرَ إنْ كانَ فاضِحاً لِسِرّي فَخَلّونِي بِحَالِي وَارْفِقوا وتتجلى رقة وعذوبة عباراته في كل أشعاره، ولكن يبقى الموشح كفن قائم بذاته، باباً يعبر من خلاله المتتبع شعره ليدرك خباياه ويتعرف إلى مدى قوة شعره وتمكنه من النظم. ومن موشحاته الكثيرة نختار قوله: مَنْ لِصَبٍّ كُلمَا حَنَّ بَكى وَشَكا البَيْنُ بِقلبٍ مُوجَعِ يَذْكُرُ الإلفَ الذي طالَ جَفاهُ وَلقدْ كانَ مِنَ العَهْدِ وَفاهُ قُلْ لهُ يَا سَعْدُ إنْ جِئْتَ حِمَاهُ واقِفٌ مَا حِيلتِي غَير البُكا حَسْرَةً يَبْكي لهَا الصَّخْرُ مَعِي ولم يكتف بكتابة القصيدة على أنواعها، بل عارض أيضاً كبار الشعراء وبالأخص شعراء المتصوفة مثل ابن الفارض في فائيته فقال: فَارَقْتنِي مِنْ غَيْرِ ذنْبٍ فاغْتدَى (قلبِي يُحَدِّثُني بِأنَّكَ مُتْلِفي) فلقدْ أذَبْتَ شَغَافَ قلبي بِالأسَى وتركتَ جِسْمي فوْقَ حَدِّ المُدْنِفِ فأنا الذي أهْوَى الشهَادَة في الهَوَى لكِنّني أخْشَى شَمَات مُعَنِّفي عبدالحميد الرافعي والعروبة لم تكن أفكار العروبة حينها على ما هي عليه اليوم من النضوج، إذ كانت في مجملها عبارة عن رد فعل على ما أحدثه سقوط الخلافة وبداية مرحلة الاستعمار والتخلف والانحطاط والجهل الذي كانت مجتمعاتنا غارقة فيه، فنجده حاملاً سوط كلماته، يهش به على أبناء جلدته، فيقول في قصيدة مستنهضاً الهمم ومذكراً بمجد تالد صنعه العرب يوماً: هُبُّوا بَني العُرْبِ إلى مَا الكَرَى وقَدْ دَهَا الآمالَ دُهَّاسُها فَكمْ تُقيمُون على ذِلّةٍ ورَوْضة الصَّبْر ذَوَى آسُها فجَرَّدوا العَزْمَ الذي طالمَا شقَّ صُدورا طالَ وِسْوَاسُهَا وجَدَّدوا مَجْدَ بني يَعْرُبٍ فالعَارُ أنْ يُطفأ مِقْباسُها اليوبيل الذهبي والاحتفاء به قلة هم الشعراء والكتاب الذين يحتفى بهم، ويكرمون قبل مماتهم. وعبدالحميد بك الرافعي كان من تلك القلة القليلة، اذ قررت لجنة ترأسها الشيخ محمد يمن الجسر رئيس مجلس النواب حينها تكريمه، وضمت ثلة من كبار أدباء طرابلس وشعرائها منهم: الشيخ الشاعر إسماعيل الحافظ؛ الأديب جورج يني؛ الشاعر سابا زريق؛ الشيخ الأديب نديم الجسر؛ الأديب يعقوب صراف. وتحدد يوم الاحتفال في 26 شوال عام 1347ه الموافق في 7 نيسان عام 1929م. فحضرت إلى طرابلس يومها وفود من العراق والأردن وسورية ومصر ومختلف أنحاء لبنان. وقد منحه رئيس الجمهورية اللبنانية شارل دباس وسام الاستحقاق اللبناني الذي قلده إياه وزير الصحة والمعارف والفنون الجميلة الدكتور أبريدون أبو الروس في حفل مهيب. كان عرساً طرابلسياً ألقيت فيه القصائد والكلمات التي تتحدث عنه وعن شعره ومكانته. ومن ذلك قصيدة لأمير الشعراء أحمد شوقي منها: أعِرْنِي النَّجْمَ أوْ هَبْ لي يَرَاعا يَزيدُ الرَّافِعِيينَ ارْتِفاعا كأنَّكَ بِالقبائِلِ فِي عُكاظ تجاذَبْتَ المَنابر والتِّلاعا طرابلس انْثني عِطفِي أدِيم ومُوجِي سَاحِلاً وثِبي شِراعا ومن قصيدة أمير البيان شكيب أرسلان هذه الأبيات: إيَّاكَ في الشَّرْقِ أنْ تعْدُو طرَابُلسا إنْ كُنْتَ تبْغِي كِرَامَ الإنْسِ والأنْسا وحُجَّ مِنْها لِقُصَّادِ الهَوَى حَرَما أمْنا وجَاوِر لأرْبَابِ النُهَى قُدْسا ومن قصيدة الشاعر خليل مطران نختار: يا إِمامَ البيانِ نظماً ونَثْرا عِيدُكَ اليوْمَ للنُهَى أيُّ عِيدِ يَتبارَى فيه القصِيدُ جَمَالاً وافْتِناناً في وَصْفِ رَبِّ القصِيدِ في يوم الجمعة 16 ذي الحجة 1350ه الموافق الثاني والعشرين من نيسان 1932م، دعاه ربه فلاقاه بنفس مطمئنة ودفن في مدافن العائلة الرافعية. وقد رثاه عديدون من كبار الشعراء، ومنهم بدوي الجبل في قصيدة منها: لا تُعيدِي ألحَانَهُ لا تُعِيدي جَلّ ذاكَ الهَوَى عنِ التقلِيدِ نعَم البُلبل الأسيرُ فقدْ عَادَ إلى أفْقِهِ الفَسِيح المَديدِ شاعر لا يَحُدّهُ الكوْنُ مَلّتْ نفْسُهُ ضِيق عَالم مَحْدودِ يَتّمْتَ بَعْدك القوافي وضَجَّتْ بَاكِياتٍ بِيومِكَ المَشْهودِ