أسقطت روسياوالصين مشروع القرار الفرنسي المتعلق بإحالة الجرائم في سورية على المحكمة الجنائية الدولية بفيتو مزدوج هو الرابع في تاريخ الأزمة السورية في مجلس الأمن منذ العام 2011. واتهمت الدول الغربية روسيا ب «تغطية الجرائم في سورية»، إذ قال السفير الفرنسي جيرار آرو إن الفيتو «هو تغطية للجرائم ومنع للعدالة»، مجدداً الدعوة الى ضرورة «تقييد ممارسة استخدام حق النقض في مجلس الأمن في الحالات التي تشهد انتهاكات إنسانية فظيعة». واعتبرت السفيرة الأميركية سامنتا باور أن الفيتو الروسي - الصيني «لا يغطي جرائم وانتهاكات (الرئيس بشار) الأسد ومرتزقته فقط بل أيضاً المجموعات الإرهابية». وأضافت أن «على من يسأل عن أسباب عدم تحرك مجلس الأمن لتحقيق العدالة الدولية في سورية على غرار دول أفريقية عدة، أن يعلم أن الفيتو الروسي - الصيني هو السبب». وأكدت على «ضرورة محاسبة أعضاء المجلس الذين منعوا إجراء المحاسبة" في سورية. وصوّت لصالح مشروع القرار 13 عضواً من أصل 15 في مجلس الأمن بعدما كانت 62 دولة شاركت في رعاية تقديمه الى مجلس الأمن. وقال سفير كوريا الجنوبية اوه جون الرئيس الدوري للمجلس ان «مشروع القرار لم يعتمد بسبب تصويتين سلبيين من عضوين دائمين في المجلس». وكان وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس حضّ أعضاء مجلس الأمن الدولي على تحمل مسؤولياتهم «أمام التاريخ» بالمصادقة على مشروع قرار إحالة النظام السوري على المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم. وفي مقال نشرته صحيفتا «وول ستريت جورنال» الأميركية و «لوموند» الفرنسية أمس، حضّ فابيوس مجلس الأمن على تبني مشروع قرار فرنسي لأنه «ضرورة أخلاقية وسياسية لمكافحة الإفلات من العقاب». وأكد ديبلوماسيون غربيون في الأممالمتحدة أن الفيتو الروسي - الصيني «لن ينهي التحرك بل سيعزز الزخم على مسارين جديدين: طرح مشروع قرار آخر تحت الفصل السابع في مجلس الأمن ينص على مرور المساعدات الإنسانية إلى سورية من دون الحاجة إلى موافقة الحكومة السورية، وإعداد مشروع قرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة يدعو الى إجراء محاسبة دولية على الجرائم المرتكبة في سورية". وكان ديبلوماسيون منخرطون في الإعداد لجلسة مجلس الامن قالوا أن «مشروع القرار الفرنسي يعطي المحكمة الجنائية الدولية الولاية القضائية لمحاسبة الأطراف السوريين المسؤولين عن ارتكاب الجرائم ضد الإنسانية، إضافة إلى رعايا أي دولة أخرى ممن يقاتلون في سورية من دون إذن أو تكليف من مجلس الأمن». ووفق مشروع القرار، فإن المحكمة الجنائية «يمكن أن تحاكم المقاتلين الأجانب في سورية وبينهم عناصر حزب الله والمقاتلين العراقيين وسواهم إضافة إلى المنظمات الأخرى المتصلة بالقاعدة»، بحسب الديبلوماسيين «لأنهم لا يقاتلون في سورية بتكليف من مجلس الأمن». وتنص الفقرة السابعة من مشروع القرار على أن مجلس الأمن «يقرر أن الرعايا القادمين من خارج سورية من دولة ليست طرفاً في نظام المحكمة الجنائية الدولية، يخضعون للولاية القضائية الحصرية لتلك الدولة في جميع ما يزعم وقوعه من تصرفات أو أعمال تقصير ناجمة عن العمليات التي يقررها أو يأذن بها مجلس الأمن في سورية، أو تكون متصلة بتلك العمليات، ما لم تتنازل الدولة صراحة عن تلك الولاية القضائية الحصرية». وكان الفيتو المزدوج الأول في تاريخ مجلس الأمن ضد مشروع قرار يتعلق بالإحالة على المحكمة الجنائية الدولية وفق ما أكدت منظمة «المركز الدولي لمسؤولية الحماية» الناشطة في دعم مشروع القرار. وتسعى الدول العربية في الأممالمتحدة لإصدار قرار من الجمعية العامة «يضع أسساً لإجراء المحاسبة الدولية في سورية، وهو ما سيلقى دعماً كبيراً بعد جلسة التصويت في مجلس الأمن»، بحسب ديبلوماسي غربي رفيع، خصوصاً أن الدول الراعية لمشروع القرار في مجلس الأمن ستنقل موقفها إلى الجمعية العامة بسبب «شلل مجلس الأمن في شأن سورية». وأضاف إن الولاياتالمتحدة «تدرس الآن الجانب القانوني المتعلق بإنشاء محكمة خاصة لأجل سورية والخيارات المتاحة أمام هذا الاحتمال. إذ إن مجلس الأمن أنشأ العديد من المحاكم الخاصة في السابق ولكنه ليس المعبر الوحيد لإنشاء مثل هذه المحاكم». مشروع القرار الإنساني أما في شأن مشروع القرار المعني بإدخال المساعدات إلى سورية عبر الحدود، فإن «إعداده وصل مرحلة متقدمة وسيوزع في مجلس الأمن بعد جلسة اليوم (أمس) ونتوقع أن نخوض لأجله مفاوضات صعبة مع روسيا، ولكن إقراره ليس مستحيلاً» بحسب ديبلوماسي غربي رفيع في مجلس الأمن. وأوضح أن مشروع القرار «سيكون تحت الفصل السابع، وسيركز على مرور المساعدات عبر الحدود، وسيذكر أربعة معابر حدودية بالاسم غير خاضعة لسيطرة النظام السوري ومعظمها في الحدود التركية - السورية، ولن يتضمن فرض عقوبات أو منطقة حظر طيران أو أي عنصر يمكن أن يؤدي بروسيا إلى استخدام الفيتو، وسيتضمن عناصر كانت روسيا اقترحتها الأسبوع الماضي متعلقة بدعم اتفاقات وقف إطلاق النار على المستوى المحلي على غرار ما حصل في حمص» في وسط سورية. وتعوّل دول غربية على الموقف الصيني في شأن مشروع القرار الإنساني «لأن موافقة الصين على القرار 2139 قبل شهرين أدت بروسيا إلى تعديل موقفها والتصويت لصالح القرار، وسنحاول أن نحصل على النتيجة نفسها الآن مع المشروع الجديد»، بحسب الديبلوماسي. واستبعدت مصادر مجلس الأمن التوصل خلال الأسبوعين المقبلين إلى تعيين خلف المبعوث الدولي - العربي الأخضر الإبراهيمي. وأشارت إلى نقطة خلافية حول مرجعية المبعوث المقبل، إذ إن الأممالمتحدة تفضل أن يمثلها حصراً من دون جامعة الدول العربية، فيما تصر جامعة الدول العربية على المشاركة في رعاية مهمته. وقالت إن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون «يدرس إطاراً يمكن للعملية السياسية في شأن سورية أن تبحث من خلاله يكون مبنياً على أساس جنيف1 مع إضافات». وأوضحت أن «الإضافات قد تتضمن عناصر عدة اقترحها الإبراهيمي في إحاطته إلى مجلس الأمن وبينها عناصر من المقترح الإيراني» لحل الأزمة السورية، مؤكدة في الوقت نفسه أن «الطرح الإيراني بتشكيل حكومة وحدة وطنية في سورية مرفوض لأنه يبقي الصلاحيات التنفيذية في يد بشار الأسد».