شدد البابا فرنسيس على ان زيارته الى الاراضي المقدسة ستكون «زيارة دينية بحتة»، وقال انه يريد ان «يصلي من اجل السلام»، فيما اتخذت الشرطة الاسرائيلية إجراءات بإبعاد ثلاثة شبان من اليهود المتطرفين، ووضعهم قيد الاقامة الجبرية. كما يتوجه مئات من مسيحيي غزة الى الضفة الغربية لحضور زيارة البابا الى الاراضي المقدسة الفلسطينية. وقبل ثلاثة ايام من الرحلة القصيرة التي يقوم بها البابا وتشمل ثلاث محطات، عمان وبيت لحم والقدس، قال الحبر الأعظم في اختتام اللقاء العام في ساحة القديس بطرس الاربعاء «ستكون رحلة دينية بحتة، اولاً للقاء (بطريرك القسطنطينية المسكوني) برتلماوس، بطرس واندراوس سيلتقيان مرة جديدة وذلك امر جميل جداً»، في اشارة الى اثنين من رسل المسيح يمثلان كنيسة الغرب وكنيسة الشرق. وأضاف البابا ان «الدافع الثاني للرحلة هو الصلاة من اجل السلام في هذه الارض التي تعاني كثيراً»، طالباً من المؤمنين المحتشدين في ساحة القديس بطرس الصلاة من اجل هذه الزيارة. وتأتي زيارة الحبر الاعظم في ظروف صعبة على خلفية غياب اي حل سياسي بين الفلسطينيين والاسرائيليين والحرب المريعة في سورية ونزوح ملايين اللاجئين الى البلدان المجاورة والوضع المتشنج في لبنان وتصاعد التيار الاسلامي المتشدد الذي يدفع المسيحيين الى الهرب، وكذلك التوترات واعمال العنف في العراق وفي مصر وليبيا. وقال الحاخام الارجنتيني ابراهام سكوركا، الصديق المقرب من البابا خورخي برغوليو والذي يرافقه طوال زيارته الى الاراضي المقدسة، ان الحبر الاعظم سيسعى الى تفادي المطبات السياسية التي تمتلئ بها المنطقة، من خلال محافظته على خط «متوازن» مع الطوائف المسيحية واليهودية والاسلامية. وعندما سئل عن توزيع الزيارات بين الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني اثناء مؤتمر صحافي في القدس، أكد الحاخام انه ستكون هناك «لقاءات مهمة مع الشعب الفلسطيني». وفي خصوص الشق الاسرائيلي من الزيارة البابوية، اكد الحاخام سكوركا «عندما سيكون في القدس سيتوجه الى جبل الزيتون (هرتزل) لوضع باقة من الزهور، الامر الذي لم يفعله اسلافه كما اعتقد». وهذه الزيارة المرتقبة الاثنين الى اكبر مقبرة عسكرية في اسرائيل حيث دفن مؤسس الصهيونية تيودور هرتزل انتقدها كثيراً عمر البرغوثي العضو المؤسس لحركة «مقاطعة اسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض عقوبات عليها» في الاراضي الفلسطينية، ودعا البابا الى «عدم تلطيخ زيارته بمثل هذه المبادرات». ولفت عوديد بن هور السفير الاسرائيلي السابق في الفاتيكان الى ان «وضع اكليل من الزهور سيكون له مغزى كبير جداً»، مذكراً بأن هرتزل طلب من دون جدوى في 1904 «دعم البابا بيوس العاشر لعودة اليهود الى صهيون». ومع اقتراب مجيء البابا اقيم تجمعان لليهود المتطرفين والقوميين الدينيين الذين يعتبرون إحياء البابا قداساً في موقع علية العشاء السري «كفراً». ويثير هذا الموقع التوترات منذ اسابيع عدة. وقال وكيل احد هؤلاء المتطرفين المحامي ايتمار بن-غفير ان هذا الاجراء يمس بحرية التعبير. وهذا المكان المقدس بالنسبة للديانات السماوية الثلاث يشكل حالياً موضع مفاوضات بين اسرائيل والكرسي الرسولي الذي يطالب باستخدامه اضافة الى ملكية الموقع. في غضون ذلك، قالت المتحدثة باسم الشرطة لوبا سامري الاربعاء ان «الشرطة وجهاز الامن الداخلي اتخذا اجراءات بالابعاد بحق عدد من الناشطين من اليمين المتطرف الذين يعتزمون وفق معلومات الشين بيت القيام بأعمال استفزازية بهدف اثارة التوترات الدينية اثناء زيارة البابا». وأوضحت ان «هذه التدابير أعلنت لفترة اربعة أيام». ولم تعطَ اي تفاصيل عن طبيعة هذه «الاعمال الاستفزازية». وبحسب وسائل الاعلام، فان الاقامة الجبرية ستفرض على ثلاثة شبان ناشطين اعتباراً من الخميس (أمس). وقامت اسرائيل بتعزيز حماية بعض الاماكن المسيحية المقدسة التي استهدفت بموجة تخريب نسبت الى يهود متطرفين، لكن لم تتخذ اي تدابير وقائية ضد مثيري شغب حتى الآن. وكانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية جينيفر بساكي ذكرت الاربعاء ان مسألة تصاعد الاعمال المعادية للمسيحية في اسرائيل اثيرت مطلع آذار (مارس) من قبل وزير الخارجية جون كيري عندما زار الفاتيكان. وقالت: «نحن قلقون جداً لتنامي الشعور المعادي للمسيحية او المعادي للدين هناك» في الشرق الاوسط. وأضافت: «نحن ندين بالتأكيد هذا النوع من التصرفات والخطابات». في غضون ذلك، ذكر مصدر امني طلب عدم الكشف عن اسمه ان «اسرائيل اصدرت نحو 650 تصريحاً لمسيحيي غزة للسفر الى الضفة خلال زيارة البابا». وتوجه العشرات من هؤلاء المسيحيين الى معبر ايريز شمال القطاع صباح الخميس، بينما ستسافر البقية الجمعة. ويؤكد الشاب ميلاد عياد (22 سنة) في منزله غرب مدينة غزة ان «زيارة البابا مشرفة بالنسبة الينا كفلسطينيين لانها اعتراف بوجودنا كشعب فلسطيني وبحقوقه في حين ان البابا رفض زيارة اسرائيل». وأضاف: «نتمنى ان تساعد هذه الزيارة في ارساء السلام وان يقف بجانب الشعب الفلسطيني وينقل للعالم اننا شعب يرزح تحت الاحتلال ويجب ان ينتهي ذلك ونحصل على دولة». ويرى الشاب ريمون سهيل (26 سنة) ان «زيارة البابا فرانسيس هي زيارة تاريخية وخطوة جيدة ويمكن ان يكون هدفها تجميع الطائفة الكاثوليكية وجميع الطوائف لتوحيدها». لكنه عبر عن أسفه لأن «مسيحيي غزة يتعرضون للكثير من الضغوط والصعوبات للسفر الى بيت لحم»، مشيراً الى ان «الاسرائيليين لا يمنحون التصاريح لمن هم اقل من 35 سنة». وتدعو منيرفا سابا (54 سنة) وهي ام لاربعة ابناء قتل احدهم في الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة في نهاية 2008 «البابا الى زيارة غزة والصلاة معنا في كنيستنا (...) ان يأتي ليرى كيف تعيش الناس هنا، لدينا ناس لا تجد الاكل لتأكله». ويعيش نصف مليون مسيحي في الاراضي المقدسة التي يزورها البابا فرنسيس للمرة الاولى بين 24 و 26 الشهر الجاري.