الأعمال الأولى لأي مخرج يُشار إليها اصطلاحاً بأنها تجارب، وهو مصطلح يصف قيام المخرج بتجربة قدراته وموهبته في صناعة الأفلام. المخرج المصري مروان حامد يعد من المخرجين أصحاب الجرأة في التجريب رغم عمله سنوات في المجال السينمائي، حيث يفضل تجربة أجواء، وأنواع، وأدوات، ومشاعر جديدة على السينما المصرية. يعمل حامد حالياً على فيلمه الجديد «الفيل الأزرق»، وهو مأخوذ عن رواية تحمل العنوان نفسه للمؤلف الشاب أحمد مراد والتي تصدرت قوائم المبيعات بعد صدورها في العام 2012. الرواية تحفل بأجواء نفسية مثيرة وغامضة، إضافة إلى احتكاكها بعالم ما وراء الطبيعة. ويشارك في بطولة الفيلم كريم عبدالعزيز، وخالد الصاوي ونيللي كريم. أكد مروان حامد في حواره مع «الحياة»، أن ما جذبه إلى رواية «الفيل الأزرق» هو ما تتمتع به من اختلاف عن السائد، وهو ما يبحث عنه في كل تجربة جديدة، ويستفيض في الحديث قائلاً: «وقعت في غرام الشخصيات، قرأت الفيل الأزرق قبل إصدارها وقررت أن أحوّلها الى فيلم سينمائي في غضون يوم واحد، وشعرت كأنني أشاهد فيلماً أمام عيني، فاتصلت بأحمد مراد واتفقنا على ذلك. لكني أصررت على أن يكتب هو النص بنفسه. تحمل كتابات أحمد مراد بعض الملامح السينمائية. واعتقدت أن أفضل من يمكن ان يكتب هذا الفيلم هو الشخص الذي كتب الرواية في الأساس. لقد حقق الكتاب نجاحاً كبيراً خصوصاً عند القراء الصغار السن». وعن المعايير المحددة لاختياراته لفريق عمل الفيلم، أجاب صاحب «عمارة يعقوبيان»: «نرغب أنا وكريم عبدالعزيز في القيام بعمل مشترك منذ فترة طويلة، وسعدت للغاية بالعمل معه. يستعد كريم لهذا الدور منذ 5 أشهر قبل بداية التصوير. اعتقد أن كريم سوف يكون مفاجأة حقيقية للجمهور. أشعر بالفخر حقاً حيال هذه التجربة. من جهة أخرى، هذا هو العمل الثاني الذي يجمعني بخالد الصاوي بعد «عمارة يعقوبيان». أجد أن هناك كيمياء قوية بيننا، وأستمتع بالعمل معه، فهو ممثل غاية في التألق». مروان حامد رغم اعترافه بتدهور وضع صناعة السينما في مصر منذ العام 2010، فضلاً عما شهدته من انخفاض حاد من حيث الكم والنوع، يرى من الشجاعة أن يُقدم أحد على إنتاج فيلم بمثل هذه الموازنة العالية وبكم الجهد المبذول في الخدع البصرية وأعمال الجرافيكس، مرجعاً الفضل في ذلك إلى كامل أبو علي المنتج الرئيسي لهذا الفيلم، والذي مكّن «الفيل الأزرق» من أن يكون أول فيلم مصري يتعامل مع واحدة من أهم شركات المؤثرات الخاصة في العالم وهي الشركة الفرنسية «BUF». ونسأل مروان حامد: « مشروعك الجديد «الفيل الأزرق» ثالث فيلم لك مأخوذ عن الأدب بعد «لي لي» - المأخوذ من الراحل يوسف إدريس - و»عمارة يعقوبيان» - المأخوذ من علاء الأسواني- هل هذا مجرد مصادفة أو يستهويك تحويل الروايات الى اللغة السينمائية»، فيجيب: «يمثل الأدب المنبع الرئيسي لكثير من الأفكار المستخدمة في الأفلام كما هي الحال في هوليوود على سبيل المثال وكذلك في كلاسيكيات السينما المصرية. كما إنني أستمتع كثيراً بالإشتغال على الأعمال الأدبية». أنت منتج أيضاً...هل تلتمس العذر لبعض المنتجين في ما يقدمونه بخاصة والعائد المالي أمر مهم في المعادلة الإنتاجية؟ - لا أنسي أبداً مقولة أبي الكاتب وحيد حامد: «تاجر الحشيش بيكسب أكتر من تاجر العيش..انت عايز تبقى ايه؟» يمكننا أن نصنع أفلاماً جيدة ونجني عائداً مالياً كبيراً. وللعلم هذه هي طبيعة هذه الصناعة على مر العصور، كما أنهم في بقية أنحاء العالم يصنعون أفلاماً جيدة ويجنون عوائد مالية ضخمة. يكمن السر في حسن الاختيار والثقة في الجمهور وأنا أشعر بثقة عالية جداً حيال الجمهور وأثق بأنهم سيقدرون أي فيلم جيد». وأشار مروان إلى أن مشروعه التالي يحمل عنوان «الحشاشين»، وهو يتناول قصة حسن الصباح مؤسس طائفة الحشاشين، أول مجموعة إرهابية عرفها التاريخ، «أحمد مراد هو كاتب نص هذا الفيلم كذلك، ونعمل عليه منذ 2011. ما نكتشفه بين طيات التاريخ مثير للاهتمام، لكننا دائماً ما نتجاهل التاريخ كما لو كنا أول جيل بشري يلمس هذه الأرض، ومن الواضح أننا نسير على خطى أجدادنا». علاقة مروان حامد بالسينما بدأت مع التحاقه ومن ثم تخرجه في المعهد العالي للسينما عام 1999، كما عمل مخرجاً مساعداً في أفلام عدة وإعلانات تجارية. وفيما كان لايزال يدرس، قام مروان بإخراج فيلمين قصيرين وأفلام وثائقية عدة، لكن فيلم «لي لي» (40 دقيقة) كان أكثرها شهرة وتميزاً. «لي لي» هو فيلم مقتبس كما أشرنا عن قصة قصيرة تحمل العنوان نفسه للكاتب الراحل يوسف إدريس. وكان الفيلم المثير للجدل «عمارة يعقوبيان» هو أول فيلم روائي قام بإخراجه، وتم عرض الفيلم في العديد من المهرجانات السينمائية منها مهرجان برلين السينمائي، ضمن قسم البانوراما. كما فاز بالعديد من الجوائز منها جائزة أفضل مخرج روائي جديد في مهرجان ترايبكا السينمائي عام 2006. وهو كثاني فيلم له قام بإخراج فيلم «إبراهيم الأبيض» عام 2009 من بطولة الفنان أحمد السقا ومحمود عبدالعزيز. أحدث أعمال مروان حامد هو إخراجه للفيلم القصير «1919»، وهو جزء من فيلم «18 يوم»، الذي يتكون من عشرة أفلام قصيرة تحكي عن ثورة «25 يناير» المصرية، حيث قام بإخراج الفيلم عشرة من المخرجين المصريين وتم عرضه للمرة الأولى في مهرجان كان السينمائي الدولي عام 2011 في عرض خاص.