لا يحتاج المشاهد العربي إلى أن يكون شديد الملاحظة ليكتشف غياب المراسل الخليجي عن شاشات القنوات العربية الإخبارية في خضم تغطية الأحداث الجارية بالمناطق الساخنة التي تمر بها بعض الدول العربية، ففي الوقت الذي تابعنا فيه مراسلين على قنوات خليجية من جنسيات عربية مختلفة لتغطية الأحداث التاريخية التي مرت بها كل من تونس ومصر وليبيا واليمن، سقط من بين هؤلاء «المراسل الخليجي» الذي تقتصر تغطيته دائماً على دولته أو ما جاورها من دول الخليج الأخرى وهو ما عللته مديرة مكتب «إل بي سي» في دبي الإعلامية اللبنانية هدى بيضون بقلة الخبرة الميدانية لدى المراسل الخليجي، موضحة ل«الحياة» أن «هذا لا يعني أن المراسل الخليجي سيئ صحافياً بالعكس، ولكن تغطية المناطق التي شهدت توترات وحروباً وحتى ثورات تحتاج إلى مراسل يمتلك الخبرة الميدانية، ولديه القدرة على معايشة مثل تلك الأحداث»، مضيفة أن: «المراسل في مثل هذه الظروف وداخل هذه الجغرافيات المضطربة لا يكفي أن يكون صحافياً فقط، بل يجب عليه أن يعرف كيف يتحرك كمقاتل، وهو ما ينقص المراسل الخليجي ربما لأنه يعيش في منطقة هادئة نسبياً»، رافضة تحميل القنوات مسؤولية غياب هذا المراسل - بحسب رأيها - «لن ترفض أي قناة المراسل الخليجي لكونه خليجياً، بالعكس ربما يجد ترحيباً أكثر من غيره ولكن عليه أولاً أن يثبت كفاءته وقدرته»، معتبرة مقتل رئيس قسم التصوير في قناة الجزيرة علي حسن الجابر - قطري الجنسية - إثر كمين تعرض له فريق القناة في مدينة بنغازي بشرق ليبيا استثناء، قائلة: «علي الجابر كان مصوراً ولم يكن مراسلاً، إضافة إلى ذلك فهو يمتلك خبرة 30 عاماً قادرة على أن تسمح له بالوجود في المناطق الساخنة بكل تأكيد»، وتساءلت بيضون: «هل هناك مراسل خليجي لديه الاستعداد لأن يقف في ساحة حرب؟.. هذا هو السؤال الأهم». فيما رأى مراسل قناة العربية حسن الطالعي أن حجة الخبرة الميدانية ليست منطقية ولا مقنعة أيضاً لتغييب المراسل الخليجي عن المناطق الساخنة وأكد ل«الحياة»: «لا أحتاج إلى أن أخوض عديداً من الحروب أو الثورات كي أستطيع أن أغطيها كمراسل، ولا يوجد ما يستدعي أن يتحرك المراسل كمقاتل فكل ما يحتاج إليه هو أن يجيد قراءة الحدث وكيفية التعامل معه، وأعتقد أن هذا لا ينقصنا»، مشيراً إلى أن: «مراسل إم بي سي السعودي «عوض الفايض» تمكن من تغطية الأحداث في اليمن وليبيا، ورغم عدم خوضه أي حرب فقد كان يعد تقارير جيدة جداً من ليبيا واليمن، إن كل ما نحتاج إليه - نحن المراسلين الخليجيين - الفرصة المناسبة المصحوبة بثقة بقدراتنا وإمكاناتنا المهنية». وحول رؤيته فيما لو أتيحت لهم الفرصة قال الطالعي: «أعتقد أن غالبية إن لم يكن كل المراسلين الخليجيين يتمنون أن يتم اختيارهم من إدارات قنواتهم لإرسالهم لإحدى المناطق العربية التي تشهد توترات.. لا أعرف حقاً لماذا لا يتم اختيارانا؟»، مضيفاً: «لن نكتسب الخبرة إن لم تتَح لنا فرصة خوض التجربة»، وتساءل الطالعي: «هل حقاً كل المراسلين العرب الموجودين الآن في المناطق العربية الساخنة عايشوا الحروب والثورات من قبل؟.. أنا أعتقد أن الإجابة ستكون بالنسبة للغالبية العظمى منهم.. لا».