دخل عاملان في أحد مقاهي جدة إلى عالم الصم والبكم، من طريق إتقانهما للغة الإشارة، بعد أن اعتادا لقاء شبانٍ من هذه الفئة في المقهى. وربما كانت الحاجة إلى إيجاد لغة تواصل مع الزبائن من الصم والبكم هي الدافع للعامل محمد علي أبو ريشة (مصري) إلى تعلمها وإتقانها بتفاصيلها كافة، خصوصاً أن عمله يجبره على التعامل مع هذه الفئة. ويقول عن تجربته في تعلم هذه اللغة من دون الانتظام في دورة أو ارتياد مدرسة: «قبل عامين كنت أرى حركات أيديهم من دون إدراك لما يعنونه من إشارات، وكنت أجد صعوبةً في فهم طلباتهم التي يرغبون أن أقدمها لهم»، لافتاً أنه ظل على هذه الحال أشهراً عدة، قبل أن يقرر الخوض في عالم لغة الإشارة لمعرفة طلبات زبائنه من هذه الفئة. واستدرك: «وجدت نفسي بعد شهر من قراري متقناً للغة الإشارة (قبل حوالى عامين)، وفهمت أبرز الإشارات الرئيسة فيها، وصرت أفهم كل إشارات لغتهم وما يتحدثون به»، مضيفاً أن كثيراً من الأسوياء لا يعرفون أن المعوقين من الصم والبكم يفهمون نسبةً كبيرة من أحاديثهم من طريق تتبع حركة شفاه المتحدث، مؤكداً أن بساطتهم ومرونتهم في التعامل وصبرهم على من يود تعلم لغتهم سهل من مهمته في تعلم لغة الإشارة. ولا تختلف قصة سليم (بنغالي) في تعلم لغة الإشارة كثيراً، إذ لم يأخذ في تعلمها إلا بعض الأشهر، قبل أن يصبح مدركاً لأدق تفاصيل طلبات زبائنه في المقهى، إذ لا يجد مرتادو المقهى أي صعوبة في إخبار سليم بطلباتهم. وأوضح أن تعلم لغة الإشارة ليس أمراً مستحيلاً، ويرى أن رغبته في تعلمها، إضافة إلى مساعدة زبائنه له، منحتاه القدرة لتجاوز عوائق اللغة والتمكن من فهمها. ويرى سليم أن لغة الإشارة تبدو للوهلة الأولى صعبة الفهم لمن يشاهد حركاتها ومعانيها، لكنها لغة بسيطة تحتاج فقط للوقت والتركيز من أجل تعلمها. ويجد هشام عبدالعزيز وهو أحد المعوقين من البكم الذين يرتادون المقهى أن سليم وأبوريشة استطاعا خلال فترة بسيطة الدخول إلى قلبوهم من طريق لغة الإشارة، مؤكداً أنهما يستخدمانها أحياناً للترفيه عنهم. ولفت عماد محمد بليحه إلى أن وجودهما الطويل في المقهى سهل عليهما فهم اللغة بسرعة.