على رغم الاعتقاد الذي ساد في الشهور الماضية بأن الحديث حول الانتخابات الرئاسية في مصر يقتصر على دعم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لتوليه فترة رئاسية ثانية، في ظل غياب ملحوظ للمعارضين أو تبني موقف مغاير من أحزاب سياسية، جاء مؤتمر المحامي الحقوقي خالد علي أول من أمس كاشفاً عن «مباحثات مكثفة تتم منذ فترة بين قوى مدنية معارضة»، في إشارة إلى تنحية جماعة «الإخوان المسلمين»، المصنفة إرهابية في مصر، لتحديد الموقف من الانتخابات المقبلة، سعياً إلى توافق حولها. وعُقد المؤتمر في مقر حزب «الدستور»، في وقت رفضت فيه «نقابات عمالية وفنادق»، وفق علي، استضافة المؤتمر. يذكر أن الحزب أسسه المرشح الرئاسي السابق محمد البرادعي في نيسان (أبريل) 2012، وضربته انقسامات شديدة وتنازع على القيادة، وقرر الحزب مقاطعة الانتخابات البرلمانية في 2015، لكن رئيسه خالد داوود نفى استقرار الحزب على موقف يفيد بدعم المحامي الحقوقي في المعركة الانتخابية الرئاسية. وموقف «الدستور» غير الحاسم في شأن الانتخابات الرئاسية تتخذه أيضاً قوى عدة أشار إليها علي عند حديثه عن «القوى المدنية» التي تحدث معها قبل فترة من المؤتمر، وسيستمر تواصلهم خلال الفترة المقبلة، للانتهاء إلى موقف واحد سواء بالمشاركة أو المقاطعة، ما اعتُبر مؤشراً الى تحركات لقوى معارضة مصرية قد تدفع بمرشحين آخرين وفق ما لفت إليه علي حين قال ان «إعلاننا عن تدشين حملة انتخابية لا يصب في مواجهة أي مرشح ديموقراطي آخر، ولا الجهود التي تسعى إلى التنسيق بين القوى، حملتنا رصيد إضافي فيها». وعلى رغم أن بعض مؤيدي خالد علي كانوا ضد ترشحه في الانتخابات الرئاسية، أرجع علي ترشحه إلى «النضال من أجل معركة انتخابية حقيقية»، قائلاً: «لن نقبل أنا وحملتي بأن نصبح جزءاً من ملهاة سياسية ولن نقدم على الترشح إلا في ظل وجود ضمانات حقيقية على نزاهة العملية الانتخابية». والتفت قوى شبابية حول المرشح المحتمل خلال تزعمه للجبهة الرافضة لاتفاق ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، والتي أعقبتها فاعليات احتجاجية. ودين خالد علي بعدما صدر فعل غير لائق منه خلال احتفالات تلت أحد الأحكام حول القضية، بالحبس 3 شهور وغرامة مالية في قضية «خدش الحياء العام». وكان المحامي الحقوقي ترشح لانتخابات الرئاسة العام 2012، لكنه انسحب قبل إتمامها. وعملياً، تعد فرص علي للترشح إلى الانتخابات الرئاسية المقبلة ضئيلة، فمن جهة يشترط الدستور للترشح تزكية 20 عضواً على الأقل من البرلمان، أو جمع 25 ألف توقيع موزعة على 15 محافظة وبحد أدنى ألف مؤيد في كل منها، ومن جهة أخرى القضية التي دين فيها. وتنظر محكمة النقض غداً أولى جلسات الطعن على الحكم، وفي حال أيدته المحكمة قد يُحرم من خوض الانتخابات، إذ يشترط الدستور ألا يدان المرشح الرئاسي في أي قضايا «مخلة بالشرف» حتى إذ ردت المحكمة اعتباره. لكن علي أبدى على رغم ذلك إصراراً على السعي نحو الترشح، فقال: «سنبدأ في جلسات نقض الحكم خلال أيام مع إيماننا باستحقاقنا البراءة. وأياً كان الحكم، فالجهة المنوط بها تحديد ما إذا كان الحكم عائقاً قانونياً أو لا هي اللجنة المشرفة على الانتخابات». وأشار إلى أن «القانون المصري لا يحمل تعريفاً جامعاً مانعاً في ما يتعلق بتعريف الجريمة المخلة بالشرف، لم يحددها في شكل قاطع سوى في قضايا التهرب الضريبي، وما عدا ذلك يخضع لتأويلات عدة». وكان السيسي أصدر في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، قراراً بتشكيل الهيئة الوطنية المشرفة على الانتخابات برئاسة نائب رئيس محكمة النقض المستشار لاشين إبراهيم، تشرف على الانتخابات المحلية والبرلمانية التي تعقب الانتخابات الرئاسية المقررة ربيع العام 2018. فيما لم يُقدم علي برنامجاً رئاسياً محدداً خلال المؤتمر، معلناً عن مسودة أولى تتضمن خطوطاً عامة حول الحريات ومواجهة الإرهاب فكرياً وعسكرياً وأمنياً، وخلق اقتصاد يضمن التنافسية، أوضح أنه عمد إلى وضع مسودة فقط ليتم استكمالها فيما بعد عبر مشاركات الفئات المجتمعية المختلفة حتى تعبر عن آراء كل الشعب.