أكد مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان أن «المملكة العربية السعودية حريصة على أمن لبنان واستقراره وتريد له الخير، كما تريده لسائر البلدان العربية التي تربطها علاقات أخوية مع لبنان واللبنانيين». وكان دريان التقى في دار الفتوى القائم بالأعمال في السفارة السعودية في لبنان الوزير المفوض وليد بخاري والمستشار السياسي في السفارة ماجد أبو العلا، وتم البحث في الشؤون الوطنية والإسلامية وأوضاع المنطقة العربية. وأكد دريان أن «ما تشهده الساحة اللبنانية اليوم هو أمر خطر يتطلب مزيداً من الوعي والحكمة والوحدة الوطنية بين اللبنانيين»، وشدّد على أن «استقالة الرئيس سعد الحريري من الحكومة شكلت صدمة ولم تأتِ من فراغ، ونحن نؤيده وندعمه ونتفهم هذه الاستقالة وينبغي أن نعالجها بالرويّة والحوار»، معتبراً أن «لبنان هو لجميع أبنائه». كما التقى مفتي الجمهورية، الرئيس نجيب ميقاتي ، الذي قال: «تناقشنا في سبل الخروج من الأزمة الحالية التي تعصف بالبلاد، وأكدنا التمسك الكامل باتفاق الطائف والدستور بحرفيته من دون استنسابية أو مزاجية ومن دون الدوس على الدستور الذي هو للجميع ويحفظ التوازنات في البلد ويحفظ دور وحيثية كل مكون من مكونات البلد. مقدمة الدستور واضحة، ونحن نتمسك بكل كلمة فيها، وخصوصاً ما يتعلق بلبنان الديموقراطي العربي الذي يتعاطى مع كل أشقائه في شكل متساو». أضاف: «أكدت ضرورة الحفاظ على وحدة الطائفة السنية، وفي هذا الظرف بالذات فإننا يد واحدة تحت سقف دار الفتوى، ولا يعتقد أحد أنه قادر على الاستفراد بأحد. طلبت من المفتي دعوة المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى إلى الاجتماع بكل أعضائه بدءاً بالأعضاء الدائمين وهم رئيس الوزراء ورؤساء الحكومة السابقين، إضافة إلى الأعضاء المنتخبين، كي نؤكد وحدة الصف ونجدد التزام وثيقة الثوابت الوطنية التي كنا أعلنا عنها من دار الفتوى قبل سنوات». وتابع: «خلال الاجتماع سألني المفتي عن رأيي في كيفية الخروج من هذه الأزمة فطرحت عليه مبادرة، أردنا أن تبقى في عهدته، لكي يطرحها في الوقت المناسب، وهي تقدم حلاً للخروج من الأزمة الحالية، وندائي إلى الجميع هو ضرورة وقف التصعيد من هنا وهناك، لأن علينا أن نكون جميعاً يداً واحدة في هذا الظرف الصعب، من أجل لبنان وحماية الدولة وحفظ التوازنات في البلد وداخل الدولة. الوقت ليس وقت شماتة أو تصفية حساب بل لعمل جِدّي من أجل صون لبنان والحفاظ عليه». سئل: هل أنت مرشح لرئاسة الحكومة؟ فأجاب: «هذا الموضوع ليس وارداً، لا من قريب ولا من بعيد، والمبادرة التي طرحتها، لا تتضمن أن أكون مرشحاً لرئاسة الحكومة في الوقت الحاضر، لأنني سأكون مرشحاً للانتخابات النيابية المقبلة في طرابلس». وعما إذا يمكن لشخصية سنية ما أن تترشح، أجاب: «لن نسمح بأي شكل من الأشكال بالفراغ على صعيد سدة رئاسة الحكومة. لبنان بلد توازنات، وعلينا العمل لتتولى المركز الشخصية المناسبة التي نتفق عليها تحت سقف دار الفتوى». أضاف: «الوسطية ليست وسطية بين الحق والباطل، بل هي الحق بذاته، والحق هو الدولة اللبنانية القوية العادلة التي تحكم بكل ما للكلمة من معنى، من دون مزاجية أو شد حبال من قبل هذا الطرف ضد الطرف الآخر. نحن رهاننا على الدولة ولا خيار لنا إلا الدولة القوية». وماذا لو سمّى «حزب الله» أو فريق الثامن من آذار شخصية سنية لرئاسة الحكومة، أجاب: «حصل الأمر في السابق بالاتفاق مع دار الفتوى، وكنت أول المشاركين في الاجتماع الذي عقدناه هنا في دار الفتوى، وأعلنا خلاله ورقة الثوابت الإسلامية، وكنت أول الموافقين عليها. الكل يعرف أنه خلال تولي رئاسة الحكومة على مدى ثلاث سنوات كنت حريصاً أكثر من أي شخص آخر على الدولة، وعندما أقول على الطائفة السنية، فلأنها مكون أساسي من هذه الدولة. وإذا لم أحافظ على المكون السني، فلن أحافظ على الآخرين». أضاف: «أنا أشعر مع الرئيس سعد الحريري في خلفيات استقالته، وأتمنى أن نفهم منه مباشرة أسباب الاستقالة، ونحن معه في ما يراه مناسباً، وكما سبق وقلت كلنا يد واحدة وأنا أدعم أي أمر يمكن أن يخرجنا من هذه الأزمة». ورداً على سؤال قال: «نحن تحت سقف دار الفتوى، وسيتم قريباً لقاء تشاوري فيها حتى نبحث في سبل الخروج من هذه الأزمة، وأجدد دعوتي في هذه المناسبة الجميع إلى وقف التصعيد وأن نعي أن لبنان يعنينا جميعاً». الراعي يأسف لاستقالة الحريري ويحذّر من ضرب الاستقرار نبّه البطريرك الماروني بشارة الراعي من «أية مكيدة أو أي مخطط تخريبي يهدف إلى ضرب الاستقرار في الوطن، أو إلى استدراجه للانخراط في محاور إقليمية أو دولية لا تتلاءم وطبيعته وقيمه ودوره كعنصر تعاون واستقرار وعيش مشترك في محيطه الشرق أوسطي». ودعا إلى الوعي الكامل بهذا الموضوع. وأسف الراعي خلال ترؤسه قداساً في بكركي أمس «لاستقالة رئيس الحكومة سعد الحريري وللظروف التي قادته إليها». وقال: «نخشى تداعياتها على الاستقرار السياسي وما يرتبط به من نتائج». وأضاف: «نضمّ صوتنا إلى صوت رئيس الجمهورية ميشال عون»، داعين إلى «حماية الوحدة الوطنية وتعزيزها، والتروي في اتخاذ القرارات، وتجنيب البلاد أية أزمة سياسية وأمنية تأتي من النزاعات والحروب الدائرة في المنطقة». وشدد على ضرورة أن «تكون المصلحة الوطنية العليا فوق كل اعتبار، فتطفأ الأحقادُ، وتلين المواقف المتعنتة، وتوقف ردات الفعل المضرة». ودعا إلى «الصلاة لنتجنب كل شر». ولفت إلى أنه «في الحياة العامة، الدستور والميثاق الوطني والقوانين نورٌ يبدِّد ظلمة المخالفة لنصه وروحه، ولميزة لبنان في تعدديته السياسية والإدارية، فلا يجره أي فريق إلى حيث لا يريد سواه، ولا تحكم البلاد بالمحاصصة والاستئثار والإقصاء من جانب نافذين، ولا تسلم السيادة السياسية، إذا كان ولاء فريق لبلد خارجي، وفريق ثان لبلد آخر على حساب لبنان».