دمشق، نيقوسيا - «الحياة»، أ ف ب، رويترز - كلّف الرئيس بشار الأسد امس وزير الزراعة في الحكومة المستقيلة الدكتور عادل سفر تشكيل حكومة جديدة خلفاً لحكومة المهندس محمد ناجي عطري المكلفة «تسيير الأعمال» منذ الثلثاء الماضي. في موازاة ذلك، استمر الهدوء في المدن السورية في وقت شارك الآلاف في جنازة جماعية لثمانية متظاهرين قتلوا الجمعة في دوما، مرددين شعارات تطالب بالحرية. وأعلنت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) ان الأسد أصدر مرسوماً ب «تكليف الدكتور عادل سفر تشكيل الحكومة» الجديدة، علماً ان سفر (58 سنة) كان تسلم حقيبة الزراعة في الحكومة الاولى التي شكلها عطري نهاية العام 2003، وبقي في الحكومة التي تغير فيها عدد من الوزراء. وهو من مواليد ريف دمشق، ويحمل إجازة في العلوم الزراعية العام 1977، وعُين عميداً لكلية الزراعة في 1997، قبل تعيينه أميناً عاماً لفرع دمشق في حزب «البعث» العام الفين، إضافة الى إدارة «المركز العربي لدراسة المناطق الجافة والقاحلة» (إكساد). وسارعت صفحة «الثورة السورية» المعارضة على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» الى انتقاد تكليف سفر تشكيل حكومة جديدة، ودعت الى سلسلة من التحركات الاحتجاجية، مثل التظاهر الثلثاء، ومقاطعة شركات الخليوي الاربعاء، والتظاهر امام مقار حزب «البعث» الخميس في ذكرى تأسيس الحزب الحاكم في سورية. الى ذلك، اعلنت «سانا» ان الرئيس الاسد اصدر مرسوماً تشريعياً قضى بأن يشمل التأمين الصحي متقاعدي الدولة والقطاع العام والمنظمات الشعبية من المدنيين والعسكريين. ويكون التأمين اختيارياً للمتقاعد بحيث تتحمل الخزينة العامة للدولة اكثر من 62 في المئة من قيمة القسط السنوي للتأمين الصحي للمتقاعد، على ان يتحمل المتقاعد الباقي من معاشه التقاعدي. ميدانياً، نزل الآلاف امس الى شوارع مدينة دوما للمشاركة في تشييع ثمانية متظاهرين قتلوا الجمعة. وقال مدير المركز الوطني للاعلام وحرية التعبير (اغلق العام 2009) مازن درويش لوكالة «فرانس برس»: «شارك في الجنازة عشرات آلاف المشيعين هاتفين بشعارات تكرم الشهداء وتطالب بالحرية وتندد بالإعلام الرسمي الذي وصفته بالخائن»، مضيفا ان المتظاهرين حملوا لافتات كتب على بعضها «أين العصابات؟»، في تهكم على اتهام الاعلام الرسمي ل «عصابات مسلحة» بمهاجمة المواطنين الجمعة. وتابع ان «متظاهرين قاموا باحتواء مجموعة من الاشخاص اطلقت هتافات دعت الى إسقاط النظام». وقال: «دفن ثمانية قتلى، وما زال هناك ثلاثة آخرون قتلوا في المدينة، يتحدر اثنان منهم من بلدة عربين وآخر من السبينة المجاورتين لدوما». واكد انه «لم يكن هناك وجود ظاهر لأي قوات أمنية في المدينة، وبعد التشييع توجه قسم كبير من المتظاهرين الى ساحة البلدية حيث اعتصموا». وتعطلت شبكة الإنترنت في العاصمة لمدة ست ساعات قبل ان تعود، إلا ان الإتصال بالهواتف النقالة كان شبه مستحيل، في حين كانت الخطوط الارضية تعمل بشكل طبيعي. وفي موضوع الاعتقالات، افاد المرصد السوري لحقوق الانسان الذي يتخذ من لندن مقرا له ان قوات الامن السورية «اعتقلت الاحد 17 شخصا في دير الزور» (450 كيلومترا شمال شرق دمشق)، كما افاد احد الحقوقيين ان «اكثر من 50 محاميا تجمعوا الاحد امام مقر نقابة المحامين في درعا للمطالبة بالافراج عن محامييْن» ما زالا معتقلين. في الوقت نفسه، اعلن المحامي خليل معتوق ان القضاء السوري قرر امس الافراج بكفالة عن سهير الاتاسي الناشطة في مجال حقوق الانسان التي اعتقلت على خلفية المشاركة في اعتصام اهالي المعتقلين امام وزارة الداخلية في دمشق في 16 اذار (مارس) الماضي. كما قال مواطن من سكان درعا ان السلطات السورية افرجت مساء السبت عن 90 شخصا اعتقلوا خلال تظاهرات الجمعة، موضحاً: «غالبيتهم قالت ان الوضع كان صعباً، الا انهم يخشون تقديم تفاصيل». واضاف: «لم يتعرضوا للتعذيب، إلا أنهم ضربوا قبل نقلهم الى مكان اعتقالهم». وأوضح ان 15 شخصا ما زالوا مفقودين منذ تظاهرة الجمعة في دوما، وختم قائلا: «البعض يقول انهم اعتقلوا، والبعض الآخر ينفي ويقول انهم قتلوا وان السلطات تحتفظ بالجثث، لا توجد معلومات دقيقة، والأمر غامض». في هذه الاثناء، تسلم الاسد امس رسالة من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي تتعلق ب «العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، وتؤكد وقوف حكومة العراق إلى جانب سورية في وجه ما تتعرض له من مؤامرات تستهدف الاستقرار فيها». وكان رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني نقل اول من امس رسالة مماثلة من امير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الى الرئيس الاسد.