أجرت أونغ سان سو تشي أمس أول زيارة لها بوصفها زعيمة لميانمار، الى ولاية راخين غرب البلاد، والتي فرّ منها اكثر من 600 ألف من مسلمي أقلية الروهينغا الى بنغلادش المجاورة في غضون شهرين، فيما تتهم الأممالمتحدة الجيش بتنفيذ «تطهير عرقي» ضدهم. وأفادت وكالة «فرانس برس» بأن سو تشي الحائزة جائزة نوبل للسلام، لم تدل بتصريح في اختتام زيارتها المفاجئة. لكن وكالة «رويترز» نقلت عنها دعوتها الناس الى «الامتناع عن الشجار» أثناء الزيارة. وتتعرّض سو تشي لانتقادات شديدة في الخارج، بسبب تجاهلها معاناة الروهينغا الذين يُعتبرون واحدة من الأقليات الأكثر تعرّضاً للاضطهاد في العالم. لكن عليها التشاور مع جيش ما زال قويا جداً، وإن تخلّى عن الحكم عام 2011، ومع رأي عام معاد للمسلمين والأجانب. ويشكّل الروهينغا أضخم مجموعة من السكان المحرومين من الجنسية في العالم، منذ سُحبت منهم جنسية ميانمار عام 1982، خلال الحكم العسكري. ولا تتوافر للروهينغا اوراق ثبوتية، ولا يستطيعون السفر او الزواج من دون إذن. كما لا يتمكنون من الوصول الى سوق العمل او الى الخدمات العامة، مثل المدارس والمستشفيات. وزارت سو تشي قرى مدمرة في منطقة مونغداو وبوتيدونغ، والتقت عدداً كبيراً من مجموعات المنطقة. وقال احد السكان الروهينغا في مدينة مونغداو عبر الهاتف: «لدينا امور كثيرة لنقولها لها. نريد ان نتحدث معها عن الأوراق الثبوتية. أجدادي وأهلي وُلدوا وماتوا على هذه الأرض. الروهينغا يعيشون في البلاد منذ أجيال». ورافق سو تشي في زيارتها عدد كبير من الوزراء ورجال الأعمال الواسعي النفوذ، علماً انها تعتبر ان التنمية الاقتصادية هي العلاج الناجع على الأمد البعيد لهذه المنطقة التي تبلغ نسبة الفقر فيها 78 في المئة، اي ما يتجاوز ضعف المعدل الوطني. لكن المنظمات الأنسانية تذكر، قبل ذلك، بأنها تواجه حالة انسانية طارئة. وقال دومينيك ستيلهارت، وهو مسؤول في الصليب الأحمر في ميانمار: «نشجع السلطات على تسهيل عمل الناشطين في المجال الإنساني، لأن الصليب الأحمر لا يستطيع وحده تلبية الحاجات الكثيفة». ولفت الى ان «عدداً كبيراً من الأشخاص الذين غادروا منازلهم يعيشون وسط ظروف بائسة: قطعة من البلاستيك فوق رؤوسهم، والأرض موحلة تحت أقدامهم، سواء في بنغلادش المجاورة لأكثريتهم، او في ولاية راخين». ومع استمرار موجة النزوح الى بنغلادش، قال محمد ظفار (35 سنة): «الجيش لم يهاجمنا لكنه يحوّل حياتنا جحيماً. لم نعد نتسلّم المساعدة المالية، ولم يعد في مقدورنا الذهاب الى الأسواق». وسأل: «كم من الوقت نستطيع ان نعيش بهذا الشكل؟». وأضاف «انتظرنا مختبئين في التلال. عندما كانت أعدادنا كافية، قررنا أن نعبر» النهر إلى بنغلادش. واعتبر خريستوس ستيليانيديس، المفوض الأوروبي للمساعدة الإنسانية وإدارة الأزمات، والذي يزور مخيمات بنغلادش، أن «عدد الأشخاص واحتياجاتهم وصدمتهم تتخطى الخيال، وعدد الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية حاد يتخطى الخيال ايضاً». الى ذلك، أفادت «فرانس برس» بأن دولاً اسلامية تقودها المملكة العربية السعودية، طالبت الأممالمتحدة بالتنديد بانتهاكات حقوق الإنسان في ميانمار ضد الروهينغا. ويشدد مشروع القرار غير الملزم، الذي رُفع الى لجنة حقوق الإنسان التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، على «قلق شديد» للدول الأعضاء إزاء العنف و «اللجوء غير المتوازن إلى العنف» من سلطات ميانمار ضد الروهينغا. وقد تصوّت اللجنة على النص منتصف الشهر الجاري، على ان يُناقش أمام الجمعية العامة بعدها بشهر، علماً أنه يحظى بتأييد الدول ال57 الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي.