قاومت الصين أمس، ضغوطاً من باريس وواشنطن لإجراء إصلاح سريع للنظام النقدي العالمي، اعتبره الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي «غير مستقر إلى درجة ربما تؤدي إلى تجدد الأزمة الاقتصادية العالمية». وأبرزت وجهات النظر المتباينة التي عُرضت لدى بدء اجتماع مجموعة العشرين، الصعوبة التي يواجهها ساركوزي في تحقيق هدف صياغة مسودة لإصلاح النظام النقدي العالمي نهاية العام. وأكد ساركوزي خلال اجتماع حضره وزراء المال ومحافظو مصارف مركزية وأكاديميون بارزون من الدول الأعضاء، أن «النظام النقدي والمالي العالمي لن يستطيع في غياب القواعد التصدي للأزمات والفقاعات المالية واتساع الاختلالات»، مضيفاً أن «من دون قواعد ورقابة يواجه العالم في شكل متزايد خطر التعرض لأزمات حادة وخطيرة». وتتولى فرنسا رئاسة الدورة الحالية لمجموعة العشرين، التي تجمع اقتصادات متقدمة وناشئة تمثل 85 في المئة من الناتج العالمي. ولم تبدِ الصين حماسة كبيرة للمبادرة أو لخطط ساركوزي الواسعة للإصلاح، وتخشى أن يكون الهدف الخفي إجبارها على السماح بتداول أكثر حرية لعملتها اليوان، وإزالة القيود على رأس المال بوتيرة أسرع مما تريد. وأشار نائب رئيس الوزراء الصيني في افتتاح الاجتماع، إلى أن «عملية الإصلاح ستكون طويلة الأجل ومعقدة». والغرض من الاجتماع الذي تستضيفه الصين في مدينة نانجينغ شرق الصين هو عرض الأفكار وليس اتخاذ قرارات. ومن هذا المنطلق، سأل ساركوزي: «هل حان الوقت لتوسيع مجموعة الدول الصناعية السبع، وأن تكون من مهماتها الرئيسة الإشراف على أسواق الصرف العالمية؟». وأكدت المجموعة هذا الدور في وقت سابق هذا الشهر، عندما تدخلت المصارف المركزية لمجموعة السبع في شكل منسق لبيع الين، ما أدى إلى خفض العملة اليابانية بعد قفزة هددت بتفاقم الضرر الواقع على الاقتصاد الياباني، الذي تأثّر فعلاً بالزلزال والتسونامي اللذين ضربا اليابان. وأعلن مسؤول ألماني كبير، أن برلين «تفضل تولّي مسائل العملة مجموعة أوسع من مجموعة السبع ربما تضم دول بريك (البرازيل وروسيا والهند والصين) إلى جانب المكسيك. لكن وزير الخزانة الأميركي تيموثي غايتنر، شكك في وجود «حاجة حقيقية إلى جهد دولي لإصلاح النظام النقدي العالمي». ورأى أن «المشكلة الأكبر هي عدم اتساق سياسات الصرف الأجنبي». ولاحظ غايتنر، من دون أن يسمي الصين، أن «بعض الدول الناشئة تعتمد على أنظمة صرف تخضع لرقابة صارمة، ما أدى إلى تفاقم أخطار التضخم في اقتصادات هذه الدول والضغوط الصعودية في دول أخرى ودفع البعض إلى الدعوة إلى اتخاذ إجراءات حماية». ولفت نائب رئيس الوزراء الصيني وانغ، إلى أن بلاده «تأخذ بالفعل خطوات لتقليص اعتماد اقتصادها على الصادرات، تشمل تعزيز الطلب المحلي». ووردت تصريحاته بعدما سمح «بنك الشعب الصيني» (المركزي) لليوان بالارتفاع إلى أعلى مستوى أمام الدولار منذ سماحه للعملة باستئناف الارتفاع في حزيران (يونيو) الماضي. لكن أكاديميين صينيين بارزين، كرروا تصريحات وانغ مؤكدين أن بكين «ستتغير بالوتيرة التي تحددها بنفسها». وأوضح المستشار الأكاديمي للمصرف المركزي الصيني لي داوكوي، أن «إصلاح النظام النقدي العالمي يجب أن يكون تدريجاً»، مشيراً إلى أن «الأولوية الرئيسة للصين هي تجنب حدوث تراجع مفاجئ في الدولار». وطرح ساركوزي، الذي سافر إلى اليابان في وقت لاحق، فكرة السماح لصندوق النقد الدولي ب «إدراج سندات في أسواق المال العالمية». واعتبر أن «الوقت حان لوضع جدول زمني لتصبح عملات ناشئة مثل اليوان جزءاً من حقوق السحب الخاصة لصندوق النقد الدولي».