كنت مديراً لتعليم البنات، وأنا إحدى مديرات المدارس التابعة لإدارتك، وتواصلي معك مثل أي مديرة تكتب لك من مكتبها خطاباً أو تطلبك في مكتبك مباشرة، إذا ما واجهت أمراً يستدعي ذلك، ولم يكن بيننا وبينك أي حواجز، بل كان التواصل والشفافية هما القائمان بيننا، أما وقد أصبحت مديراً للتربية والتعليم «بنين وبنات» لمنطقة القصيم، ونلت ثقة ولاة أمر هذه البلاد الطاهرة، وأوليت مسؤولية عظيمة تنوء الجبال بحملها، فلقد حمّل إناس كثيرون قلمي أمانة الكتابة إليك، ومن منبر «الحياة» أهنئك على هذه الثقة وأقول لك أعانك الله على هذه المسؤولية، ولقد وعدتهم أن أنقل لك آمالهم وتطلعاتهم عبر هذا المنبر، ووعدت طلاباً وطالبات أن أبوح بهمومهم لك، فالناس إذن يأملون فيك الكثير ويتطلعون إلى تحقيق بيئة تعليمية ناجحة، يستطيع فيها المعلم والطالب والمدير وولي الأمر أن تحقق آمالهم وأن تساعدهم في القيام برسالتهم، لذا فإن هذا المنصب الذي صرت إليه لاشك أنك تدرك أنه تكليف وليس تشريفاً... ولا شك أن هموم إدارتك كثيرة وكبيرة وتفرعاتها ممتدة على مدى مدن ومحافظات عدة، وبما أنك قبلت هذا التكليف فلا بد أن تقبل النقد والمصارحة، وأن تعمل على تذليل كل الصعوبات لتحقيق بيئة تعليمية صالحة، فهولاء الطلاب والطالبات والمعلمون والمعلمات وكل منتسب لإدارتك حقوقهم أمانة في رقبتك سوف تُسأل عنهم يوم لا ينفع مال ولا بنون، يوم لن تجد عن يمينك مساعدين أو مديرين أو مشرفين، فأول من سيحاسب عن القصور هو أنت، فالخليفة عمر بن عبدالعزيز يقول: «والله لو أن بغلة في العراق تعثرت لخفت أن أُسأل لما لم تسوِ لها الأرض»، فلا تسمح لأحد أن يسيء لهذه الإدارة، ولا تسمح لأحد أن يتسبب في التقصير في إعطاء الطلاب والطالبات حقوقهم. فكثير هم الذين يحيطون دوماً بأي مسؤول ويعوقونه ويكونون بطانة سيئة له، فكن مسؤولاً ينزل دوماً للميدان ولا يكتفي بتقارير تقدم له من دون أن يراها على أرض الواقع، ولا تكن مثل ذلك المسؤول الذي لا يخرج من مكتبه إلا لزيارات مرتبة ومعلن عنها، فوالله إن زيارة أي مسؤول لمدرسة بنين أو بنات قد أعد لها من قبل لن تحقق لأبنائنا أي فائدة، فإن لم يدخل المسؤول المدارس فجأة ويلتقي بأبنائنا ويسألهم من دون أن يتم اختيار الطلاب لك فلا حاجة لتلك الزيارات! فكم هي مدارس البنين التي يدرس بها أبناؤنا وتنقصها الكثير من الخدمات الإساسية، فصغارنا في عز الصيف تحت أشعة الشمس، وفي البرد يرتعدون من شدة البرد، فلا مظلات ولا أجهزة تقنية وإهمال لمناوبة الظهر من بعض مدارس البنين، ولا بد أن تغير السياسة القديمة التي توارثها بعض المحسوبين على تعليمنا من حيث اهتمامهم ببعض المدارس وتركيزهم على مدارس على حساب مدارس أخرى، فمن حق مدارس المنطقة الاهتمام سواء شمال المدينة أو جنوبها أو ما كان في القرى، فكم هي المدارس المهملة في القرى وكأنها ليست تحت مظلة وزارة التعليم، بل إن حالها، ولو كانت تابعة لجهة خيرية لكانت أفضل حالاً، وولاة أمرنا لم يعرف عنهم في أي خطاب لهم دعوة للاهتمام بفئة أو مكان من دون الآخر، بل كلمة ولي أمر المسلمين في بلادنا دوماً «المواطن أمانة في رقابكم». سياسة ولاة أمر هذه البلاد هي من يحثنا على أن نكتب وننقد ونعاتب وأن نبث الشكوى عندما تصلنا هموم الناس. لاشك أن تعليم البنات والبنين في منطقتنا فيه من الإيجابيات والسلبيات، فلتكن ذلك القائد والرجل الذي يضم الإيجابيات ويطورها ويقضي على السلبيات ويبحث عن صور الفساد ويقضي عليها، فالفساد فساد وإن تعددت صوره، بداية بما يتعلق بالمبنى المدرسي وصيانته والمبالغ التي تدخل إلى صندوق الإدارة وتؤخذ من المدارس هل يستفاد منها لمصلحة الطلاب والطالبات، أم لجهات أخرى من داخل الإدارة والمدارس؟! وليكن بينك وبين المعلمين والمعلمات لقاءات تجمعك بهم وتسمع لهم وحدهم فقط، مثلما تجتمع بغيرهم وحدهم، وتجتمع بمديري ومديرات المدارس وحدهم من دون غيرهم لا مشرفين ولا مساعدين، وتسمع للجميع همومهم وآمالهم صريحة، ولتكن ضد أي ظلم يقع على طالب أو طالبة أو معلم أو معلمة أو مدير أو مديرة، فإن أردت النجاح فاقم العدل، وقف مع الجميع تجد الجميع معك، وكن مع الحق يكن النجاح حليفك، ولتكن ممن يُدعى لهم. وإن نسيت فلن أنسى أن أذكرك بحق أبنائنا وبناتنا في أن يتعلموا في مبانٍ حكومية عظيمة صرفت عليها الدولة الملايين ينتظرها ولي الأمر لتدرس فيها ابنته وفجأة بقدرة قادر تستغل لتكون مقراً لإدارات وأقسام تابعة للإدارة وطالباتنا في مبانٍ مستأجرة أو مبانٍ مكتظة بعدد من المراحل، ما جعل تلك المدارس تفتقد إلى كثير من المرافق الحيوية والمهمة في تلك المدارس، ووالله إن أولياء الأمور لا تعنيهم أي أخبار إعلامية أو معارض تقام أو تكريم لهذا أو ذاك بقدر ما يهمهم أن تخاف الله في أبنائهم وبناتهم، وأن تعينهم على القيام بدورهم، فليكن هذا الأمر هاجسك، وأنت بإذن الله كذلك أحسبك ولا أزكي على الله أحداً. وفي الختام أثق تمام الثقة بأنك ستعيد قراءة مقالي هذا أكثر من مرة، ولن تهمل شيئاً مما ذكرته وهي رسالة أُؤتمنت أن أوصلها لك، فاللهم قد بلغت. إعلامية ومديرة لإحدى مدارس بنات [email protected]