بعد حفظها لأكثر من نصف قرن، نشرت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب 2891 ملفاً سرياً حول اغتيال الرئيس جون كينيدي لكنها ارجأت ل6 أشهر كشف بعض الوثائق، بحجة أنها «بالغة الحساسية». ويمكن أن يغذي هذا التأجيل سيل نظريات المؤامرة الذي لا ينضب حول هذا الملف، وإن كان الخبراء لا يتوقعون كشف معلومات خطرة بعد 50 سنة من اغتيال جون فيتزجيرالد كينيدي في 22 تشرين الثاني (نوفمبر) 1963 في دالاس بولاية تكساس. ووضِع 2891 ملفاً على الموقع الإلكتروني «للأرشيف الوطني الأميركي» مساء أول من أمس، بينما كان يُنتظر نشر 3100 منها. وذكرت إحدى الملفات المنشورة أن جريدة «كامبريدج نيوز» البريطانية تلقت قبل دقائق من عملية الاغتيال، اتصالاً من مجهول يشير إلى «أخبار بالغة الأهمية» من الولاياتالمتحدة. وأفادت مذكرة من نائب رئيس وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إي) في حينه جايمس إنغلتون بأن المتصل المجهول قال إنه «يجب على مراسل صحيفة كامبريدج نيوز أن يتصل بالسفارة الأميركية في لندن لنيل أخبار بالغة الأهمية، وأقفل الخط». وأضافت المذكرة أن وكالة الاستخبارات البريطانية «أم أي 5» أجرت حساباً أظهر أن الاتصال جرى قبل 25 دقيقة من إطلاق النار على كينيدي. كما أشارت إلى أن المراسل الذي تلقى الاتصال «معروف برجاحة عقله ووفائه ونظافة سجله العدلي». ويعود بعض هذه الملفات التي تتضمن عشرات وحتى مئات آلاف الوثائق التي لم تُنشر من قبل، إلى عام 1962 أي قبل اغتيال الرئيس ال35 للولايات المتحدة، ومن بينها محضر لاجتماع يوضح فيه رئيس (سي آي إي) أن جهازه يدرس إمكانات تخريب قطع من الصناعات الجوية يُفترض أن تُرسَل من كندا إلى كوبا. ويتوقع أن ينشغل المهتمون بالقضية بهذه الكمية الهائلة من المعلومات من تقارير لمديري مكتب التحقيقات الفيديرالي (أف بي آي) إلى مقابلات مع شهود كشفوا بعض الفرضيات للشرطة بعد أيام من اغتيال الرئيس. واعتبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب في بيان أن «الأميركيين ينتظرون ويستحقون أن تؤمّن لهم الحكومة أوسع إمكان للاطلاع» على هذه الملفات «ليكونوا على علم بكل جوانب هذا الحدث الحاسم». لكن إدارة «الأرشيف الوطني الأميركي» أوضحت أن «الرئيس سمح بالاحتفاظ موقتاً ببعض المعلومات التي يمكن أن تمسّ الأمن القومي أو حفظ النظام أو الشؤون الخارجية». ومعظم هذه الطلبات جاءت من وكالة الاستخبارات المركزية ومكتب التحقيقات الفيديرالي، وفق ما ذكر مسؤولون في إدارة ترامب. وأمهل ترامب أجهزة الاستخبارات 6 أشهر حتى 26 نيسان (أبريل) 2018 للتدقيق في الوثائق التي اعتُبرت حساسة وشطب الأجزاء الأكثر حساسية فيها. وقال: «ليس لدي خيار آخر اليوم سوى القبول بأن تُدرس بدلاً من التسبب بمساس قد لا يمكن الرجوع عنه بأمن أمتنا». وأضاف الرئيس الذي ساهم من قبل في عدد من نظريات المؤامرة حول اغتيال كينيدي: «في نهاية هذه المهلة سآمر بنشر كل المعلومات التي لم تتمكن الأجهزة من الإتيان ببراهين على أنها يجب أن تبقى سرية». ويمكن تحميل الوثائق البالغ عددها أكثر من 2800 من موقع «الإرشيف الوطني». وقال مصدر مأذون إن «الرئيس يريد التأكد من وجود شفافية كاملة ويريد نشر هذه المعلومات (التي لم تُعرف) بأسرع وقت»، لكنه أضاف أنه «ما زالت هناك معلومات حساسة في الملفات»، خصوصاً حول مخبرين «ونشاطات جرت بدعم من منظمات أجنبية شريكة وأجهزة استخبارات وأجهزة للشرطة». وخلصت لجنة تحقيق شكّلت بعد أيام من اغتيال كينيدي (46 سنة) وتحمل اسم لجنة وارن، إلى أنه قُتل برصاص القناص في البحرية لي هارفي أوزوالد الذي تحرك بمفرده. لكن هذا الموقف الرسمي لم يكن كافياً للحد من نظريات المؤامرة. وغذّت مئات الكتب والأفلام نظريات المؤامرة، مشيرةً إلى الاتحاد السوفياتي وكوبا، خصمي الولاياتالمتحدة في الحرب الباردة، والمافيا، وحتى نائب الرئيس آنذاك ليندون بي جونسون. وفي مواجهة الجدل العام، صدر قانون في عام 1992 يفرض نشر كل هذه الوثائق مع إبقاء بعضها سرياً حتى 26 تشرين الأول (أكتوبر) 2017، أي يوم أمس.