بدأت القوات العراقية أمس هجوماً على آخر معاقل «داعش» في مدينة القائم المتاخمة للحدود مع سورية، حيث يتعرض التنظيم لهجمات يشنها الجيش السوري وقوات سورية الديموقراطية المدعومة من واشنطن. وفي الشمال، دارت معارك عنيفة بالمدفعية الثقيلة الخميس بين مقاتلين أكراد والقوات العراقية المتوجهة إلى معبر حدودي مع تركيا على طريق أنبوب نفط ضخم في شمال العراق. وكان التحالف الدولي الذي تقوده الولاياتالمتحدة وصف عملية القائم ب «آخر معركة كبيرة» ضد «داعش»، ويتوقع ان تنتهي بالتقاء على جانبي الحدود لتطويق التنظيم في منطقة وادي الفرات الممتدة من دير الزور شرق سورية إلى القائم في غرب العراق. وقال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في بيان فجر أمس: «أعلن على بركة الله ونصره انطلاق عملية تحرير القائم (...) وليس أمام الدواعش غير الموت أو الاستسلام». وأضاف: «ها هي جحافل البطولة والفداء تزحف للقضاء على آخر معقل للإرهاب في العراق لتحرير القائم وراوة والقرى والقصبات في غرب الأنبار». وغالبا ما يعلن العبادي انطلاق العمليات العسكرية في كلمة تلفزيونية مسجلة، إلا أنه أعطى إشارة الانطلاق هذه المرة ببيان صدر بينما يزور طهران حيث التقى رئيس الجمهورية حسن روحاني والمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي. وأعلن قائد عمليات الجزيرة اللواء الركن قاسم المحمدي إن «عملية تحرير القائم (350 كلم غرب الرمادي) انطلقت من أربعة محاور». وأضاف أن «الجيش والشرطة الاتحادية وقوات الحشدين الشعبي والعشائري تشارك في العمليات بإسناد كبير من طيران القوة الجوية العراقية والتحالف الدولي». وأفاد التحالف في بيان بأنه شن 15 غارة على أهداف في منطقتي القائم والبوكمال ومحيطيهما في العراق وسورية. وبعيد ساعات على انطلاق الهجوم، أعلنت قيادة العمليات المشتركة تحرير قرى عدة، إضافة إلى قاعدة جوية ومواقع اسراتيجية جنوب شرقي القائم. وكانت القوات العراقية وفصائل «الحشد الشعبي» أعلنت منذ مدة أنها بدأت حشد قواتها شرق مدينتي راوة والقائم وجنوبهما، تمهيداً للهجوم على المنطقة التي يشير خبراء إلى أنها ستكون الأصعب بسبب جغرافيتها القاسية. وليل الثلثاء الأربعاء، ألقت القوات الجوية العراقية مئات آلاف المناشير في المنطقتين مؤكدة للسكان قرب «تحريرهم»، وداعية الإرهابيين إلى «الاستسلام أو الموت»، على غرار ما فعلته قبيل معارك الموصل وتلعفر والحويجة. وأعلن المجلس النروجي للاجئين، وصول أكثر من عشرة آلاف شخص إلى مخيمات للنازحين قرب الرمادي، قادمين من القائم ومحيطها، وذلك منذ بداية تشرين الأول (أكتوبر) الجاري. وأكد قائد «عمليات تحرير غرب الأنبار» الفريق الأول الركن عبد الأمير رشيد يارالله في بيان أن «قطعات الجيش والحشد الشعبي والحشد العشائري وشرطة الأنبار شرعت بعملية واسعة لتحرير مناطق غرب المحافظة، من بينها راوة والعبيدي وسعدة والكرابلة والقائم ومعامل الفوسفات ومنطقة T1 وكل المناطق والقرى المحيطة بها وتأمين الحدود الدولية بين العراق وسورية». وبعد ساعات على انطلاق العمليات العسكرية أفاد الناطق باسم «هيئة الحشد الشعبي» النائب أحمد الاسدي، بأن «قواته «حررت الطريق الرابط بين بلدتي القائم وعكاشات». ولفت إلى أن «القائم ستعود عراقية تزهو بنصر الأبطال من الحشد الشعبي والقوات الأمنية». وأضاف: «بإسناد طيران الجيش تم تحرير قاعدة سعد الجوية فضلاً عن أودية النصر، عبيد، الاغر، الحلقوم ووادي جحيش في المحور الجنوبي للقائم». وذكر الشيخ جمال شهاب المحلاوي، آمر «فوج حشد الغربية» العشائري «تحرير مفرق راوة»، واشار الى ان «القطعات تقدمت باتجاه مدينة القائم»، وزاد: «لم تكن هناك أي مقاومة سوى العبوات الناسفة وعجلة مفخخة مركونة على جانب الطريق تمت معالجتها وتفجيرها من بعد». وتشير المعلومات التي حصلت عليها «الحياة» عن مشاركة اكثر من 20 الف مقاتل من صنوف مختلفة في عملية التحرير، فضلاً عن 3500 مقاتل من الحشد العشائري الى جانب 10 آلاف من عناصر الحشد الشعبي وبدعم الطيران العراقي وإسناده. وقال صباح نعمان، الناطق باسم جهاز مكافحة الإرهاب ل «الحياة»، إن «قواتنا لم تشارك في المراحل الأولى من عمليات تحرير مناطق غرب الأنبار وأوكلت إليها مهمات الاقتحام»، واستدرك: «هذا لا يعني عدم مشاركتنا في عمليات تحرير القائم وراوة ولكن بحسب ترتيب ادوار عمليات التحرير، يكون اقتحام وتحرير المدن عادة من اختصاص عناصر الجهاز، كونهم متمرسين بفنون قتال حرب الشوارع». وتقدر السلطات الامنية عدد مسلحي «داعش» في القائم بنحو 2000 مسلح، ويرجح مراقبون حصولهم على دعم اضافي من معاقل التنظيم الإرهابي على الجانب السوري.