أسدل القضاء اللبناني الستار على قضية اغتيال الرئيس اللبناني الراحل بشير الجميل بإصداره حكماً غيابياً مبرماً بالإعدام في حق كل من حبيب الشرتوني العضو في الحزب السوري القومي الاجتماعي، والمسؤول عن شعبة الأمن في الحزب نبيل العلم، اللذين أدانهما المجلس العدلي بالجريمة التي وقعت في 14 أيلول (سبتمبر) 1982. وشمل الحكم، بعد 35 سنة و5 أسابيع على التفجير الذي نفذه الشرتوني بحقيبة متفجرات في مركز لحزب «الكتائب» وأودى بحياة الجميل و23 من رفاقه، بعد 21 يوماً على انتخابه، وقبل تسلمه مهماته ب9 أيام، تجريد كل من الشرتوني والعلم من حقوقهما المدنية. ويتردد أن الأول يقيم في سورية، فيما سبق لعائلة العلم وللحزب القومي أن أعلنا وفاة الثاني في البرازيل نتيجة مرض عضال قبل بضع سنوات، إلا أن المجلس العدلي لم يتلق وثيقة إثبات وفاته، فحكم عليه. (للمزيد) وفيما أعلنت زوجة صولانج الجميل زوجة بشير من على مدخل قصر العدل، يحيط بها نجلها النائب نديم ورئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل، أن «القضاء أعاد الهيبة إلى الدولة والمؤسسات... والمسيرة مستمرة لتحقيق حلم بشير بلبنان سيد حر ومستقل»، تظاهر مناصرون للحزب القومي الذي يعاني انقساماً، تحت عنوان «أصدقاء حبيب الشرتوني»، قرب قصر العدل وطالبوا بأن يحاكم القضاء اللبناني كل من اشترك مع الرئيس الراحل «بالتعامل مع العدو الإسرائيلي». وفصلت بين هؤلاء وبين مناصري حزبي «الكتائب» و «القوات اللبنانية» التي أسسها بشير الجميل في الحرب، وحدات من الجيش وقوى الأمن الداخلي، انتشرت بكثافة في المنطقة، تحسباً لصدام بين التجمعين. وحضر النطق بالحكم ابنة الراحل يمنى وشقيقه البكر الرئيس السابق أمين الجميل الذي كان انتخب عقب الاغتيال مكانه. وأعاد الحدث إلى الذاكرة حقبة حساسة من المراحل الدراماتيكية للحرب الأهلية والاجتياح الإسرائيلي للبنان. وأعقب صدور الحكم تجمع مناصري الجميل من «الكتائب» و «القوات اللبنانية» مساء قرب نصب للراحل في ساحة بشير الجميل في منطقة الأشرفية في العاصمة، وهتفوا «بشير حي فينا»، وانضم إليهم عدد من نواب بيروت والوزراء والسياسيين وقياديون من قوى 14 آذار، وحشد من المواطنين، طالبوا بالعدالة «لشهداء ثورة الأرز». وأذيعت خطب للرئيس الراحل. وألقى كل من النائب السابق إدمون رزق ونجله نديم كلمة في المناسبة. وقال الجميل: «كما نحتفل في الأشرفية سنحتفل غداً بكل شهيد ل14 آذار وللعدالة، لجبران تويني وبيار الجميل ورفيق الحريري، وكل شهداء ثورة الأرز ولكمال جنبلاط ومحمد شطح». وأضاف: «كل الشهداء الذين سقطوا من أجل حرية لبنان وسيادته». وزاد: «المجلس العدلي لم يصدر حكماً في حق الشرتوني والعلم فحسب، بل بحق منظومة كاملة متكاملة هي التي امتدت على 40 سنة ومدت معها الاحتلال ويد الإجرام بحق شهدائنا والتي ما زالت تحتل لبنان... عبر عناصر أخرى وأدوات أخرى... هناك أشخاص ينفذون اليوم مخططات إيرانية وسورية ببزة لبنانية». ثم انتقلت العائلة إلى بلدة بكفيا الجبلية حيث وضعت نسخة من الحكم القضائي على قبره. ونقل عن وزير العدل سليم جريصاتي قوله إنه سيقدم طلب استرداد الشرتوني، «وهناك تحقيق لمعرفة مكانه»، لتنفيذ الحكم في حقه. وهو كان أوقف عام 1982 فاعترف بالجريمة على أنها في إطار مقاومته الاحتلال الإسرائيلي، لكن جرى تهريبه من سجنه عام 1990. وأفاد حكم المجلس العدلي بأن الشرتوني استفاد من كون عائلة جده تقيم في المبنى ذاته الذي يقع فيه مكتب حزب «الكتائب» حيث نفذ الانفجار.