على وقع المنافسة الشرسة التي ألهبت حماسة عشاق الفئة الاولى في نهاية الموسم الماضي، ينطلق موسم 2011 في بطولة العالم لسباقات فورمولا واحد على حلبة "ألبرت بارك" الأحد في مدينة ملبورن الأسترالية. وشهد الموسم الماضي منافسة ضارية، اذ جمع خمسة سائقين أكثر من 200 نقطة قبل أن يحسم الألماني الشاب سيباستيان فيتيل اللقب على متن سيارة ريد بُل التي حلقت فوق الجميع وأصبحت هدفاً لباقي الفرق في الموسم الذي سينطلق في جائزة أستراليا الكبرى. ويتوقع أن يترافق الصراع المحموم مع هدير المحركات، نظراً لتوجود خمسة أبطال عالم سابقين ضمن الصراع للمرة الأولى منذ عام 1970. وضرب فيتيل بقوة في المرحلة الاخيرة، وتفوق بفارق 4 نقاط عن الإسباني فرناندو ألونسو سائق فيراري و14 نقطة عن زميله الأسترالي مارك ويبر، في حين حلّ سائقا ماكلارين وبطلا العالم سابقاً البريطانيان لويس هاميلتون وجنسون باتون في المركزين الرابع والخامس توالياً. وتأخر انطلاق الموسم الحالي بعد الغاء جائزة البحرين الكبرى التي كانت مقررة في 13 آذار (مارس) بسبب الأوضاع الأمنية في البلاد. كما سيختبر السائقون حلبة جديدة هذا الموسم في الهند في تشرين الثاني (نوفمبر). وستنطلق البطولة من الخريف الأسترالي في ملبورن وصولاً إلى الجولة الأخيرة المقررة في حرارة ساو باولو المرتفعة في البرازيل في 27 تشرين الثاني. يقول البريطاني كريستيان هورنر، الرجل الذي قاد ريد بُل إلى تحقيق ثنائية السائقين والصانعين الموسم الماضي: "سيكون الموسم اختبارا قوياً لنا جميعاً. سيكون طويلاً للغاية". ويشهد الموسم الحالي تغييرات فنية عدة، على غرار الجانح الخلفي المتحرك الذي سيسمح بمضاعفة السرعة في الخطوط المستقيمة في محاولة لرفع عدد التجاوزات، وعودة جهاز "كيرز" (كينيتيك اينرجي ريكافوري سيستم)، الذي يسمح بتخزين الطاقة الناجمة عن الكبح في بطارية لتستخدم لاحقاً عبر محول من أجل منح السيارة مزيداً من الأحصنة بهدف التجاوز (نحو 80 حصاناً، خلال 7 ثواني في اللفة). ووعد مزود الإطارات الجديد بيريللي بمزيد من الإثارة من خلال إطارات مصممة لسرعة أكبر لكنها تتآكل بسرعة أيضاً ما يعد بمزيد من التوقفات في مرآب الصيانة، الأمر الذي أثار ذعر بعض السائقين. ورفع فيتيل الصوت عالياً وحذر من إضراب محتمل للسائقين اذا لم يتوصلوا إلى حل مع الاتحاد الدولي للسيارات (فيا) حول الخطر الناتج عن عدم السيطرة على الأجنحة الخلفية المتحركة: "سنحاول التوصل إلى حل. لكن في النهاية، يمكن للسائقين أن يرفعوا الصوت ويقولوا: حسناً لن نسابق اذا لم نوافق على كيفية سريان الأمور". أما البرازيلي المخضرم روبنز باريكيلو فقال: "لا أفكر باستعمال كيرز والجانح الخلفي المتحرك في الوقت عينه خلال لفة سريعة". ووضع فيتيل الملقب "بايبي شومي" حداً للأخبار التي تتحدث عن إمكان إنتقاله إلى فيراري وذلك من خلال تمديد ارتباطه بفريقه الحالي ريد بُل حتى 2014، اذ قطع الفريق النمسوي الطريق أمام أي محاولة لخطف خدماته من خلال تمديد عقده لثلاثة أعوام اضافية. ولم يكتف الفريق بحسم مسألة فيتل وحسب، بل توصل إلى اتفاق من أجل تمديد عقد أبرز أعضاء الطاقم التقني وفي مقدمهم المهندس المصمم أدريان نيوي، وشمل مسألة تمديد العقود ل 50 شخصاً على المستويين الإداري العلوي والوسطي. ولم يكن قرار ريد بُل الاحتفاظ بخدمات فيتل مفاجئاً لأن هورنر بدا واضحاً حيال هذه المسألة عندما قال أخيراً أن في امكان السائق الألماني الانتقال إلى فيراري إذا أراد ذلك لكن بعد 10 أعوام، أي قبيل اسدال الستار على مسيرته. وسيكون فيتيل المتوج على حلبة مرسى ياس في أبو ظبي، ما منحه لقبه العالمي الأول ليصبح أصغر متسابق يتوج بطلا (23 سنة و4 أشهر و11 يوماً)، إلى جانب ويبر الذي عاش معه موسماً مضطرباً بعد إتهام السائق الأسترالي لفريقه بمنح فيتيل الأفضلية خلال السباقات. ويتمثل الخطر مجدداً أمام ريد بُل بفريق فيراري الإيطالي الذي برز في صفوفه العام الماضي الإسباني فرناندو الونسو بطل العالم مرتين، والذي كاد يخطف لقبه الثالث في أبو ظبي لولا سياسة التوقفات الخاطئة التي اعتمدها فريق "الحصان الجامح". وقال مدير "سكوديريا" الإيطالي ستيفانو دومينيكالي الذي يبحث عن نجاح يقدمه ل"الفريق الأحمر" ورئيسه لوكا دي مونتيزيمولو: "هذه السنة... يجب أن نفوز". ويبقى فريق ماكلارين من المرشحين الأقوياء لحصد الألقاب كونه يضم في صفوفه بطلي العالم السابقين هاميلتون المتعطش للألقاب والهادىء باتون. وقال رئيس الفريق مارتن ويتمارش: "يمكننا مفاجأة الكثيرين". وتتركز الأنظارمجدداً على الأسطورة الألماني ميكايل شوماخر بطل العالم سبع مرات، بعد موسمه المتواضع عندما عاد إلى صفوف مرسيدس وحقق مركزاً تاسعاً عادياً وكان أبطأ من زميله ومواطنه نيكو روزبرغ. لكن شومي (42 سنة) لا يزال مصراً أن مكانه محفوظ بين سائقي النخبة ووعد بتحقيق النتائج هذا الموسم. وتمكن عملاق فيراري السابق من التفوق على ألونسو في التجارب الأخيرة التي أجريت في برشلونة. وعلى حلبة ألبرت بارك، سيبحث ريد بُل عن فوزه الأول في ملبورن على رغم أن فيتيل كان الأول على لائحة المنطلقين العام الماضي، لكن مكاتب المراهنات ترشح فيتيل وويبر بقوة لانتزاع فوزهما الأول في أستراليا اثر بروزهم الكبير في استعدادات الموسم، وقال فيتيل: ""بالطبع سيكون هدفنا أن نكمل المسار من حيث انتهينا، لقد فزنا في السباق الأخير عن جدارة". ويأمل ويبر (34 سنة) بتقديم هدية مبكرة لجماهيره بتتويجه للمرة الأولى على أرضه، اذ لم يتمكن من الحلول أفضل من المركز الخامس في 9 مشاركات سابقة ولم ينه السباق 4 مرات. وعلّق ويبر الذي تصدّر الترتيب العام لفترة طويلة الموسم الماضي، على الحالة الرائعة التي يمر فيه فريقه: "نعم، نملك سيارة جيدة. لكن لن نقول إننا سندمر الجميع منذ السباق الأول. من الساذج قول ذلك، فيراري موجودة وماكلارين لن تتراجع إلىالوراء". ويعول فيراري، الذي توج في ملبورن 6 مرات في الأعوام ال 11 الأخيرة على ألونسو الذي أحرز اللقب في أستراليا قبل خمسة أعوام على متن رينو: "اذا نافست مع فيراري يكون هدفك الصراع على لقب بطولة العالم. اعتقد أن تاريخ الفريق وشغفه وحماسته للفوز أهم من أي شيء آخر". ويأمل البريطاني باتون بمعادلة رقم شوماخر بالفوز ثلاث مرات توالياً في ملبورن: "لم نستعد بعد كما يجب. لسنا على مستوى ريد بُل وفيراري بعد، لكن من يدري وقت السباق ماذا سيحصل، يمكن للأمور أن تنقلب. قد نفاجئ الجميع وأحصد لقبي الثالث توالياً". وفقدت البطولة موقتاً أحد نجومها بتعرض البولندي روبرت كوبيتسا (26 سنة) سائق لوتوس رينو لحادث خطر خلال مشاركته في رالي روندي دي أندورا بالقرب من جنوى الايطالية، وأصيب على أثره بكسور خصوصاً في يده اليمنى وساقه اليسرى، وخضع لأربع جراحات لعلاج يده وقدمه وكوعه وكتفه. وتعاقد لوتوس-رينو مع الألماني المخضرم نيك هايدفيلد ليحل مكان كوبيتسا، الذي كان زميله في بي أم دبيلو ساوبر بين 2006 و2009.