تنتشر عشرات الخيم على سفح تل تحيط به أشجار الزيتون، فيما يتراكض عشرات الأطفال منتعلين صنادل بالية، بينما المحظوظون منهم يرتدون جوارب، ويلعبون على أكوام قمامة نتنة، فيما تبسط الشمس أشعتها على جزيرة ساموس اليونانية شرق بحر ايجه. بعد حوالى سنتين على عبور أكثر من مليون مهاجر ولاجئ إلى أوروبا عبر هذه الجزيرة وغيرها، ما يزال الآلاف يعيشون أوضاعاً مزرية بعد أن خاطروا في حياتهم بعبور البحر. وقال ناوين رحيمي، وهو أفغاني من كابول ومعه زوجته «وصلنا الليلة الماضية. وكنا 42 شخصا على متن مركب صغير». وأضاف «صينيون باعوني خيمة بعشرة يوروهات»، موضحاً أنه كان يعمل مترجماً للجيش الأميركي. ويقيم حوالى 300 شخص من الأفغان والسوريين والعراقيين والأفارقة من دول مختلفة في هذا المخيم العشوائي، وهم ليسوا سوى حفنة من الأعداد المتزايدة أخيراً من اللاجئين القادمين من تركيا. وبحسب مفوضية الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين؛ وصل خمسة آلاف لاجئ إلى الجزر اليونانية في أيلول (سبتمبر) الماضي، بزيادة 35 في المئة مقارنة في الفترة نفسها من العام الماضي. وهذا يضع مزيداً من الضغط على مراكز مكتظة أساسا، في وقت تقلص وكالات الإغاثة عملياتها على الأرض. ويمكن مقارنة الرقم المسجل في أيلول (سبتمبر) الماضي، بما مجموعه 13 ألفاً و320 مهاجراً بين كانون الثاني (يناير) الماضي و20 آب (أغسطس) الماضي، بحسب المنظمة الدولية للهجرة. وتأتي موجة الهجرة الجديدة إلى أوروبا على رغم اتفاق بين الاتحاد الأوروبي وتركيا في آذار (مارس) 2016، أفضى إلى خفض كبير لعدد طالبي اللجوء، إلا أن التوتر السياسي يبقى سيد الموقف بين أنقرة وبروكسيل. وقال ناوين «قلت للسلطات إنني لا أريد البقاء هنا. وأريد التوجه إلى لندن، عمي يقيم هناك»، وكان يبحث عن قميص قطني ثان يقيه برد هواء شهر تشرين الأول (أكتوبر). وأضاف «البرد شديد هنا، لا مكان للاستحمام، الوضع سيء جداً». وعلى بعد مئات الأمتار من المخيم العشوائي تحيط الأسلاك الشائكة في مركز تسجيل في جزيرة ساموس يكتظ بأعداد كبيرة من الأشخاص. وفي المركز 700 مكان فقط لأكثر من 2500 لاجئ، والصحافيون ممنوعون من الدخول من دون تصريح. وقالت العراقية ثورة، وهي تنتظر في الخارج، «لا حمامات لا ماء، والطعام لا يناسب الصغار»، وهي تشير إلى أطفالها الثلاثة الذين تراوح أعمارهم بين سنتين وعشر سنوات، وهم يرتجفون من البرد. وأضافت أن القادمين الجدد يتوجهون إلى مركز التسجيل كل يوم، ليحصل كل منهم على عبوة ماء سعتها ليتر ونصف ليتر، وحصة غذائية. وعلى رغم أنهم تسجلوا في مطلع تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، إلا أن موعد مقابلتهم الأولى مع سلطة اللجوء اليونانية لن يكون قبل الثالث من كانون الثاني (يناير) المقبل. وإضافة إلى جزيرة ساموس، يقيم 11 ألفاً و722 مهاجراً في مراكز تتوزع على أربع جزر يونانية أخرى، هي: ليسبوس، وكوس، وخيوس، وليروس، والتي أيضا تستوعب أكثر بكثير من طاقتها القصوى البالغة 5576 لاجئاً. وقال المنسق الطبي في المركز اليوناني للوقاية من الأمراض مانوس لوغوثيتيس، «نحن في مأزق. وعليهم نقل اللاجئين إلى البر اليوناني»، مشدداً في الوقت نفسه على ضرورة احترام إجراءات اللجوء. وباشرت السلطات اليونانية الإثنين الماضي، نقل عدد من طالبي اللجوء الأكثر ضعفاً من ساموس وجزر أخرى إلى مخيمات أو شقق في البر اليوناني. وقالت مسؤولة مفوضية شؤون اللاجئين في ساموس ايرازميا رومانا «الظروف في الواقع صعبة جداً وصعبة جداً على الجميع». وأضافت «مسألة إدارة الوضع تعود إلى الدولة اليونانية». وغادر عدد من وكالات الإغاثة غير الحكومية التي عملت في ساموس منذ تفجر أزمة اللاجئين في 2015، بعد أن جفت مصادر تمويلها، بحسب بوغدان اندريه، أحد المنسقين في مركز مساعدة اللاجئين في ساموس. وقال «إن قراراً سياسياً للسلطات اليونانية ضروري في أقرب وقت ممكن»، محذراً من «كارثة» محتملة. ويخشى البعض أن تؤدي الأعداد الجديدة للواصلين والاكتظاظ إلى خلق توتر بين اللاجئين والسكان المحليين. وقال الياس يانوبولس، وهو صاحب محل في ساموس «الدولة تخلت عنا»، معرباً عن خشيته من أنه مع قدوم الشتاء والبرد والمطر فإن «اللاجئين قد يتمردوا».