اختار المخرج الفلسطيني الشاب محمد عيد مسرحية «رحلة حنظلة من الغفلة إلى اليقظة»، للكاتب السوري الراحل سعد الله ونوس، ليقدمها بنكهة فلسطينية بمشاركة عدد من المسرحيين الفلسطينيين الشباب. وقال عيد بعد عرض مسرحيته التي اختصر اسمها إلى «رحلة حنظلة» بعد عرض تجريبي على خشبة مسرح عشتار في رام الله: «هذه المسرحية قريبة من واقعنا وفيها فلسفة بسيطة يستطيع المواطن العادي تقبّلها والتفاعل معها». وأضاف: «شخصية حنظلة التي قدمت على خشبة المسرح بما فيها من مرار وبؤس تعكس ما يجري في واقعنا العربي. في كل واحد منا جزء من حنظلة». وورد في نشرة عن المسرحية التي أنتجها مسرح «عشتار»، أنها تتناول «حياة مواطن عربي طيّب القلب مستسلم لقدره، فهو زوج حنون وموظف تقليدي غير طموح». وتضيف النشرة: «حنظلة يمثل الضحية المثالية لأنظمة القمع في أشكالها الاجتماعية والسياسية المختلفة التي ما زالت قائمة... يجد حنظلة نفسه قد شارف على أن يفقد كل ما حوله نتيجة ضياعه داخل هذه الأنظمة». تبدأ رحلة حنظلة الذي أدى دوره الممثل الشاب مجدي نزال وسط مسرح بدا ديكوره بسيطاً، وغالبية الأشياء التي تدور في رأس حنظلة معلقة في سقفه من أختام وألعاب وأدوات طبيب منذ لحظة اعتقاله لسبب لا يعرفه. ويتعرض حنظلة في المشاهد الأولى من المسرحية التي تستمر 65 دقيقة للتعذيب داخل المعتقل. ولكي يخرج من السجن يقبل أن يدفع إلى سجانه رشوة، هي حصيلة كل ما جمعه طوال سنوات عمله موظفاً في مصرف. وينقل المخرج المسرحية من مشهد إلى آخر من دون إجراء كثير من التغيير على ديكور المسرحية أو توقفها، فكان كافياً إحضار سرير لينقل للجمهور مشاهد خيانة زوجة حنظلة. ولا يخلو المشهد من الكوميديا السوداء في هذا المشهد، الذي ينتهي بطرد حنظلة من المنزل فيحاول العودة إلى عمله في المصرف ليطرد منه هو الآخر. وكما يلجأ الناس إلى إي شيء لمعالجة سوء حظهم، يذهب حنظلة إلى المشعوذ الذي يكتب له. وقد أدى دور المشعوذ الممثل إدوار معلم، وهو الوحيد من الجيل القديم المشارك في هذه المسرحية. ويواصل المخرج تقديم الكوميديا السوداء على خشبة المسرح من خلال رحلة علاج لحنظلة في مركز طبي بدا فيه الطبيب (الممثل الشاب صهيب أبو غربية)، أكثر شخصيات المسرحية جنوناً. وتأخذ المسرحية الجمهور إلى طريقة تعامل الحكومة مع المواطنين عندما يذهب حنظلة لتقديم شكوى حول ما تعرض له. وفي هذا المشهد يلعب أربعة ممثلين أدوار المسؤولين ونراهم جالسين في استرخاء حول طاولة مرتدين الشورتات ويدخنون. ويسلك نقاش المسؤولين مع حنظلة مسلك التراجيديا السوداء ويظهر المسؤول بدور الأكثر حرصاً على المواطن، وحتى وإن تم اعتقال هذا المواطن أو تعذيبه أو طرده من البيت أو العمل. ويرى عيد أن شخصية حنظلة التي ارتبطت في أذهان الفلسطينيين بالشخصية الكاريكاتورية في رسوم ناجي العلي، لا تختلف كثيراً عن شخصية حنظلة في هذا العمل المسرحي. وقال صهيب أبو غربية الذي يشارك للمرة الأولى في عمل مسرحي خارج إطار الدراسة: «تمّ اختياري لتقديم دور الطبيب لأكون الأكثر جنوناً في العرض الذي يعكس الكثير من الواقع». وأضاف: «في هذا العرض عشنا رحلة حنظلة وفهمنا كثيراً من الأمور في المجتمع». ورأى الممثل الشاب إميل سابا، الذي قام بدور حرفوش أن «كل مشهد من المشاهد كان يعبّر عن شخصية مجنونة موجودة في فئة من المجتمع». وقال بعد العرض: «من الصعب أن تمسك كل الخيوط في هذا العمل المسرحي الذي عملنا على تقديمه بصورة جماعية». ويطمح المخرج إلى عرض المسرحية خارج الأراضي الفلسطينية، بعد الانتهاء من عروضها الخمسة التجريبية وعرضها أمام الجمهور رسمياً في منتصف الشهر الجاري. وقال: «لدينا خمسة عروض تجريبية أمام جمهور محدد اختير من طلاب الجامعات، قبل الانطلاق في عشرة عروض أمام الجمهور في مدن الضفة الغربية. نريد معرفة ردود الفعل على هذه المسرحية قبل عرضها أمام الجمهور العام».