إسلام آباد – أ ف ب، رويترز - اتخذت العملية العسكرية التي يشنها الجيش الباكستاني منذ أكثر من شهر ونصف الشهر على إقليم وادي سوات القبلي (شمال غربي) بعداً دراماتيكياً جديداً أمس، بعدما اضطر عدد كبير من المدنيين الى إخلاء مدن وقرى في الإقليم، اثر تلقيهم تحذيرات من الجيش من ان جنوده سيهاجمونها قريباً. وألقت مروحيات تابعة للجيش ليل الخميس - الجمعة مناشير في منطقتي كابال وماتا، وهما معقلان ل «طالبان» وسط سوات، وطلبت من المدنيين مغادرة منازلهم. وقال مسؤولون كبار في الإدارة المحلية ان «السكان استجابوا للطلب في شكل كثيف»، ما سيفاقم «الكارثة الإنسانية» الناتجة من نزوح 2.5 مليون مدني خلال ستة أسابيع من المعارك، بحسب تقديرات الأممالمتحدة والحكومة. وكشفوا ان القوات الحكومية التي تطوق المنطقة رفعوا حظر التجول لفترة ثماني ساعات صباحاً، من اجل الإفساح في المجال أمام المدنيين للهروب على متن نحو مئة حافلة سمح الجيش بدخولها الى ست قرى في منطقتي كابال وماتا. وتبعد القرى المعنية مسافة خمسة كيلومترات حول مينغورا، كبرى مدن سوات التي استعادها الجيش من «طالبان» قبل ستة أيام، بعدما اخليت بالكامل تقريباً من سكانها البالغ عددهم 300 ألف. ودعا ريتشارد هولبروك، المبعوث الاميركي الخاص الى باكستان وأفغانستان الذي يزور إسلام آباد حالياً، الدول الأوروبية والإسلامية الى مساعدة الأسر التي فرت من الصراع في سوات من اجل تجنب أزمة انسانية. وقال خلال تفقده مخيم شاه منصور على مشارف بلدة سوابي التي تبعد مسافة 80 كليومتراً من العاصمة اسلام آباد: «أستطيع تأكيد أن المهمة الرئيسية هي إعادة النازحين الى ديارهم، ما يتطلب امناً ومساعدة من باقي المجتمع الدولي». وأضاف: «كلفة مرحلة إعادة الإعمار مساوية لكلفة المرحلة الإنسانية»، علماً انه اعلن لدى وصوله الى باكستان الأربعاء الماضي أن الولاياتالمتحدة تهدف الى منح باكستان 200 مليون دولار فضلاً عن مبلغ 110 ملايين دولار تعهدت تقديمه فعلياً لمساعدة النازحين. واعتبر ان توفير الولاياتالمتحدة نصف المساعدات التي حصلت عليها باكستان حتى الآن «أمر غير جائز»، وسأل: «أين الدول الاوروبية. أين منظمة المؤتمر الإسلامي؟». ووجهت منظمة الأممالمتحدة نداء لجمع 543 مليون دولار. لكن مانويل بيسلير، رئيس مكتب الاممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، قال إن «المنظمة لم تتلقَ إلا خمس هذا المبلغ بقليل حتى الآن». وأضاف بيسلير «إذا واجهنا عجزاً في الموارد سنضطر الى تقليل حجم عملياتنا». وحض رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني بعد لقائه هولبروك الولاياتالمتحدة على إلغاء ديون بلاده، مؤكداً ان الحرب على المتشددين الإسلاميين وتشريد عشرات الآلاف من الناس فاقم المشاكل الاقتصادية». وبلغت ديون باكستان للولايات المتحدة 1.55 بليون دولار حتى 31 آذار (مارس) 2008. وقال: «يجب ان تسرع واشنطن بإرسال عتاد حربي الى باكستان، وان تعمل مع الكونغرس على زيادة المعونات الاقتصادية في شكل كبير»، فيما وعد هولبروك بأن تدرس الولاياتالمتحدة طلب باكستان إلغاء الديون، وان إجراءات ستتخذ لتعجيل إرسال إمدادات حربية الى باكستان. وفي مقابلة مع صحيفة «فاينانشال تايمز»، قال الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري: «نخوض معركة من اجل بقائنا. لن تغفر أجيال المستقبل لنا إذا أخفقنا. لا نستطيع تحمل الخسارة التي ليست خياراً مطروحاً بالنسبة إلينا». واتخذ زرداري موقفاً قوياً ضد التشدد، لكنه ما زال يجب ان يقنع باكستانيين كثيرين بانهم لا يخوضون حرباً نيابة عن الولاياتالمتحدة، على رغم كون باكستان حليفة للولايات المتحدة.